mercredi 19 janvier 2011

هكذا قابلت الرئيس صدام حسين


http://www.albasrah.net/ar_articles_2011/0111/abdul_180111.htm
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
هكذا قابلت الرئيس صدام حسين
شبكة البصرة
الدكتور عبدالإله الراوي
ملاحظتين مهمتين : 1- عندما تكلمنا عن صعوبة مقابلة المنتَخبين الفرنسيين في مقالنا (الدكتور عبدالإله الراوي: وهكذا أصبحت فرنسيا شبكة البصرة 17/10/2010) وعدنا القراء الأعزاء بتقديم هذه الكلمة، وها نحن نفي بوعدنا.
2- علي أن أوضح بأني لم أقابل الرئيس الشرعي للعراق، وهذه الكلمة قمت بكتابتها بعد أن التقيت مع امرأة مغربية قابلت الرئيس صدام حسين وسمعت منها الأسباب التي دعتها للذهاب إلى العراق والظروف التي دفعتها للقيام بالمقابلة التي سنذكرها.
3- إن المغربية المذكورة، للأسف لا تعرف القراءة والكتابة ولذا اضطررت أن أكتب ما قالت مع صياغة ما ذكرت بأسلوب بسيط،
وقد فضلت الطريقة الشبه روائية. آملا أن تحوز رضاكم، قراءنا الأعزاء.
منذ ثلاث أيام لم يدخل الغذاء إلى معدتي، إن كل ما كان يتقبله جسدي الماء والدموع فقط.
شريط الذكريات كان يقف حائلا بيني وبين الطعام، أما نومي فكان عبارة عن كابوس مستمر يتخلله في أغلب الأحيان المنظر الرهيب والمهيب الذي بثته كافة القنوات الفضائية، العربية والعالمية.
هل أصبت بالجنون.. ربما... لأني كما ترون بدأت من نهاية قصتي بدلا من بدايتها.
أولا : رحلة الآلام.
في الواقع إن قصتي غير معقدة، لقد تزوجت في ريعان الشباب وقد أنجبت ثمانية بنات وولدا واحدا.. وفي أحد الأيام أبلغني زوجي بأنه سيقترن بفتاة طالبا مني الموافقة فرفضت قائلة له سوف تنقطع العلاقة بينك وبيني نهائيا. على كل لم يهتم بردي بل تزوج تلك الفتاة.
لقد أصبت بصدمة كبيرة وقررت ترك زوجي دون أن أطلب الطلاق رعاية لوضع أولادي. وهكذا بدأت رحلة الآلام الأولى.
ولكن ما العمل وكيف أستطيع الآن تحمل العبء الثقيل.. إطعام عشرة أفواه، وأنا ليس لدي أي تأهيل أو شهادة دراسية، لا أستطيع تخيل رؤية أولادي يتضورون جوعا أو يتألمون بسبب العوز.. والجوع آفة لا تقهر.. الأم لا يمكنها سماع صراخ أي من أطفالها بسبب خواء معدته أو نقص في احتياجاته الضرورية.
كان في ذلك الوقت أكبر أولادي، بنت عمرها حوالي 16 سنة، وأصغرهم بنت أيضا عمرها 7 سنوات.
على كل شاءت المقادير أن تتصل بي إحدى معارفي، التي تعمل في مكتب للتشغيل الذي لديه علاقات مع الدول العربية، فعرضت علي العمل في العراق.
لم يكن لدي خيار وافقت مرغمة، فقامت بتسليمي ملف يحتوي على استمارات طلبت مني كتابة المعلومات المطلوبة مع تقديم المستمسكات التالية :
- شهادة حسن السيرة، شهادة عدم المحكومية، جواز السفر إضافة إلى عدة صور لي.
وقالت لي بأنه بعد إكمال المعاملة سيتم إرسالك إلى العراق لتعملين عند عائلة مكونة من الأب وهو موظف في إحدى دوائر الدولة وزوجته مدرسة ثانوية ولديهم بنت عمرها 14 سنة وولد عمره 12 سنة.
بعد إكمال الأوراق المطلوبة تم إرسالي للسفارة العراقية التي سهلت سفري بعد حصولي على موافقة الخروج من السلطات المغربية.
سافرت إلى العراق، في ربيع 1983، بعد أن زودت ببطاقة السفر من قبل العائلة العراقية.
وصلت مطار بغداد وكانت المدرسة العراقية في استقبالي.. وبعد السلام عليها مباشرة طلبت مني جواز السفر التي احتفظت به.. اعترضت على ذلك ولكنها قالت لي بأنه يجب أن يبقى في حوزتها.. وهنا شعرت بأني أصبحت مكبلة وإن رحلة الآلام بدأت ثانية في العراق.
في اليوم الأول لإقامتي لدى هذه العائلة وضعت لي المدرسة، ولغرض عدم ذكر اسمها أو كنيتها سأذكرها دائما باسم المدرسة، فراشا في الملحق بمأرب السيارة.. وكانت الروائح التي تنبعث من المكان سيئة بحيث أني لم أستطع النوم رغم معاناة السفر.
وفي اليوم التالي قلت لها : أنا لم آت من الشارع لأنام في هذا المكان.. فانا ربة بيت ولدي أولاد ينتظرون عودتي.. مؤكدة لها بأنه في حالة عدم إيجاد مكان مناسب لنومي فسأضطر لمراجعة وزارة الخارجية شاكية لهم معاملتها لي.. لكوني عاملة في بيتهم وليس عبدة تابعة لها. لأن زمن العبودية انقرض منذ مدة طويلة.
مما أرغمها للرضوخ لطلبي وأعطتني غرفة في الطابق الأول.. وهذه الغرفة كانت مخصصة لوضع الفراش الاحتياط وبعض الحاجيات غير الضرورية ومكان لتجفيف الملابس.
كانت المرأة، حقيقة، سيئة جدا ولا تسمح لي بأي استراحة بل إضافة لأعمال البيت ومداراة طفليها كانت تكلفني بالاعتناء بحديقة المنزل.. الخ.
علما بأني تعرفت على عائلتها التي كانت طيبة جدا وكان والدها تقيا ورعا ولذا لا توجد مقارنة نهائيا بين تصرفاتها وأخلاق والديها.
أما زوجها فلم يتكلم معي نهائيا ولم أتعرف على عائلته.
في نهاية الشهر الأول طلبت منها دفع الأجر المتفق عليه وهو 30 دينارا.. ورفضت قائلة لي : اتركيها تتجمع لدي.
بعد أن أمضيت ثلاثة أشهر طلبت منها أن تدفع لي ما أستحقه من أجور. فقالت : بعدين. قلت لها : أريد إرسال المبالغ لأولادي فرفضت.
ولذا اضطررت لمراجعة وزارة الخارجية.. وشرحت لهم كل تصرفاتها تجاهي ورفضها دفع أجوري. فتم استدعائها وسألوها لماذا لا تدفعي لها أجورها؟ قالت : دفعت لها أجورها وسرقت ذهبي.
فسألوها : هل تسامحيها؟ قالت : نعم أسامحها.
قلت : أنا لا أسامحها لأنها لم تدفع أجوري ولم أسرق منها أي شيء.
سألوني : هل عندك من تذهبين عنده؟ أجبتهم : لا أعرف أحدا.
أرسلونا إلى السفارة المغربية... ولسوء الحظ وجدت هناك الوسيط أو بعبارة أدق السمسار الذي يتعامل مع المكتب المغربي الذي أرسلني إلى العراق، وهذا الشخص، حسب معلوماتي، يستلم 250 دينارا عن كل امرأة تصل إلى العراق وطبعا إنه يعرف جيدا المدرسة التي دفعت له العمولة وعلاقته جيدة معها.
فقال لي مباشرة : انتن المغربيات تسودون وجوهنا. وكان هذا الشخص يعمل في شركة سيارات إضافة لعمله في السفارة.
وهنا تدخل أحد موظفي السفارة طالبا منها أن تقوم بدفع أجوري وأستمر بالعمل لديها.
قالت : أنا لست بحاجة لها وعليها دفع مبلغ بطاقة الطائرة لأدفع لها أجورها وجوازها.
وهنا انكشف كذبها وخداعها، بادعائها في وزارة الخارجية كما ذكرنا بأنها دفعت لي أجوري وبكوني سرقت ذهبها.
على كل تفضل علي أحد موظفي السفارة بتزويدي بعنوان عائلة مغربية من الدار البيضاء تسكن في بغداد، وفعلا قامت هذه العائلة بدفع مبلغ بطاقة الطائرة، فذهبت إلى المدرسة ودفعت لها المبلغ، ولكنها لم تف بوعدها، حيث لم تقم بتسليمي جواز سفري ولا بدفع ما أستحقه من أجور.
فقالت لي ربة العائلة المغربية بأنها تعرف عائلة من الرمادي تسكن في بغداد وهي بحاجة إلى عاملة، ذهبت إلى العائلة المذكورة واستقبلوني بطريقة محترمة وبقيت عندهم 15 يوما. ثم جاءت المدرسة إلى دار هذه العائلة بغيابي، ووضعت حقيبة فيها حلي ذهبية في غرفتي، واستدعت الشرطة لتقول لهم بأني سرقت حليها.
وبعد عودتي إلى الدار تم إلقاء القبض علي وبقيت يومين في المعتقل في مركز الشرطة، ثم عرضت على قاضي التحقيق الساعة 12 ليلا.
وقرر القاضي إطلاق سراحي صباح اليوم التالي، بعد أن شهدت صاحبة الدار واثنان من أولادها بأن المدرسة هي التي جلبت الحقيبة ووضعتها في غرفتي.
ولكن مدير المعتقل أبقاني 15 يوما إضافية سجينة دون معرفة السبب. وبفضل مراجعة أفراد من العالة التي أسكن عندها، لمدير السجن، تم إطلاق سراحي.
فقالت لي بنت صاحبة البيت الذين أسكن عندهم بأن هناك قاض يبحث عن خادمة.. فذهبت إليه وإذا هو نفس القاضي الذي حكم ببراءتي. فقال لي قدمي طلبا لمحاكمة مدير السجن الذي أبقاك 15 يوما رهن الاعتقال دون مبرر، فقلت له أنا أسامحه.
فوافق على أن أعمل في بيته ولكنه طلب رؤية جواز سفري.. فقلت له : إن الجواز لا زال لدي المدرسة.
عدت إلى غرفتي لدى العائلة التي من الرمادي، لقد فاتني أن أذكر بأني لم أعمل عند هذه العائلة التي لم تكن بحاجة لعاملة ولكنهم مع ذلك أعاروني الغرفة دون مقابل علما بأن هذه العائلة تتكون من ربة البيت التي عندها خمسة أولاد متزوجين جميعا ويسكنون في نفس الدار وبنت واحدة، وشرحت لصاحبة الدار عن مشكلتي وكيفية استعادة جواز سفري. فقالت لي : إن الرئيس صدام حسين يقابل، كل يوم خميس، كافة المواطنين الذين لديهم مشاكل لغرض إيجاد الحلول لها.
ثانيا : انقشاع الظلام.
يوم الخميس التالي أخذت الطلب، الذي قامت بكتابته ابنة صاحبة الدار والذي شرحت فيه قصتي بصورة مفصلة مع المدرسة، وأرفقت معه قرار القاضي ببراءتي من التهمة التي وجهت لي والمتعلقة بسرقة الحلي الذهبية، واتجهت إلى القصر الجمهوري الساعة العاشرة صباحا.
عندما وصلت إلى الجناح الذي يقابل فيه رئيس الجمهورية المواطنين وجدت خمسة أشخاص ينتظرون دورهم ن وكنت آخر من قابلهم في ذلك اليوم.
عندما جاء دوري دخلت الغرفة ووجدت أمامي رئيس الجمهورية صدام حسين، سلمت وحياني الرئيس وأشار لي بتسليم الطلب إلى الموظف الذي يجلس خلف منضدة ليس بعيدا عن مكتبه.. ثم طلب مني الجلوس، وسألني : من أين أنت؟ قلت له : أنا مغربية.
فقال : أهلا وسهلا بالمغرب العربي.
بعدها أشار لمدير مكتبه لقراءة عريضتي. بعد انتهاء قراءة الطلب التفت إلي الرئيس قائلا : ما ذا تريدين؟ قلت له : أريد جواز سفري مع مبلغ بطاقة الطائرة وأجوري.
دق الجرس وجاء أحد العسكريين فقال له الرئيس : اذهبوا مع هذه المرأة واطلبوا من صاحبة الدار أن تسلم لها المبالغ المطلوبة مع جواز سفرها، فإذا سامحتها بعد استلام ما تريده اتركوها.. وإذا لم تسمحها اجلبوها وإذا رفضت الدفع اجلبوها.
اتجهنا إلى بيت المدرسة في سيارتين مع خمسة من العسكريين، وصلنا إلى الدار ودق أحد العسكريين الجرس بقوة.. خرجت صاحبة الدار.. وتغير لونها بعد رؤيتها القوة العسكرية.
سألها أحدهم، وقدرت بأنه رئيس المجموعة لكوني أجهل الرتب العسكرية، : أتعرفين هذه المرأة؟
قالت : نعم.. كانت تعمل عندنا ولكونها سيئة طردتها.
في هذه الأثناء وصل زوجها من العمل وكانت الساعة الرابعة بعد الظهر فسألني : ماذا حدث؟
فشرحت له كل شيء. فقال : أنا ليس لدي علم بكل ما ذكرته لي. والتفت إلى زوجته قائلا لها : أعطيها كل ما تريد.
بعد استلامي المبالغ وجواز سفري سألني المسؤول العسكري : هل تسامحيها؟ قلت : نعم. التفت إلى المدرسة وقال لها : هي أحسن منك كثيرا.. ولو كنت مكانها لن تسامحيها.
عدنا إلى القصر الجمهوري وكان الرئيس بانتظارنا، فقابلته وشكرته ودعوت له وحاولت تقبيل يده فرفض.
هكذا كان هذا الرجل. وأرى من حقي أن أتساءل الآن : لماذا أطلق أعداء العراق والأمة العربية على الرئيس صدام حسين " الدكتاتور الكبير!! " وهل هنالك رئيس دولة في العالم كله من يقم باستقبال مواطنيه، وبهذه البساطة والتواضع ورحابة الصدر ودون موعد.. لحل مشاكلهم المستعصية؟
في الحقيقة إن ما كان يقوم به الرئيس الوطني للعراق، في هذا المجال، لم يتم إلا في زمن الرسول (ص) وخلفائه الراشدين وربما قلة قليلة من الخلفاء العظام مثل عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنهم جميعا. ولكن في زماننا هذا لا نجد نهائيا.
بعد تلك المقابلة المباركة انقشع الظلام فعلا ووجدت عملا لدى عائلتي سفيرين عربيين الأول سفير اليمن والثاني سفير موريتانيا.
وأخيرا عدت إلى المغرب بعد أن قضيت أربع سنوات وثلاثة أشهر في العراق.. الذي أحببته كثيرا.. وهذه السنوات سمحت لي بزيارة كافة المزارات والأضرحة، في بغداد، الكاظم وأبا حنيفة وعبداقادر الجيلاني، وكذلك زرت النجف وكربلاء وسامراء.
وفي تلك الفترة لم أسمع بأن هنالك شيعة وسنة وحتى العائلة العراقية التي عملت عندها لا أعلم، ولحد الآن، أهي شيعية أم سنية.. وكذلك المزارات والأضرحة.
وتقع الطامة الكبرى باحتلال العراق وتدميره وخلق الفتنة الطائفية.... ثم أخيرا المنظر الرهيب والمهيب الذي بثته كافة القنوات الفضائية، عندما يتقدم البطل العربي صدام حسين شامخا إلى المقصلة، إنه منظر مهيب حقا، وهو يردد الشهادة رافضا وضع أي غطاء على رأسه أو على عينييه.. بينما كان جلادوه المقنعين بالسواد يرتجفون خوفا وهلعا.
وختاما أقول : نم قرير العين أيها البطل الكبير، فقد كنت رجلا في حياتك ورجلا باستقبالك الشهادة.
شبكة البصرة
الثلاثاء 14 صفر 1432 / 18 كانون الثاني 2011

Aucun commentaire: