dimanche 7 décembre 2025

بعض قادة العلويين والكيان الصهيوني

 

 

كلمة للقراءة والنشر

بعض قادة العلويين والكيان الصهيوني

شريط مهم يظهر أحد الشخصيات من العلويين والذي يقوم - وربما مع وفد – بزيارة الكيان الصهيوني للمطالبة بمساعدتهم لإقامة دولة علوية .

 

الدكتور عبدالإله الراوي .

 

أولا : ملاحظات مهمة قبل عرض الشريط :-

 

:- يحلو لنا أن نتساءل : لماذا الكثير من قادة الأقليات في الوطن العربي يخونون أوطانهم ؟

 

والأمثلة القريبة تاريخيا في هذا المجال ما حدث ويحدث في العراق وسوريا ، حيث أصبح بعض قادة هذه الأقليات  صهاينة بكل معنى الكلمة .

 ففي سوريا إضافة لهذا العلوي نستطيع وببساطة ذكر الهجري وعصابته الذين رفعوا علم الكيان الصهيوني واتجهوا لقادة أكراد سوريا الذين ساندوهم ووقفوا معهم .

 

ولا نريد الذهاب بعيدا بالنسبة لقادة أكراد سوريا ، بل نقول ووفق قناعتنا بأنهم تراجعوا عن الاتفاق الذي وقع بين الشرع وعبدي بناء على الضغط من قبل القائد الفعلي لجميع الأكراد وهو مسعود البرزاني الصهيوني .أما اوجلان فقد أصبح رمزا روحيا لا أكثر وبالأخص بعد اتفاقه  مع  السلطات التركية على نزع السلاح . هذا وفق تصورنا .

 

، وطبعا لا مجال لتوضيح وبالتفصيل مواقف البرزاني هذا ووالده ولكننا سنشير لبعض مقالاتنا في هذا المجال

- .

1:- لماذا أطلقنا على كردستان العراق الكيان الصهيوني في شمال العراق ؟ الدكتور عبدالإله الراوي

https://iraqrawi.blogspot.com/2010/03/blog-post_13.html

 

2:-. مستشاروا البرزاني الصهاينة .  القسم الأول .

 الدكتور عبدالإله الراوي

https://iraqrawi.blogspot.com/search?updated-max=2018-06-19T12:00:00%2B02:00&max-results=7&start=2&by-date=false

 

القسم الثاني : مستشارو البرزاني من الصهاينة الامريكان - الدكتور عبدالإله الراوي

https://iraqrawi.blogspot.com/search?updated-max=2018-12-26T10:11:00%2B01:00&max-results=7

 

وهذا لا يعني بأننا نتهم الأخوة الأكراد أو العلويين أو الدروز أو كافة قادتهم بخيانة أوطانهم ولكننا نؤكد بأن الخونة هم  بعض قادتهم .فقط .

 

ثانيا :- تقديم الشريط

 

لقد سمعنا هذا الشريط عدة مرات وكتبنا محتواه قبل أن نطلع علي الكلمة التي أرسلها لنا الأستاذ والأخ ماجد مكي الجميل بتاريخ 5/12/2015 واكتشفنا أنه قام مشكورا بذكر ما ورد بالحوار أي نفس ما قمنا به ولذا سوف نعتمد على ما قام به السيد الجميل مع بعض التعديلات مستفيدين مما قمنا به نحن .

 

يضاف لذلك قمنا بعمل رابط للشريط وسنذكره في آخر المقال . 

 

1:- المقدمة التي وضعها الأخ ماجد مكي الجميل  : ( يظهر في الفيديو أدناه شخص، يُقدِّم نفسه على أنه من الطائفة العلوية في سوريا، يلتقي داخل إسرائيل مع الإعلامي الصهيوني إدوارد حاييم كوهين حلاله، الشهير بكنية (إيدي كوهين). رغم أن الاسم الكامل لهذا العلوي لم يرد في مقطع الفيديو، لكن تأكَّد أنه سامر إبراهيم، يُقيم في الولايات المتحدة.

 

يبدو أن هذا الشخص يرأس وفداً علوياً إلى الكيان من خلال قوله ”نحن هنا” (أي في إسرائيل). يطلب هذا الشخص بوضوح وصراحة ”مُساعدة دولة إسرائيل لإقامة دولة علوية”. يُخاطب كوهين قائلاً: ”تخيَّل معي أن 700 - 800 ألف مُقاتل علوي مُجهَّز بأحدث الأسلحة الإسرائيلية وبغطاء جوي إسرائيلي … لصدّ  ها المد التكفيري الهائل”.)

 

أدناه نص ما جاء من الحوار في مقطع شريط  قصير (1:16 دقيقة)، وهو ليس النص الكامل للمقابلة، بكل تأكيد:

 

- كوهين : شو (ما هيَ) رسالتكَ لنتنياهو ؟ شو بتطلب منه؟ هون، هون المنبر.

سمير: هاي كلام كثير مهم. نحن هنا بدنا (نريد) مساعدة إسرائيل لإقامة دولة علوية.

- كوهين : [مقاطعاً]: دولة علوية ؟

- سمير :  دولة علوية .

- كوهين : لا أقل ولا أكثر.

سمير : لا أقل ولا أكثر. دولة علوية. تخيَّل معي، أن 700 - 800 ألف مُقاتل علوي مُجَهَّز بأحدث الأسلحة الإسرائيلية وبغطاء جوي إسرائيلي، وتحالفنا مع إسرائيل.

- كوهين [مقاطعاً]: مِن وين عندكم 700 ألف؟

- سمير: عندنا. في منطقتي نصف مليون علوي في دمشق لحالها، ما حكيت عن الساحل.

- كوهين: طلعوهُم من بيوتهم؟

- سمير: طلعوا. بعضهم في السومرية (من ضواحي دمشق/جنوب غرب). طلعوا، وهدَّدوا ، في (يوجد) خزَّان كبير جداً من العلويين في دمشق، والساحل معروف.

- كوهين : [مقاطعاً]: شو رسالتك لنتنياهو؟

-سمير : الدعم. الدعم. يعني المصلحة مشتركة ، بصراحة. إسرائيل دولة متقدمة علمياً وتكنولوجياً وعسكرياً ويلزمها، مثل ما -نقول، عالم (ناس) عددياً ليتحالفوا لصد هذا المد التكفيري الإرهابي الهائل، فأتمنى منه (مِن نتنياهو) المساعدة بإنشاء دولة علوية وستكون جنَّة بيننا وبين إسرائيل.

- كوهين:[ضاحكاً ومُستَهزِأً]: يعني التحالف عا المكشوف؟ يعني ما بيستحي الأخ سامر؟ بدنا، بدنا…

- سمير: [مقاطعاً]: نحن هون (هنا)…

- كوهين [مواصلاً]: شو يعني تَصَهيَّنا ؟ [ينتهي الفيديو]. لكن في فيديو آخر مُطابق، جاءت العبارة الأخيرة لكوهين كما يلي: ”شو يعني تَصَهيَّنا أكثر من صهيون، مثل ما يقولوا؟”ذ

 

رابط الشريط

https://abdulilahalrawiashreta.blogspot.com/2025/12/blog-post.html

dimanche 7 décembre 2025

سامر إبراهيم مع الإعلامي الصهيوني ايدي كوهين :- بدنا ( نريد ) مساعدة إسرائيل لإقامة دولة علوية .

Publié par iraqrawi

 

الدكتور عبدالإله الراوي

دكتور في القانون محام عراقي سابق وكاتب وصحافي مقيم في فرنسا

iraqrawi@gmail.com

تجدون كافة مقالاتنا التي نشرت بعد الغزو على

http://iraqrawi.blogspot.com

http://abdulilahalrawiashreta.blogspot.com

jeudi 4 décembre 2025

قصة قصيرة ....لو كنت أرضا لتقأتهم

 

قصة قصيرة ... لو كنت أرضا لتقيأتهم

 

الدكتور عبدالإله الراوي

 

إن لدي رغبة مجنونة لأبصق في وجوه أغنياء الأرض جميعا .. هكذا قذف سامي بعبارته  المهزوزة هذه .. وهو يجر آهة محرقة . نظرت أليه .

- سامي أنت سخيف .. لأنك تريد أن تبصق بوجوههم .. أو عفوا أنت طفل وإلا ما معنى أن تبصق بوجوههم ؟ ا ما فائدة تصرفك اللا مجدي هذا ؟

 

- حامد ألا تعلم لماذا أريد أن أبصق بوجوههم .. لأنهم حقراء .. إنهم يستطيعون التلذذ بمباهج الحياة دون أن يعيقهم عائق . أما أنا فأي مشروع أحاول السير فيه يجهض .. يموت قبل البدء به لأنه يحتاج لمبالغ مالية .. السيارة لا تسير بلا وقود .. الإنسان لا يستمر بالعيش بدون هواء وغذاء .

 

هذه هي الحقيقة .. ركز نظرك على هذا الصعلوك القذر إنه يقود سيارته الفارهة بتبختر وهذه الفتاة الجميلة بجانبه . أما أنا فسأموت وأنا أحلم .. أحلم بلحظة واحدة أكون قادرا فيها على تلبية متطلباتي الملحة .

ولذا أريد أن أبصق بوجوههم لكي أشعر باللذة .. لذة احتقارهم..أريد إشعارهم بأني إنسان ال ( أنا ) عندي كما هي عندهم  أنا كائن حي ... أريد إرغامهم للاعتراف بي ..الاعتراف بكينونتي.. بوجودي ..ألا زلت تعتقد بأني طفل ؟

 

- نعم إنك لازلت طفلا .. أتدري لماذا ؟ لأن تصرفك اللا مقنع هذا لا يؤدي لأي نتيجة .. أنت مثالي وتتصور الأغنياء مثلك .. أنت تعتقد بأن الأغنياء يخجلون .. أو يشعرون بالاحتقار لأنفسهم عندما تبصق في وجوههم .

 

. لا يا أخي إنهم لم يصبحوا أغنياء إلا بعد أن حذفوا كافة القيم من معاجمهم .. الكرامة..الأخلاق  النخوة ..الخ  ولذا فإن بصاقك مجرد ماء .. سيزيلونه بأحد مناديلهم الثمينة .. ثم يعقمون مكان بصاقك بالعطور المستوردة من أرقى المحلات المشهورة في العالم .. ويذهب جهدك هباء .

 

آنت حقا طفل .. لا أدري لماذا تذكرني بحلم سمعته من أحد الثوريين السذج . وهو أخ أحد رفاقي في الموصل وهو مجرد عامل بسيط  لا يقرأ ولا يكتب .. كنا نتكلم أنا ورفيقي حازم عن الثورة الاشتراكية المقبلة وإمكانية تطبيق العدالة الاجتماعية ورفع المستوى المعيشي للطبقات الكادحة وإذا بصاحبنا الثوري هذا ينهض من مقعده هائجا .. ثم يقول :-

 

- هذه هي أحلامكم المتعفنة .. إن ثورتكم هذه لا تحقق حتى ذرة من أمنيات الكادحين ..حيث أن الثورة التي أحلم بها وأريد تحقيقها لا تلتقي لا من قريب أو من بعيد بثورتكم .. أنا أحلم بأن نقوم نحن الكادحون ومباشرة بعد القضاء على الطغمة الحاكمة بقطع الكهرباء وأي نوع من الإنارة ونتجول ليلا في الشوارع والبيوت وكافة الأماكن التي يتواجد بها الناس .

 

وهنا نبدأ بإيقاف كافة الرجال ، بصورة خاصة ، ونتلمس أيديهم وكل رجل يديه ملساء يتم إعدامه رأسا وبدون أي سؤال أو تحقيق وكل من يديه فيها آثار خشونة العمل نقبله . وهكذا لا نبقي إلا من يستحق الحياة .. الرجال القادرين على إسعاد المجتمع .. العمال والفلاحين ، النواة الحقيقية لإسعاد البشرية .. هؤلاء الذين تعاملوا بصورة مباشرة مع الأرض أو مع الآلات والأدوات اليدوية وغيرها ، أما البرجوازيين فإلى مزبلة التاريخ .

 

قد أسأل لماذا نقوم بعملية التنقية هذه ليلا فأجيب حتى لا ننظر لوجوه وأشكال الناس الذين قد يكون بعضهم من المعارف أو الأقرباء أو من يستحق الرأفة لكبر سنه أو مرضه .. الخ .أي حتى لا نستثني أحدا من هؤلاء .

 

أرأيت أنت تشبهه  إلى حد ما .. إنه لا يريد البصاق بوجوه الأغنياء مثلك ، ولكنه وبكل بساطة يحلم بإلغاء كافة البرجوازيين من الوجود .. ثوري من نوع خاص ، أو ما يسميه هو : العنف الثوري . .

 

أما ما أفكر به أنا فلا علاقة له لا بأمنياتك ولا بأحلام صاحبنا الذي يطلق على نفسه ثوري .أنا أكثر واقعية لكونني أقول : لو كنت أرضا لتقيأت أغنياء الأرض جميعا نعم أتقيأهم وألقيهم في مغسلة وأصب عليهم كثيرا من الماء ويذهبون إلى لا عودة .لكونهم مرضا خطيرا.. سرطان قاتل .

 

- حامد في هذه الحالة  بماذا تختلف عن صاحبك الثوري الساذج فهو يريد إعدام البرجوازيين وأنت تريد أن تقضي ، بطريقتك الخاصة ، على جميع الأغنياء ؟ .

 - لك الحق ولكن الفرق كبير جدا فهو يريد القضاء على أكثر من سبعين بالمائة من الرجال بينما الأغنياء لا يشكلون أكثر من واحد من بين كل ألف من المواطنين .

 

نظرت إلى سامي .. غمامة رعناء تغلفه .. تقلصات وجهه تعبير واضح عما يعانيه من صراع داخلي .. إنه يختنق .. مسكين سامي يتصور نفسه أحد الفرسان ..أو العباقرة الذين لم تسمح لهم الظروف بإظهار قدراتهم .. هو يحمل على كتفيه معاناة سنوات طويلة من الفقر والضياع .

 

- حامد أتدري بماذا كنت أفكر .. لا تحاول لكونك سوف لا تستطيع الوصول إلى نتيجة .. أنا إنسان منبوذ .. الحياة ليتها تتقيأني  أنا  أستحق ذلك . لأني لا يمكن أن أكون غنيا في يوم من الأيام .. كتبت علي اللعنة منذ مدة طويلة .

 

الأغنياء..أغلبهم جمع ثروته بطرق لا مشروعة بل دعني أقول جميعهم .. حسنا سأقص عليك قصتي . قبل حوالي سنتين فصلت من الشركة ، شركة النفط التي عملت بها لمدة ستة أشهر .. نعم فصلت على اثر إصابتي بحادث أثناء العمل من جراءه فقدت ثلاثة أصابع من يدي اليمنى .

 

لقد فصلتني الشركة لأن رئيس القسم الذي كنت أعمل به رفع تقريرا يوضح فيه بأني أصبحت غير مؤهل للعمل ككهربائي سيارات ولكن الفصل لم يثر في أي شعور بالحقد على رئيس القسم أو غيره ، لأني عوضت عن العجز الجزئي الذي أصابني أي عن أصابعي مبلغا قدره مائتي دينار .

 

لأول مرة في حياتي استلم مثل هذا المبلغ .. استلمت عشرين ورقة من فئة عشرة دنانير .. قضيت يوما كاملا ..أجوب محطات تعبئة الوقود حتى استطعت تصريف كافة هذه الأوراق .. من عشرة دنانير إلى دينار واحد .. وهكذا أصبح لدي مائتي ورقة نقدية من فئة دينار .مائتين . أتصدق !!! ؟

 

كنت في ذلك الوقت أسكن في عمارة لأحد الذين أحقد عليهم .. كان لدى صاحب العمارة نسخة من مفتاح غرفتي كما كان لديه مفاتيح لكافة الشقق والغرف الأخرى في العمارة .

 

أنا مجنون .. كنت مساء كل يوم .. أغلق باب الغرفة جيدا وأتمدد على سريري وأخرج المائتي ورقة وأنثرها على رأسي .. كنت أشعر بلذة لا يمكن تصورها ..كنت أشعر بأن كافة مباهج أكبر إمبراطور في العالم لا تعادل لحظة صغيرة من تلك اللحظات ... مجنون يلعب بأصابعه المقطوعة ويشعر مع ذلك بالسعادة الكاملة .

 

آه لو خيرت بين أية جنان أو مباهج وبين تلك اللحظات لما وافقت نهائيا . كنت عندما أستيقظ صباحا ..وأنظر الدنانير مبعثرة .. أشعر بأني أحيا .. ثم أقوم بجمعها وعدها .. مرتين أو ثلاثة قبل أن أعيدها إلى مكانها وأذهب إلى عملي .

 

أنت تتذكر يا حامد عندما كنا نعمل معا في محل تصليح السيارات لصاحبه حاج عبد الخالق .. وكانت أجرتي ربع دينار يوميا

كنت أقضي كل احتياجاتي وحتى إيجار الغرفة بهذا المبلغ التافه .. لأني لم أكن أريد أن تنقص أي ورقة من المأتي دينار .

 

عندما جاءت أمي من قريتنا وكانت مريضة .. أنت تتذكر جيدا ..نعم أمي لم أستطع أن أسحب لعلاجها من المأتي دينار ..استدنت منك خمسة دنانير لأخذ أمي للطبيب وشراء الدواء طبعا . وبقيت شهرين أعاني من الحرمان لأوفر الخمسة دنانير التي أعدتها لك .

 

لم أكن أرغب أن تنتهي تلك اللذة .. كل مساء انثرها من جديد  وفي الصباح اجمعها واعدها عدة مرات ثم أضعها في الدولاب الخشبي الذي في غرفتي وأغلقه .

 

كنت متأكدا بأن هذه اللذة لا تزول أبدا .. كنت أعمى أنا حقا طفل كما تقول ..طفل يخدع ..خدعت بالحياة آه لا أريد أن أطيل عليك في أحد الأيام جئت مساء إلى غرفتي .. فتحت الدولاب .. مددت يدي لأخذ كنزي وأنا كلي ثقة بأن اللذة ستدوم ..وإذا بيدي لا تلمس إلا الجدران الخشبية .

 

أصبت بالهوس ..ضربت الدولاب بقوة .. دخل أكثر من مسمار بيدي ..الدماء تقطر .. أصبت بالإغماء .. استيقظت وإذا بي على سرير في إحدى المستشفيات .

 

تذكرت كل شيء ..تذكرت أيضا المفتاح الذي لدى صاحب العمارة .

كتبت  في شهرآيار سنة  1966

 

الدكتور عبدالإله الراوي

دكتور في القانون محام عراقي سابق وكاتب وصحافي مقيم في فرنسا

iraqrawi@gmail.com

تجدون كافة مقالاتنا التي نشرت بعد الغزو على

http://iraqrawi.blogspot.com

http://abdulilahalrawiashreta.blogspot.com

 

samedi 15 novembre 2025

تنقية المواليد الجدد. قصة قصيرة

 

تنقية المواليد الجدد. قصة قصيرة

 

 الدكتور: عبدالإله الراوي

 

النسمات الخريفية تدفعنا للنوم بدغدغتها جفوننا ..تهدهدنا كأم حنون ..ونحن ممددين على سريرينا .،.أنا وسعيد ، على سطح  أحد فنادق مدينة  الموصل ، والذي جمعتني به صلة قرابة بعيدة لا أكثر .

 

الصمت عبادة .. إنه أكثر دلالة من الثرثرة ولكن الكلام يريح أكثر لكونه تفريغ ما لدى الإنسان حتى وإن كان مجرد ثرثرة كما هو الآن.

 

- ثائر ..لقد حان وقت  النوم ..وأريد أن أنام . بهذه البساطة يتكلم.. يريد أن ينام  شيء بديهي لا يحتاج لأي جدل .. يا له من سعيد .. بل تبا له من أبله ..

 

- سعيد أنت تحيرني بتصرفك الغريب هذا إنك تغفو بمجرد أن تقول أريد أن أنام ..وكأنك آلة ..أو ساعة توقيت .. ولكن ما الفرق بينك وبين الآلة..الإنسان يمتاز بالتفكير وأنت لا تفكر .

بينما كنت مسترسلا وجدت نفسي وحيدا .. ها هو سعيد اجتاز مرحلة الوعي ..منزلقا لحالة الموت المؤقت ..أو السعادة بالتخدير الطبيعي .

 

بقيت وحيدا متأملا النجوم المتلألئة على سطح السماء الحريري ، هذه  ذرات نارية متوهجة  تسقط ..معلنة موت أحد هذه الكواكب  أو كما كان يقول أجدادنا سامحهم الله . أن هذه الظاهرة دليل على موت إنسان . استمررت بالهذيان ..إنسان ألف الوحدة متقوقعا في زنزانته ..كمريض  في مستشفى الأمراض العقلية .

 

لقد تعود عل الوحدة .. آه العادة اللعينة .كنت أجادل نفسي جدال لا يجمعه إلا مائة كاتب من الجن .. فمرة تراني فيلسوفا عظيما وأخرى شاعرا كبيرا وأحيانا كبقية الناس العاديين أفكر في مشاكلي اليومية أو الأيام التي تنقضي خالية من أي معنى .

 

وفي بعض الأحيان أتطلع نحو المستقبل علي أجد بارقة أمل تمنحني إشارة الانطلاق نحو غد مشرق ...أو الوقوف أو النهاية  أفكار متشعبة ..دهاليز مظلمة بلا مخرج ..

 

عقارب الساعة تشير إلى الواحدة صباحا .. لقد سرق الوقت مني ..أفكاري لص قذر علي أن أنام .. تبا للأفكار ..لا يمكن الاستمرار على هذه الحالة أريد النوم مهما كانت الوسيلة .. عدت أتقلب في فراشي أشعر بضيق في صدري .. جميع هواء الكون لا يشبع ظمأي..إني أختنق .. نظرت حولي باصقا بكمية ضخمة من الهواء الفاسد.

 

الأفكار تلاحقني .. لا مفر.. والكل تؤدي ‘إلى طريق معتم .. مغلق ..النهاية ..الموت ..إن نهايتي ستكون الموت حتما .. العدم ..إذا ما فائدة المشاريع والأفكار وكل شيء .. ؟ نظرت إلى ساعتي إنها تشير إلى الساعة الثانية صباحا .. وعلي أن أستيقظ في الساعة السادسة لأذهب إلى عملي الممل . يجب أن أنام النوم الوسيلة الوحيدة القادرة على قطع سلسلة أفكاري ..الأفكار المزعجة التي اعتادت ملاحقتي كلما وضعت رأسي على الوسادة .. إن بيني وبين النوم عداء قديم .

 

التفت إلى سعيد إنه يغط في نومه غير مهتم بما يدور حوله .. كل شيء بسيط .. أأقوم وأشبعه رفسا علي أستطيع تحريك عقله الآسن.؟ ولكن لا ..إنه ينام نوما هنيئا وهو راض عن نفسه وأفكاره ..إن وجدت لديه أفكار .. أنا واثق بأني لو حدثته قليلا عما يدور برأسي لسخر مني واتهمني بالجنون .. الحق معه ..ما له ولهذه الأفكار الشيطانية ... الماضي ..مستقبل الإنسانية .إنه يعيش الساعة مطمئن البال .. وهذا أهم شيء !!!

 

أما الموت فعلى الإنسان أن لا يفكر به ويعدمه من قاموسه عدا أن يفكر بعمل الخير ..لأنه إن لم يستطع طرده من رأسه يموت قبل أن يراه .. إنها فلسفة رائعة حقا ..أنا فيلسوف كبير ..المجتمع المتعفن لا يقدر العباقرة .، ولكن ما دهاني لا أقتنع بهذه الفلسفة وأكتفي بالعيش في اللحظة التي أنا فيها ؟

 

غمضت عيني ..إغماض العين سهلا ولكن الدماغ .!!؟.آه لا أمل ، الليل والخيل والبيداء تعرفني ..لا ليس هذا وقت مثل هذا الشعر ..شعر البطولة .. شعر التسلط المبالغ فيه .. شعر من يبحث عن موقع قيادي في الحياة العادية .. ويبالغ بمدح نفسه .. لا علي البحث عن شعر .. لغو ..يقودني للنوم .ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي  اعتقد بأن القصيدة الأولى للمتنبي والثانية  لامرئ القيس . ولكن ليذهبوا جميعا إلى الجحيم .. المهم أن أنام.

 

عدت سارحا بصحراء أفكاري .. وأخيرا نمت ..لا أدري متى وكيف .. استيقظت على صوت يصرخ بي .. أنت إنسان واع  يجب أن تتمرد .فركت عيني لأتأكد  من مصدر هذا الصوت ..لا أحد بجانبي ، سعيد صخرة صامدة لا يحركها قبل صوت المنبه جميع ما أنتجته  معا مل نوبل من متفجرات .

 

إنها رؤيا ..هذه خيوطها المتشابكة بدأت تحل تدريجيا ..كنت أسير في طريق خاو لا نهائي ..وكنت ألهث كالكلب العطشان من كثرة ما سرت فيه ..السأم يأكلني ..يلتهمني بنهم .. صوت مدو : ماذا تعمل هنا  أين تريد ، الطريق طويل  ثائر أنا واثق بأنك لست كالآخرين ولكنك تزيف حقيقتك لتصبح مثلهم وهذا مستحيل ثائر  أنت إنسان واع يجب أن تتمرد .

 

لماذا كنت أسير في ذلك الطريق ولماذا استمررت فيه ؟ كنت مستمرا لمجرد الاستمرار ، أو لقضاء الوقت هروبا مما أنا فيه أليس كذلك ؟ ولكن من ذلك الشخص الذي نبهني للحقيقة  ؟ أهي حقيقتي .. أنا ؟ ولكن تبا لي ما هي الحقيقة  أو حقيقتي ؟ أم شخص مجهول كان يسير ورائي ترى من هو ؟

 

فكرت ..حقا أنا لست كالآخرين ..مثلا في عملي كم سألت زملائي في المعمل والذين يقومون بنفس العمل الذي أقوم به أن كانوا يشعرون بالملل أو الضجر.. يجيبوني بالنفي أو يقولون لي في بعض الحالات النادرة وللحظات قليلة  لا يلبث أن يزول .

 

أما أنا فكأنني والملل توأمان .. لا الحقيقة إن عملي ممل فأنا عامل في شركة للمرطبات وعملي هو الجلوس على مقعد وأمامي مسرف حديدي متحرك تمر فوقه القناني المليئة .. لأفحصها لأتأكد إن كان بينها واحدة فيها أي عنصر غريب أو فيما إذا كان لونها يختلف عن الأخريات .لأخرجها وأضعها جانبا .ليتم إعادة ملئها .

 

ها أنا جالس في مكان عملي وأنا أسمع نهيق رئيس المراقبين  بصوته المزعج يشتم ويلعن أحد العمال المساكين لماذا تأخرت لمدة خمسة دقائق ؟، العامل المسكين يعتذر ويقول : هذه هي المرة الأولى التي أتأخر بها لكوني سهرت قليلا لمرض أحد أطفالي لكن هذا الاعتذار لم يجد صداه لدى المسؤول المذكور .

 

القناني اللعينة تمر أمامي متلاحقة أحدها تدفع الأخرى .. أفعى طويل ..قبيح المنظر ، ولكني لا أرى لها رؤوسا ..بل تحولت جميعها إلى رؤوس تريد التهامي .

 

هذه قنينة غير ممزوجة جيدا ..وعلي إخراجها هذا هو عملي القيام بإخراج كل قنينة شاذة عن مثيلاتها ، إني منق اجتماعي أقوم بعزل كل شاذ لتعاد ولادته من جديد ..ليكون كالآخرين ولكن لو وجد هذا المنقي وكنته أنا فهل سأقوم بنفس العمل الذي أقوم به الآن ؟

لا لا يمكن ..يجب أن يسمح للمختلفين عن المجتمع بالعيش بين ظهرانيه ومزاحمته وإلا انعدم التطور .. ولكن لماذا التطور ؟

 

آه ليت في المجتمع مثل هذا العمل الانتقائي ..وإمكانية إعادة الولادة للشخص الغريب ليكون منسجما ومتجاوبا مع المجتمع  وسحقا للتطور .وللتقدم ، ولكن لا ..لا أوافق أن أكون من القطيع لا أريد انعدام الفروق وموت الآمال

 

- أيها الخامل.. ماذا تعمل .؟

ما هذا ؟ نظرت إنه مراقب العمل قلت له : ماذا أصابك ولم الصراخ ؟

- يا متعفن العقل ..قم إلى المدير لترى السبب .

 

حقا إنا متعفن العقل وإلا ما هذه الأفكار ..ها هو المدير منتفخا على كرسييه الدوار  ، ناظرا لي نظرة ملؤها الاحتقار .. قال بتهكم

- أين كنت طوال هذه المدة يا شاطر ؟

 

الرفض يتقمصني .. رفض قبول مكانتي الحقيرة من قبل  كومة  القذارة هذه .... أأصرخ بوجهه وأقول له كنت أفكر بمصير البشرية .. تفكير لم ولن تصله أنت بعقلك الآسن ولا أمثالك الحقراء ...ولكن لا يجب أن أسيطر على أعصابي ..

- كنت في مكاني يا أستاذ وأقسم بأني لم أتركه .

 

مد يده وهو يدمدم إلى دولاب بجانبه وأخرج عدة قناني .. وضعها على المنضدة وقال

- إني أعلم بأنك لم تغادر مكانك .. ولكن كيف مرت هذه القناني غير النظامية دون أن تشاهدها ؟ أظنها تركت مسيرتها وخدعتك بعبورها من خلف ظهرك ...أليس كذلك ؟ !! ؟

 

ماذا أعمل ؟ كيف أحتمل هذه الاهانات أأقفز عليه وأهشم رأسه بهذه القناني .. وليذهب إلى الجحيم ؟ ولكن لا .

- الحقيقة يا أستاذ كنت غارقا ببعض الأفكار .

 

وهنا انفجر ضاحكا باستهزاء.

- آه ..كنت تفكر .. أليس كلك ؟ خبرنا أين وصلت بأفكارك أيها الفيلسوف الكبير .. والعبقري الأثير ؟ هل تمكنت من تحويل التراب ذهبا ..أو الماء خمرا ؟ مسكين لقد ظلمك المجتمع ، ولم يدع لعبقريتك مجالا لتتفتح .. ها ..ها وغرق في قهقهة لا نظير لها إلا نعيق الغربان .

 

إنه ساذج كالآخرين لا يفكر إلا بالمال . والخمر . عاد المدير معلقا بعد أن خفت عاصفة الضحك.

-  الذنب ليس ذنبك ..نحن المذنبون . لكوننا نعين أطفالا مراهقين أمثالك في حين أن واجبنا يفرض علينا أن لا ندع لهم مجالا في معملنا لأنهم دائما مشغولوا  البال ..اليوم غضبت حبيبته ويفكر بوسيلة أو بأخرى لإرضائها .. ويوم آخر شاهد فتاة جميلة ملئت عليه قلبه وفكره .. ويحكم بأسلوب يمكنه من التقرب إليها .

 

وبينما كان المدير مسترسلا بسخريته هذه ، انفجرت ضاحكا ..إنه تافه كالآخرين ..لا أنا التافه لأني شاذ ولكن لا ..ألم يقل أحد الفلاسفة – بأن الإنسان الوحيد هو الرجل العظيم أو المتميز عن الآخرين ؟ ألم يكن أغلب العباقرة شاذين ؟

ولولا هؤلاء المتميزين لما سارت الحضارة بهذه الخطوات الجريئة .. ولشاخت الحضارات القديمة وماتت .

 

في هذه اللحظة شعرت بيد تضغط على يدي وتضع فيها ورقة .. علمت أنها أمر فصلي من العمل .

نظرت إلى المعمل خلفي وأنا أتذكر الثلاثة أشهر التي قضيتها فيه ..مضيعا لوجودي ..ومزيفا لشخصيتي ..حقا لقد كنت قنينة مرطبات لا أكثر .

 

كتبت في الموصل في الشهر السابع أو الثامن عام  1964

الدكتور عبدالإله الراوي

دكتور في القانون محام عراقي سابق وكاتب وصحافي مقيم في فرنسا

iraqrawi@gmail.com

تجدون كافة مقالاتنا التي نشرت بعد الغزو على

http://iraqrawi.blogspot.com

http://abdulilahalrawiashreta.blogspot.com