samedi 19 janvier 2008

الانتقال أو الموت

http://www.albasrah.net/ar_articles_2008/0108/abdal_180108.htm
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الانتقال أو الموت
شبكة البصرة
ترجمة وتعليق : الدكتور عبدالإله الراوي
شبكة البصرة

المقال الذي نقدم ترجمته هذا اليوم قامت بكتابته آن نيفا ، مراسلة مجلة لوبوان الفرنسية ، وتم نشره في نفس المجلة بعددها الصادر بتاريخ 3/1/2008 .

والذي دفعنا لترجمة هذا المقال كونه يتطرق لموضوعين مهمين : الجدران الإسمنتية وأزمة المهاجرين ، وإن المراسلة المذكورة قامت بمقابلة بعض العراقيين في العراق وسوريا .

ونظرا لكون المقال طويل نسبيا لذا سنحاول أن يكون تعليقنا مختصرا ، يتضمن :

1- إن المراسلة المذكورة أشارت ، كما تعود أن يؤكد أكثر الكتاب وبشكل خاص الغربيون وعملاؤهم ، : " إن الصراع بين الشيعة والسنة أدى إلى قيام الكثير من العراقيين بتغيير محل سكناهم . وكانت النتيجة القضاء على التوازن السكاني في البلد بأكمله ."

ونحن نؤكد هنا بأنه لا يوجد أي صراع بين الشيعة والسنة ، ولكن الصراع الحقيقي هو بين الصفويين والعراقيين الشرفاء من كافة الطوائف والأديان ، كما ذكرنا في مقال سابق . (ترجمة وتعليق : الدكتور عبدالإله الراوي : صدام حسين.... تنفيذ الإعدام قبل أوانه . شبكة البصرة . 15/1/2007 )

2- قضية جدران العزل : إن الكاتبة ستذكر بعض الأقوال اللطيفة لبعض العراقيين حول من تحمي هذه الجدران .. الخ . ولكننا سنشير إلى بعض الجوانب الأخرى المتعلقة بالموضوع .

إن العميل الصهيوني أحمد الجلبي ( الدكتور عبدالإله الراوي : قادة العراق الجديد !! وعملية التطبيع مع الكيان الصهيوني . شبكة البصرة . 25/8/2005 ) اتفق مع فريق عمل من الكيان الصهيوني لبناء جدران لتطويق 50 مدينة عراقية .

ووفق ما ذكر فإن هذا الفريق يعمل " بتنسيق كامل مع لجنة الحشد الشعبي والتي يرئسها احمد الجلبي لتطويق أكثر من خمسين مدينه في العراق بسياج عزل وإقامة سجون كبيره على غرار المخيمات الفلسطينية ومحاجر الهنود الحمر في أمريكا وسوف يقف على أبواب تلك السجون منتسبي المليشيات مرتدين زي الشرطة والجيش لقتل واعتقال أبناء تلك المدن وتجويعهم وحشرهم داخلها.

وقد عرض احمد الجلبي الخرائط والخطة على عزيز الحكيم في آخر لقاء بينهم ... وإن كاتب المقال ذكر أسماء الشركات الصهيونية وتفاصيل كثيرة لا مجال لذكرها هنا ( فريق عمل إسرائيلي يتفق مع أحمد الجلبي على تطويق 50 مدينة عراقية... ومقاول إسرائيلي يرمم شقة الربيعي بإسرائيل! . دار بابل . 19/11/2007 )

إن هذه الجدران كان هدفها تقسيم العراق ، ليس إلى ثلاث دويلات فقط ( الدكتور عبدالإله الراوي : تفتيت العراق والوطن العربي .. مطلب صهيوني – صليبي – صفوي . شبكة البصرة . 10/10/2007 ) ولكن إلى دويلات صغيرة لا يمكن حصر عددها ، وبالأخص فإن عملية العزل تتم من خلال توزيع بطاقات تعريف كما ذكر أحد المسئولين :

أعلن المتحدث العسكري باسم الحكومة العراقية في تصريحات نشرت أمس بأن الحكومة ستبدأ بتوزيع بطاقات تعريفية في " المناطق الآمنة " ببغداد لتنظيم عمليات دخول وخروج الأهالي فيها ولضمان منع تسلل المسلحين إليها.

وقال العميد قاسم عطا في تصريحاته التي نشرتها الصحف العراقية " إن بعض مناطق بغداد الآمنة سيتم توزيع بطاقات خاصة للمواطنين الساكنين فيها لتنظيم عملية دخولهم وخروجهم "، موضحا إن " هذا الأمر سيعمم على مناطق بغداد بعد تطهيرها من العناصر الإرهابية ". وأضاف: " ستقوم المجالس البلدية بتوزيع هويات على المواطنين الساكنين في القواطع الآمنة وفق آلية معتمدة من خلال المراكز الأمنية المشتركة وذلك لتنظيم عملية دخولهم وخروجهم من مناطقهم ولفرض الأمن ولفرز العناصر الإرهابية وضمان منع دخولهم إلى المناطق التي تم تطهيرها . ( توزيع بطاقات تعريف في أحياء ببغداد لمنع تسلل المسلحين .الشرق القطرية . 18/7/2007 )

وهذا يعني بأن كل من يريد الدخول إلى هذه المناطق لزيارة أحد أقربائه سيضطر للحصول على تأشيرة دخول !! ولكن للأسف لا نعرف الجهة التي تمنح مثل هذه التأشيرات !!

- كما أن الكاتبة لم تتطرق إلى الآثار السلبية الأخرى لإقامة هذه الجدران اللعينة ، فبالإضافة لما ذكرنا ، فإن أحد الخبراء في الاقتصاد يقول : شكلت هذه الكتل خسائر كبيرة لموازنة الدولة وجعلت السوق العراقية أكثر احتياجا إلى الأسمنت، حيث حولت الحواجز الإسمنتية العراق الذي كان يصدر الأسمنت منذ أكثر من 40 عاماً إلى مستورد له ، بل مستورد لأسوأ أنواعه .

وقال حسام الساموك الخبير الاقتصادي :" لا استطيع أن أعطي رقما تقريبا عن تكلفتها الحواجز الإسمنتية على الدولة " . مشيراً إلى أن سعر القطعة الواحدة الصغيرة الحجم يقدر بـ 300 دولار ".

وأشار الساموك إلى أنه وبفعل الاستخدام الواسع للكتل الإسمنتية تحول العراق إلى مستورد وارتفعت أسعار الاسمنت بشكل جهنمي بحدود 230 إلف دينار عراقي للطن الواحد في حين كان قبل 5 سنوات لا يزيد على 50 ألف دينار عراقي، أي ارتفع بنسبة 450 % للطن الواحد . ( بعد انتشار الحواجز الإسمنتية بالشوارع ..العراقيون يعيشون داخل سجن كبير . شبكة محيط . 24/11/2007 )

3- يقول أحد الرسامين الذين يعملون مع الحكومة العميلة لتجميل جدران العار نقوم : " برسم مناظر .... تصور العراق قبل الحرب . " ل : " السماح للمارة أن يحلموا " . أي يحلموا بالعراق قبل الغزو ، وهذا اعتراف صريح بأن النظام العراقي السابق أصبح حلما بالنسبة للمواطن العراقي . وهذا ما ذكرناه في إحدى مقالاتنا القديمة ( الدكتور عبدالإله الراوي : ماذا لو عاد صدام لحكم العراق .. ؟ شبكة البصرة . 2/8/2005 ) .

4- فيما يخص المهاجرين .

- ذكرت كاتبة المقال بشكل موجز قلة عدد العراقيين الذين عادوا من سوريا إلى الوطن والصعوبات التي يعانيها هؤلاء العائدون وقد أكدت عدة جهات هذه المعلومات نذكر منها :

أن جمعية الهلال الأحمر العراقية أشارت في تقرير لها في بداية عام 2008 أن 46 ألف شخص عادوا إلى العراق بين أيلول (سبتمبر ) و كانون الأول ( ديسمبر ) عام 2007 وهو رقم يقل كثيرا عما قدمته حكومة المالكي التي حرصت على تضخيم أعداد العائدين .

كما أكدت المنظمة الدولية للهجرة أن : النازحين العراقيون يبدءون العودة من الخارج ومن داخل البلاد، ولكن الإعداد الحالية للعائدين لا تمثل سوى نسبة ضئيلة من الذين فروا.
وأشارت المنظمة أن نسبة العائدين إلى بغداد لا تتجاوز 8 في المائة من عدد النازحين .
ويضيف التقرير الصادر عن المنظمة المذكورة : أن كثيرا من اللاجئين الذين يعودون من خارج العراق يعودون ليصبحوا نازحين داخل العراق؛ لأنهم قد لا يعودون بأمان إلى ديارهم أو لأن آخرين شغلوها.
وقد أكد 31 في المائة من العائدين إن ممتلكاتهم محتلة من قبل الغير.
وذكر التقرير : على الرغم من تراجع العنف وتباطؤ معدلات النزوح ومحدودية أعداد العائدين في عام 2007 إلا أنه لا يزال نزوح السكان داخل العراق والى خارجه واحدا من الأزمات الإنسانية الأكبر والأكثر خطورة في العالم". ( واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية في العالم.. قلة من المهجرين العراقيين يعودون إلى ديارهم . الهيئة . نت . 12/1/2008 . و العراق: تحذيرات دولية من كارثة إنسانية . الخليج . 12/1/2008)
5- في آخر المقال تمدح إحدى اللاجئات العراقيات الموقف السوري لقبوله العراقيين . وهنا علينا أن نشير ، رغم عدم رغبتنا بمدح النظام السوري ، بأن موقف سوريا أفضل من موقف أغلب الدول العربية الأخرى وبالأخص النظام المصري المتصهين الذي يعامل اللاجئين العراقيين معاملة سيئة جدا ومخالفة لكافة القوانين والأعراف الدولية والإنسانية ، وطبعا لا داعي لأن نتكلم عن الأخوة العربية أو الإسلامية ، لأن هذا النظام ليس له أي علاقة لا بالعروبة ولا بالإسلام . ( بفضل بوش والسيستاني - تقرير لشبكة تابعة للأمم المتحدة ــ لاجئو العراق يفضلون القتل بأيدي الميليشيات على الموت في مصر جوعًا .القوة الثالثة 14-01 -2008 )

6 – لكون الكاتبة ليست عراقية فقد وقعت بكثير من الأخطاء حول الأحياء المختلطة أو التي يقطنها أغلبية سنية أو شيعية ، مثل الكاظمية التي تقول بأن فيها بعض الشيعة .أو عندما تتكلم عن الضفة الغربية أو الشرقية من دجلة .. الخ . ولا نرى داع لذكر كافة التفاصيل لأن القارئ العراقي يستطيع معرفة هذه الأخطاء .

7- وأخيرا عندما يأمل أحد العراقيين ، ساخرا ، أن يدخل العراق موسوعة الأرقام القياسية ، ويقوم بتعداد ( فضائل تحرير العراق !! ) ينسى نقاط مهمة أخرى منها : تفشي الأمية في العراق ، وكون العراق لديه أكبر عدد من السجناء والسجون ، وكونه أصبح من أكثر الدول فسادا ، وبأنه أصبح أحد الدول المصدرة للمخدرات .

يضاف لذلك أن معدل وفيات الأطفال في العراق يقترب من مستواه في دول جنوب الصحراء في أفريقيا . ( ميدل ايست اون لاين 16 /01 /2008 )
والذي يريد تعداد فضائل التحرير !! سوف يكتب مجلدات دون حصر هذه ( الفضائل ) .


ترجمة المقال

الانتقال أو الموت

إن الصراع بين الشيعة والسنة أدى إلى قيام الكثير من العراقيين بتغيير محل سكناهم . وكانت النتيجة القضاء على التوازن السكاني في البلد بأكمله .

هؤلاء الرسامون لا يحملون حتى الصدرية البرتقالية التي تسمح لقائدي السيارات لرؤيتهم من بعيد .
في قلب الزحام في العاصمة العراقية ، ريشة الرسم بأيديهم ، هؤلاء الفنانون تم تعينهم من قبل أمانة العاصمة لغرض تلوين الجدران الإسمنتية . وعلينا أن نقول بأن هذه الجدران أصبحت حاضرة أينما نتجه .

في محاولة أخيرة لجعل هذه المدينة قابلة للحياة ، بعد أن أقام الأمريكان هذه الجدران في كل مكان : أمام العمارات ، والجامعات ، والشوارع ، ولغرض عزل الأحياء السكنية ، وأيضا لعزل المواطنين والطوائف . إن هذه الجدران غزت كافة الأماكن الخالية .

يقول كامل ، أحد المتحمسين للقيام بهذه العملية " التجميلية " : " نرسم مناظر هادئة ، بحيرات ، أنهار ، حقول لطيفة ... تصور العراق قبل الحرب ."
وهذه العملية ترمي إلى : " السماح للمارة أن يحلموا " .

ولكن شباب بغداديين يتساءلون : " لماذا لا يستعمل كل هذا الاسمنت وهذا الماء والرمل لأغراض أكثر فائدة ، مثل تشييد منازل للذين هم بأمس الحاجة لها ، والذين ، ربما ، يكونون هم الذين يرغموننا على الاحتماء ؟ "

بانتظار ما سيحدث ، فإن الأحياء المختلطة مستمرة بتشييد جدران العزل التي تشبه الجروح الحية التي تم تضميدها بصورة سيئة من قبل شخص غير مؤهل لذلك .

في أغلب الأحيان ، فإن هذا الطوق من الجدران يثير الحيرة : من يحمي في الحقيقة ؟ الجيش الأمريكي أو المدنيين ؟

بعض العراقيين يخشون من أن إمكانية المصالحة بين الطوائف تبتعد أكثر فأكثر كلما تم تشييد جدران أخرى .
بالنسبة لآخرين ، فإن الجدران الإسمنتية أصبحت مجالا للنكت ، مثل هذا الخباز ، الذي يأمل أن يدخل العراق " موسوعة غينيس للأرقام القياسية " : " لأن لدينا أكبر عدد من الوزراء ، وأكبر عدد من القوات الأمريكية ، وعندنا أكبر عدد من الجدران الإسمنتية التي تحمي جدران إسمنتية أخرى . ( قريبا يحتاج كل منا إلى جدار في سبيل المرور " بأمان تام " من غرفة نومنه إلى حمامه ! ) .

وأيضا نحن البلد الوحيد الذي تحدث فيه هذه الكمية الكبيرة من التفجيرات اليومية ! "

إذا كان أكثر من مليوني مواطن اختاروا الهروب إلى خارج البلد ، خلال السنتين الأخيرتين ، فإننا نلاحظ حركة نزوح مثيرة للمواطنين من منطقة إلى أخرى داخل البلد ، وكذلك من حي لآخر داخل العاصمة ، مما يؤدي إلى تغيير المعادلات الإحصائية والاقتصادية والاجتماعية للبلد .

وهكذا فإن مليوني عراقي ، ما يعادل 15% من المواطنين ، " مهجرين داخل البلد " .
العائلات تتنقل أو تعود وفق إحساسها بما تقوم به الكتائب من عنف ، مما يمنع القيام بأي إحصاء مقبول .
ولعدم ثقتهم بالسلطات الحكومية ، فإن العراقيين لا يسجلون عناوين إقامتهم الجديدة لدى هذه السلطات ، يضاف لذلك ففي بعض الحيان من الصعوبة الذهاب إلى العاصمة لهذا الغرض .

قي بغداد ، من الصعوبة ، تقريبا ، أن تصادف إنسانا لم يقم بتغيير الحي الذي كان مقيما فيه ، بسبب حوادث مأساوية .
الحياة المشتركة لم يعد لها وجود ، كل شخص فقد جذوره وعليه أن يتأقلم .

وهكذا فإن الضفة الشرقية من دجلة أصبحت تدريجيا مسكونة من قبل الشيعة فقط ، مع استثناء واحد تقريبا حي الأعظمية الواقع على ضفة النهر ، والذي جميع قاطنيه من السنة . وهذا الحي مطوق بالجدران الإسمنتية التي حصرته بشكل محكم تقريبا .

الضفة الغربية ، تقريبا كليا للسنة فقط ، حسب الحدود الجغرافية التي لم تحدد بشكل واضح ولكنها معروفة من قبل الجميع ، مع استثناء حي العامل الذي بقي " مختلط " وكذلك الكاظمية التي يقطن فيها بعض الشيعة .

التصريحات الحديثة للضباط الأمريكيين الكبار تؤكد بأن انخفاض عدد الجثث التي تكتشف يوميا لم يزل الرعب لدى المواطنين .

-: " إنني أقضي أيامي في هذا المعرض الذي أشعر فيه ، تقريبا ، بنوع من الآمان . " أسر ماهر لطيف الخزفي المعروف والذي أصبح رساما رغما عنه ، بسبب عدم وجود الكهرباء الكافية لصنع تماثيل فخارية . الذي يقول : " إن حقيبتي التي حملتها معي بعد الظهر ، موضوعة في إحدى الزوايا ، ولا أدري أين أنام هذا المساء . "

قصة ماهر المأساوية ممكن أن تؤثر على نمط حياته إلى ما لا نهاية .
هذا الفنان السني الذي يقيم في حي البنوك ، حي شيعي ليس بعيدا عن مدينة الصدر ، في هذا الحي الذي قامت فيه ، الكتائب التابعة للإمام الشيعي المتعصب مقتدى الصدر ، حديثا بقتل 36 شخص من أصدقاء ماهر .

ولذا وخوفا على حياته وحياة ولده البكر ، اضطر مرغما لتغيير سكنه من الضفة الشرقية وتأجير دار في حي المنصور ، حي سني معروف وراق ، بينما زوجته وابنته اللتان يكون تعرضهما للقتل أقل ، بقيتا في حي البنوك .

إنه لا يزورهما إلا في حالات استثنائية ، مثلا بمناسبة عيد الفطر الذي يقع في نهاية شهر رمضان . حيث وصل إلى ذلك الحي لزيارتهما في آخر المساء وغادر الحي مع طلوع الفجر حتى لا يراه أحد .
إن جيرانه قاموا بتحذيره : إن زياراته يجب أن تكون نادرة قدر المستطاع ، لأن هنالك " رجال " يراقبونه .

في نفس الوقت فإن عراقي شيعي ممكن أن يروي قصة معكوسة .

النتيجة أن ماهر يلتقي بزوجته مرة واحدة كل شهر في معرض ، هو مقهى حوار ، مكان ثقافي بغدادي راق ، الذي لم يغلق بسبب شجاعة وتضحية مالكه قاسم السبتي ، والذي بقي فاتحا أبوابه في هذا الظرف الصعب والذي أصبح يمثل أحد الأماكن النادرة في بغداد التي يلتقي فيها السنة والشيعة الذين بإمكانهم أن يتحاورا بهدوء .

خارج العاصمة التي تم تشويهها بالجدران الإسمنتية والكثير من الحدود الجديدة بين أحيائها ، فإن المحافظات الأخرى ملزمة على التأقلم لاستقبال آلاف المهجرين من الشيعة في الجنوب ، ومن السنة في الغرب ، ومن الأكراد في الشمال .
خلال الأشهر الثمانية عشر الأخيرة ، أبو غربي : قصبة عدد سكانها 12 ألف نسمة ، والتي تقع على ضفاف دجلة وعلى مسافة 280 كيلومتر إلى الجنوب الشرقي من بغداد . وتقع قرب الحدود الإيرانية ولذا عانت من تدفق " المهاجرين " الشيعة الذين قدموا إليها من كافة المحافظات .

يصل إليها هؤلاء بسيارات صغيرة ( تكسي ) جماعية ( نفرات ) مع سواق من المعارف ، وإلا ، فإن الركاب يتعرضون للخطر . في السيارة ، عندما يتكلم الركاب ، يكون كلامهم دائما بتوجيه النقد الساخر للحكومة المتواطئة مع الأمريكان ، كما يؤكد أحدهم : " لا أستطيع أن أفهم الأمريكان ، هم الآن يساعدون السنة في الرمادي والفلوجة . هل أنهم سذج لدرجة تجعلهم يعتقدون بان السنة أصبحوا من جانبهم ، أن السبب الوحيد الذي أرغم شيوخ العشائر على اتخاذ هذا الموقف لكونهم خدعوا من قبل القاعدة . "

إن شعورا بالمرارة ، من هذا الموقف ، متفق عليه كثيرا ، لدى الشيعة .

في المدينة الصغيرة ، أبو غربي ، عائلة رنا ، 26 سنة التي تعمل في الإسعاف في إحدى مستشفيات بغداد ، عملت حديثا على تشييد منزل في أرض والدها حسن الذي كان عضوا في حزب البعث وكان لديه موقعا مهما ، هذا الموظف في وزارة الصحة والذي أصبح متقاعدا بعد عدة أسابيع من الغزو الأمريكي عام 2003 . يعيش الآن في أرضه البعيدة عن العاصمة .

تقول رنا : " والدي أصبح مشمئزا من الوضع ، ولذا لا يريد أن يتكلم قي السياسة ، نحن ، أولاده ، نخاف عليه : القاعدة ممكن أن تعتبره هدفا لكونه شيعي ، وإذا عاد إلى العمل مع الحكومة ( لأن تقاعده قليل جدا ) فسوف يعتبر عميل . ولذا فهو واقع في مأزق ."

في هذه القصبة الهادئة ، ( الحدود ) تمر بين السكان الشيعة : هنا المجلس البلدي مخترق ، تقريبا كما هو متبع في هذه المناطق ، من قبل جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر وقوات بدر . هذه القوات تمثل الفرق المسلحة للمجلس الأعلى الإسلامي في العراق ، الحزب العراقي الشيعي الأكثر تسلطا، والذي لديه أكبر عدد من الممثلين في مجلس النواب .

إن شوارع أبي غربي هادئة ، ولكن الحدود الإيرانية القريبة ، 30 كيلومتر، تشجع التهريب . تهريب السلاح وبصورة خاصة المخدرات .
" كل الناس يعبرون الحدود بالاتجاهين ، كما يقول حسين معلم في الحي . ولكن لا يوجد من يبلغ عما يحدث ، لكونهم يخافون أن يتم قتلهم ."

إن الذين جاؤوا للعيش هنا لا يريدون ، بصورة خاصة ، إفساد التوازن في المنطقة . إذا كان في بغداد ، لا يوجد شخص يذهب إلى عمله بشعور هادئ بسبب عدم توفر الأمن ، " هنا نحن نعيش بصعوبة .. ولكن بالأحرى بهدوء . " وهذا يعتبر ترفا في عراق اليوم .

سوريا : بلد الاستقبال بتحفظ .

تقول أحلام 42 سنة : " عالم 2005 ، خلال ثمانية أيام ، كنت مخطوفة لأنني امرأة تتمتع بالاستقلال ."
الذين قاموا بخطفي كانوا يلبسون السواد وهم أعضاء في تنظيم القاعدة ، لقد وضعوا شرطين لإطلاق سراحي : دفع مبلغ 50 ألف دولار ومغادرتي البلد .

منذ شهر كانون الأول ( ديسمبر ) 2005 ، إنها تعيش بالكاد في العاصمة السورية مع زوجها وأولادها الثلاثة .
وتقول : أولادنا يتابعون الدراسة ، ولكن لا يحق لها أو لزوجها ممارسة أي عمل .

سوريا ( 19 مليون نسمة ) يعيش فيها مليون وأربع مائة عراقي نصفهم من الأطفال . في البداية ، دمشق شرعت أبوابها للعراقيين انطلاقا من التعاضد العربي ، ولكن أعداد العراقيين أصبحت كبيرة ، ولذا تم تشديد عملية الدخول : حيث أن أي عراقي يريد الدخول لهذا البلد يحتاج الآن لتأشيرة . ومن لديه بطاقة إقامة فهو ملزم بتجديدها كل ثلاثة أشهر .

بالنسبة لأسعار العقارات فقد ارتفعت بشكل كبير ، والسوريون يقولون بأن العراقيين هم السبب . كما أن أطفالهم اعتبروا مسئولون عن اكتظاظ الصفوف في الدارس .

في شهر حزيران ( جوان ) ، الابن البكر لأحلام عندما كان يلعب كرة القدم ، كعادته بعد ظهر كل يوم ، شعر بألم شديد في كتفه . تم نقله إلى المستشفى ، ولكنه توفى بعد أربع ساعات من وصوله المستشفى .
تقول أحلام وعيونها محمرة : " إن الأطباء حقنوه بإبرة بالخطأ ، لقد سمعت ما قالوه ، عندما اعترفوا بالخطأ الذي اقترفوه وهم يتحاورون باللغة الانكليزية .. "

إنهم لا يتصورون بأن أحلام تفهم هذه اللغة والتي كانت السبب باختطافها ن في بغداد ، لكونها ليس فقط تتقن الانكليزية ، بل كانت عضو في المجلس البلدي للحي الذي تقطن فيه ، كما أنها كانت تعمل في منظمة أنشأت من قيل الأمريكان ومرتبطة بقوات التحالف .

تصرح بجدية بنت الفلاح التي كانت الأولى على تلاميذ حيها في المدرسة الابتدائية : " أنا لا يمكن أن أعود للعيش في العراق ، وإذا قام السوريون بطردنا ، سأنصب خيمتي مع الفلسطينيين على الحدود العراقية – السورية ، ونعيش مع عنزتين وبقرة . "

إنها ليست الوحيدة التي ترفض العودة . في نهاية تشرين الثاني ( نوفمبر ) ، قامت الحكومة العراقية بتهيئة مجموعة من الحافلات لإعادة المهاجرين من دمشق . ولكن هذه العملية أخفقت بالكامل ، لأن من بين الثلاثين عائلة التي صعدت إلى هذه الحافلات ، فقط عشرة عائلات استطاعت العودة إلى مساكنها .
الآخرون اضطروا للسكن لدى الأقارب أو الأصدقاء ، لأن أموالهم نهبت أو سرقت .

مؤخرا أحمد ، زوج أحلام ، قام بتقديم طلب إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين في سبيل الحصول على اللجوء في الولايات المتحدة الأمريكية .

تشير أحلام : " أنا لا أفهم العقلية الأمريكية ، إنهم يريدون أن يجلبوا لنا الديمقراطية ، ولكنهم لم يحسبوا حساب الفوضى والعنف الذي كان نتيجة تواجدهم في العراق ."

في دمشق ، في بيتها ذو الجدران العارية إلا من صورة وحيدة تلفت النظر : صورة بشار الأسد ، الرئيس السوري الذي ، رغم كل شيء ، تعترف له بالفضل : " لكونه قبل استقبال الناس الذين يتضايق منهم الجميع : العراقيين ."

الدكتور عبدالإله الراوي
دكتور في القانون وصحافي عراقي سابق مقيم في فرنسا
hamadalrawi@maktoob.com
تجدون كافة مقالاتنا التي نشرت بعد الغزو على
http://iraqrawi.blogspot.com


نص المقال المترجم


Irak
Déménager ou mourir
03/01/2008 - De notre envoyée spéciale Anne Nivat - © Le Point - N°1842

Les combats entre les communautés chiite et sunnite entraînent de grands mouvements de population. C'est tout l'équilibre du pays qui s'en trouve bouleversé.

Ils ne portent même pas les gilets orange qui permettraient aux automobilistes de les voir de loin. Au coeur des embouteillages de la capitale irakienne, pinceau à la main, des artistes embauchés par la municipalité colorent les murs de béton. Il faut dire que les murs de Bagdad sont devenus omniprésents. Dans une ultime tentative pour rendre la ville plus vivable, les Américains en ont élevé partout : devant les immeubles, les universités, sur les avenues, séparant les quartiers, les populations, les sectes. L'espace est envahi de murs. « On peint des paysages paisibles, des lacs, des rivières, des fermes tranquilles... l'Irak tel qu'il était avant la guerre », explique Kamil, un fervent partisan de cette opération « esthétique » qui voudrait « faire un peu rêver les passants".
"Pourquoi ne pas utiliser tout ce ciment, cette eau et ce sable pour des tâches moins inutiles, comme construire des maisons pour ceux qui en ont le plus besoin et qui sont peut-être ceux-là mêmes contre lesquels on se protège ? » se demandent de jeunes Bagdadiens. En attendant, les différents quartiers continuent à se hérisser de murs de séparation comme autant de plaies à vif maladroitement pansées. La plupart du temps, ces boucliers de béton entretiennent la confusion : qui protègent-ils finalement ? L'armée américaine ou les civils ? Certains Irakiens craignent que les possibilités de réconciliation entre les communautés s'éloignent au fur et à mesure que les murs s'élèvent. Pour d'autres, l'étalage de béton est devenu l'objet de blagues, comme pour ce blagueur qui souhaite que l'Irak entre dans le « Livre Guinness des records » « parce qu'on a le plus grand nombre de ministres, le plus grand nombre de troupes américaines ; le plus grand nombre de murs de béton qui protègent d'autres murs de béton (bientôt il faudra presque un mur pour passer " en toute sécurité " de sa chambre à sa salle de bains !) ; et qu'on est sans doute le seul pays au monde avec autan d'explosions quotidiennes ! »
Si plus de 2 millions de personnes ont choisi de fuir vers l'étranger, ces deux dernières années, d'impressionnants mouvements de population d'une région à l'autre du pays et d'un quartier à l'autre de la capitale sont en train de modifier l'équilibre démographique, économique et social du pays. Ce sont aussi 2 millions d'Irakiens, soit 15 % de la population, qui sont des « déplacés internes ». Les familles vont et viennent au gré de leur perception de la violence des milices, empêchant toutes statistiques fiables. Très méfiants vis-à-vis des autorités, les Irakiens ne s'enregistrent pas nécessairement à leur nouvelle adresse, d'autant qu'il leur est parfois difficile de se rendre jusqu'à la capitale.

A Bagdad, il est presque impossible de rencontrer quelqu'un qui ne vient pas de changer de quartier à cause d'un événement dramatique. La communautarisation explose. Chacun perd ses racines et doit se réadapter. Ainsi, la rive orientale du Tigre est peu à peu devenue habitée par les seuls chiites, à une exception près, le quartier d'Adhamiya, en bordure du fleuve, entièrement sunnite et coupé des alentours par de hauts murs de béton qui l'enserrent presque hermétiquement. La rive occidentale est, elle, presque totalement sunnite, à l'exception d'Ou Amal, qui reste un quartier « mixte » selon des frontières géographiques non tracées mais connues de tous, et de Qaddimiya, où demeurent quelques chiites.

Les récentes déclarations de gradés américains affirmant que moins de cadavres sont découverts quotidiennement n'ont pas effacé l'horreur des récents mois : « Je passe mes journées dans cette galerie où je me sens plus ou moins en sécurité », confie Maher Latif, un céramiste reconnu qui a dû s'improviser peintre, faute d'électricité suffisante pour fabriquer ses céramiques. « Ma valise est posée dans un coin, je déciderai en milieu d'après-midi où je coucherai ce soir. » La triste histoire de Maher pourrait se décliner à l'infini. Cet artiste sunnite était installé à Benouk, un quartier chiite non loin de Sadr City, où, récemment, la milice se réclamant de l'imam chiite ultraconservateur Moqtada al-Sadr a éliminé 36 personnes de ses amis. Craignant pour sa vie et celle de son fils aîné, il a été contraint de changer de rive et de louer une maison dans Mansour, un quartier sunnite anciennement huppé, tandis que sa femme et sa fille, moins exposées, sont restées à Benouk. Il leur rend exceptionnellement visite, comme lors de la dernière fête de l'Aïd-el-Fitr, qui marque la fin du ramadan. Arrivé en voiture tard le soir, il a décampé à l'aube pour ne pas être vu. Ses voisins l'ont prévenu : ses visites doivent être le plus rares possibles, car des « agents » l'observent. Un Irakien chiite pourrait raconter l'histoire inverse. Résultat : Maher retrouve sa femme une fois par mois seulement à la galerie-café Hiwar, haut lieu culturel bagdadien qui, grâce au courage et à la pugnacité de son propriétaire, Qasim al-Sabti, reste ouvert en ces temps troublés et s'affiche comme un des rares endroits de la capitale où sunnites et chiites peuvent encore discuter tranquillement.

En dehors de la capitale défigurée par ses murailles de béton comme autant de nouvelles frontières, les régions ont également dû s'adapter et accueillir par milliers des chiites au sud, des sunnites à l'ouest et des Kurdes au nord. Dans les dix-huit derniers mois, Abou Gharbi, une bourgade de 12 000 habitants située à 280 kilomètres au sud-est de Bagdad, au bord du Tigre, près de la frontière iranienne, a subi un afflux de « réfugiés » chiites de toutes provenances. On s'y rend en taxi collectif avec un chauffeur que l'on connaît, sinon, c'est trop risqué. A bord, quand les hommes prennent la parole, c'est toujours pour fustiger la politique du gouvernement proaméricain : « Je ne comprends pas que, maintenant, les Américains aident les sunnites de Ramadi et de Fallouja , avance l'un d'eux. S ont-ils naïfs au point de croire que les sunnites sont de leur côté alors que ce ralliement est 100 % tactique ? C'est uniquement parce qu'ils se sont fait avoir par Al-Qaeda que les chefs de tribus sunnites ont changé de bord », affirme-t-il . Un sentiment plein d'amertume largement partagé en terre chiite. Dans la petite ville d'Abou Gharbi, la famille de Rana, 26 ans, urgentiste dans un hôpital de Bagdad, a fait construire récemment une maison sur les terres de son père, Hassan. Ancien membre du parti Baas où il jouissait d'un grade élevé, ce fonctionnaire du ministère de la Santé a pris sa retraite quelques semaines après l'invasion américaine de 2003 et se terre, depuis, loin de la capitale. « Mon père est dégoûté, il ne veut plus parler politique , explique Rana. Nous, ses enfants, on a peur pour lui : Al-Qaeda peut le prendre pour cible parce qu'il est chiite, et s'il se remettait à travailler pour le gouvernement (sa retraite est minime), il serait considéré comme un traître... Il est coincé. »

Dans cette bourgade tranquille, les « frontières » passent à l'intérieur de la communauté chiite : ici, le conseil municipal est infiltré à peu près de la même façon par l'armée du Mahdi de Moqtada al-Sadr et les forces Badr. Celles-ci sont le bras armé du Conseil suprême islamique d'Irak, le parti politique irakien chiite le plus influent, qui possède le plus grand nombre de députés au Parlement. Les rues d'Abou Gharbi sont calmes, mais la proximité de la frontière iranienne, à 30 kilomètres, encourage les trafics, ceux des armes et de la drogue en particulier. « Tout le monde passe dans les deux sens , s'exclame Hussein, un instituteur du quartier. Mais personne ne dénonce qui que ce soit, de peur de se faire tuer. » Ceux qui sont venus vivre ici ne veulent surtout pas gâcher le fragile équilibre de la région. Si, à Bagdad, personne ne peut aller à son travail l'esprit paisible à cause de l'insécurité, « chez nous, on vivote... plutôt tranquillement ». Un vrai luxe dans l'Irak d'aujourd'hui

La Syrie, terre d'accueil... réticente

«E n 2005, pendant huit jours, j'ai été kidnappée parce que j'étais une femme qui avait un travail et qui était indépendante. » Les ravisseurs d'Ahlam, 42 ans, vêtue de noire, étaient des membres d'Al-Qaeda et ont posé deux conditions à sa libération : 50 000 dollars et son départ du pays. Depuis décembre 2005, elle survit dans la capitale syrienne avec son mari et ses trois garçons. Ses enfants vont en classe, mais ni elle ni son mari n'ont le droit de travailler.

La Syrie (19 millions d'habitants) abrite 1,4 million d'Irakiens, dont la moitié sont des enfants. Dans un premier temps, Damas a largement ouvert ses portes au nom de la solidarité arabe, mais les Irakiens devenus trop nombreux, les conditions d'entrée se sont durcies : un visa a été instauré et la carte de résident doit être renouvelée tous les trois mois. Quand les prix de l'immobilier ont flambé, les Irakiens ont été montrés du doigt. Leurs enfants sont rendus responsables des classes surchargées...

En juin, le fils aîné d'Ahlam jouait au foot comme tous les après-midi, lorsque le garçon s'est plaint d'une forte douleur à l'épaule. Transporté à l'hôpital, il y est décédé quatre heures plus tard. « Les médecins lui ont fait une piqûre et ils se sont trompés , explique Ahlam les yeux rougis. J'ai tout entendu lorsqu'ils ont admis leur erreur en discutant entre eux en anglais... » Ils ne soupçonnaient pas qu'Ahlam comprenait cette langue-ce qui fut d'ailleurs à l'origine de son enlèvement, car non seulement Ahlam l'anglophone était, à Bagdad, membre du conseil municipal de son quartier, mais elle travaillait pour un organisme lié à la coalition instaurée par les Américains.

« Jamais je ne retournerai vivre en Irak et, si les Syriens nous renvoient, je planterai ma tente avec les Palestiniens à la frontière irako-syrienne. On vivra avec deux chèvres et une vache », annonce sérieusement cette fille de fermier, la première de son quartier admise à l'école primaire.

Elle n'est pas la seule à refuser de rentrer. Fin novembre, le gouvernement irakien a organisé un convoi de bus pour rapatrier des réfugiés à partir de Damas. Un fiasco : sur la trentaine de familles qui ont sauté le pas, une dizaine seulement ont pu se réinstaller dans leur maison. Les autres campent chez des amis ou de la famille, leurs biens ayant été pillés ou volés. Dernièrement, Ahlam a déposé un dossier auprès du Haut-Commissariat aux réfugiés de l'Onu pour être accueillie aux Etats-Unis. « Je ne comprends pas vraiment la mentalité américaine : ils ont voulu nous apporter la démocratie, mais ils ne se rendent pas compte du chaos et de la violence engendrés par leur présence... » constate-t-elle. A Damas, dans son intérieur aux murs nus, une unique photo attire l'oeil : le portrait de Bachar el-Assad, le président syrien à qui, malgré tout, elle est reconnaissante « parce qu'il a été accueillant avec ceux qui gênent tout le monde : les Irakiens » A. N.
شبكة البصرة

الجمعة 10 محرم 1429 / 18 كانون الثاني 2008

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس

vendredi 4 janvier 2008

تفتيت العراق والوطن العربي.. مطلب صهيوني – صليبي – صفوي. القسم الثاني – 2

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفتيت العراق والوطن العربي.. مطلب صهيوني – صليبي – صفوي. القسم الثاني – 2
شبكة البصرة
الدكتور عبدالإله الراوي
بعد أن قدمنا في الجزء الأول من هذا القسم المشاريع الأمريكية لتفتيت العراق (الدكتور عبدالإله الراوي : تفتيت العراق والوطن العربي.. مطلب صهيوني - صليبي - صفوي. القسم الثاني- 1. شبكة البصرة. 27/11/2007)
ستقوم في هذا الجزء بعرض قرار مجلس الشيوخ ودفاع عارضي مشروع التقسيم ومحاولة مناقشة النقاط الجوهرية الواردة فيهما.

أولا : مجلس الشيوخ الأمريكي وتصويته على مشروع التقسيم.
ثانيا : دفاع مقدمي المشروع.
أولا: مجلس الشيوخ الأمريكي وتصويته على مشروع التقسيم
بداية عرض موضوع التقسيم أمام مجلس الشيوخ وإقراره.
عرض مشروع التقسيم.
دعا المرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري الأمريكي سام براونباك الكونغرس إلى إيقاف النقاش بشأن وضع جدول لانسحاب الجيش الأمريكي من العراق، والتوجه بدلا عن ذلك إلى وضع خطة " تقسيم " للعراق إلى ثلاث دول.

ورؤية براونباك يندر أن يتطرق إليها مرشح رئاسي من كلا الحزبين.، لكن براونباك قال انه سيحاول أن يتقدم بمشروع قرار الأسبوع القادم، بالاشتراك مع المرشح الديمقراطي السيناتور جوزيف بيدن، يفترض إقامة ما يسمى بـ (حل الدول الثلاث في العراق)، وتقضي الخطة بإقامة حدود منفصلة بين المناطق الكردية والسنية والشيعية.
وعرف السناتور الديمقراطي جوزف بايدن، على مدى الأعوام الماضية، بدعواته المتكررة إلى تقسيم العراق وفق صيغة دول ثلاث، باعتباره حلا لأزمة العنف. كما أشرنا إلى ذلك في مقالنا المشار له.

وأكد براونباك إلى أن : هذه الخطة هي أفضل من دعم إستراتيجية فاشلة في بغداد.
من ناحية أخرى قالت الجمهورية كاي بايلاي هوتشينسون إن الخطة مستوحاة من اتفاقات دايتون حول البوسنة التي أقرت التقسيم بين المتخاصمين الصرب والكروات والبوسنيين، موضحة أن ما حدث في البوسنة هو تقليص للتوتر عبر قدرة قوات الأمن والقوات الطائفية، أي بتعبير آخر "الحكم وحدهم".
(المرشح الجمهوري لرئاسة أمريكا يدعو إلى تقسيم العراق إلى ثلاث دول طائفية. البديل العراقي 23/9/2007. و مرشح الرئاسة الجمهوري " براونباك "يقدم للكونغرس مشروعا لتقسيم العراق إلى ثلاث دول. وكالة الصحافة العراقية 24/9/07. الشيوخ الأميركي يتجه للتصويت على خطة لتقسيم العراق. الجزيرة نت. 25/9/2007)
- إقرار مشروع التقسيم.
أقر مجلس الشيوخ الأمريكي، يوم 26/9/2007، الخطة المذكورة أعلاه بأغلبية 75 عضوا مقابل 23 من أصل 100 هو عدد أعضاء المجلس.
علما بأن من بين الذين صوتوا بالموافقة على القرار 26 جمهوريا.
وقد تم التصويت على دعم تسوية سياسية تبنى على تقاسم لا ركزي للسلطة. وكانت هذه الخطة بمثابة طوق النجاة لسياسة عراقية ناجحة. – حسب تعبير بيدن -
واعتبر رئيس مجلس الشيوخ الديمقراطي هاري ريد أن تبني خطة بيدن يعكس الأهمية التي يوليها مجلس الشيوخ لبقاء المصالحة السياسية الهدف الرئيسي للعراقيين.
وأوضح إن تحقيق الحل السياسي الذي ينص عليه هذا القانون سوف يساعد علي إعادة نشر القوات الأمريكية المنخرطة في الحرب الأهلية العراقية وشن حرب أكثر فعالية علي الإرهاب وجعل أمريكا أكثر أمانا، علي حد وصفه.
(وافق مجلس الشيوخ الأمريكي علي مشروع قرار غير ملزم حول خطة لتقسيم العراق. بغداد ـ القدس العربي من ضياء السامرائي : 29/09/2007. وجوزيف بيدن ليسلي جيلب : الفيدرالية وليس التقسيم في العراق. واشنطن بوست. عن المجلس. اورغ. 28/10/2007)
نص قرار المجلس.
سوف نقوم بعرض أغلب فقرات القرار من خلال ترجمتين استطعنا الحصول عليها، كما فضلنا تقسيم محتواه إلى :
أ – الأسباب الموجبة للتصويت على القرار.

- لا يزال العراق يعاني من دورة قائمة بذاتها من العنف الطائفي.

- يشكل العنف الطائفي الجاري تهديداً للسلام الإقليمي والعالمي وأفضل ما يمكن أن يخدم المصالح الأمنية الطويلة المدى للولايات المتحدة هو قيام دولة عراقية مستقرة لا تكون ملاذا للإرهابيين ولا تشكل تهديداً لدول الجوار.
- لقد كان التركيز الجوهري لتنظيم القاعدة في العراق تحويل الانقسامات الطائفية في العراق إلى عنف طائفي من خلال سلسلة مكثفة من الهجمات كان أهمها تدمير القبة الذهبية لمسجد العسكري الشيعي في سامراء في شهر شباط. فبراير.2006
- يجب على العراقيين التوصل إلى تسوية سياسية شاملة ودائمة لتحقيق الاستقرار , ويعتبر فشل العراقيين في التوصل إلى مثل هذه التسوية السبب الرئيسي وراء العنف في العراق.
ب- الإشارة إلى بعض مواد الدستور العراقي ومواقف سياسية.
- تنص المادة الأولى من الدستور العراقي على أن العراق "دولة واحدة مستقلة".
- ينص القسم الخامس من الدستور العراقي على أن "النظام الاتحادي في جمهورية العراق يتشكل من عاصمة لامركزية وأقاليم ومحافظات وإدارات محلية ويعدد الصلاحيات الموسعة الممنوحة للأقاليم والصلاحيات المحدودة الممنوحة للحكومة المركزية, ويضع الآليات لإنشاء أقاليم اتحادية جديدة.
- إن النظام الاتحادي الذي أنشأه الدستور العراقي لسوف يعطي العراقيين سيطرة محلية على قوات الشرطة التابعة لهم بالإضافة إلى قوانين معينة, بما فيها تلك المتعلقة بالعمالة والتعليم والدين والزواج.
- يعترف الدستور العراقي بالدور الإداري للحكومة الإقليمية الكردستانية في 3 مقاطعات شمالية عراقية, والمعروفة أيضا باسم إقليم كردستان.
- إن إقليم كردستان المعترف به في الدستور العراقي هو إلى حد كبير منطقة مستقرة وسلمية.
- لقد صدق البرلمان العراقي على قانون بشأن النظام الاتحادي في 11 تشرين الأول (أكتوبر) ,2006 والذي يضع الإجراءات اللازمة لإنشاء أقاليم اتحادية جديدة وسيصبح نافذاً بعد 18 شهراً من التصديق عليه.
- يعترف العراقيون بان بغداد عاصمة العراق , ويشترط الدستور العراقي على انه لا يجوز اندماج بغداد مع أي إقليم اتحادي.
- على الرغم من الفروق الموجودة فيما بينهم إلا أن المجموعات الطائفية والعرقية تؤيد الوحدة وسلامة أراضي العراق.
- صرح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) 2006 بان "الأزمة سياسية والذين يستطيعون وقف دورة التأزم وسفك دماء الأبرياء هم السياسيون"

ج – الفقرات الخاصة بتقسيم العراق.
1. إنشاء عراق واحد من ثلاثة أقاليم
- فدرلة العراق وفق الدستور العراقي ستتكون من ثلاث مقاطعات ذات حكم ذاتي واسع، (شيعية، سنية، كردية) مع حكومة مركزية قوية ولكنها ذات سلطات محدودة في بغداد.
- تتولى الحكومة المركزية مسؤولية المصالح المشتركة الحقيقية : الدفاع عن الحدود، السياسة الخارجية، إنتاج النفط والواردات.
- تشكيل حكومات الأقاليم (للكرد، السنة، الشيعة) وتكون مسئولة عن إدارة شؤون أقاليمهم.

2. المشاركة في واردات النفط.
- الوصول إلى اتفاقية كحل فدرالي لضمان 20% من الواردات للعرب السنة من كل الواردات النفطية، الحالية والمستقبلية. وهي نسبة تكاد تتلاءم مع حجمهم السكاني والذي سيساعد على ازدهار إقليمهم اقتصاديا.
- منح الحكومة المركزية سلطة وضع سياسة نفطية وطنية وتوزيع الواردات، والتي ستجتذب الاستثمارات الأجنبية التي يحتاجها العراق والأخذ بنظر الاعتبار قانونيا مصلحة كل مجموعة من خلال المحافظة على العراق موحدا وحماية البنية التحتية للصناعات النفطية.

د – مطالبة الدول الأخرى بدعم القرار وقضايا أخرى.
(1) ينبغي على الولايات المتحدة أن تدعم بفعالية تحقيق تسوية سياسية في العراق بناء على الأحكام النهائية للدستور العراقي التي تنص على إنشاء نظام حكم اتحادي وتسمح بإنشاء أقاليم اتحادية, بما يتماشى مع رغبات الشعب العراقي وزعمائهم المنتخبين.
(2) ينبغي أن يشمل الدعم الفعال المشار إليه في الفقرة (1) أعلاه الآتي:
- دعوة المجتمع الدولي, بما في ذلك البلدان التي لها قوات في العراق, والدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي, وأعضاء مجلس التعاون الخليجي, وجيران العراق إلى القيام بالآتي:
(1) دعم أية تسوية سياسية عراقية تقوم على النظام الاتحادي.
(2) الاعتراف بسيادة العراق وسلامة أراضيه.
(3) الوفاء بالالتزامات بالتسليم العاجل للمساعدات الكبيرة إلى العراق وإعفائه من الديون, وبخاصة تلك التي تعهدت بها دول مجلس التعاون الخليجي.
(ب) وكذلك دعوة جيران العراق إلى التعهد بعدم التدخل في العراق أو زعزعة استقراره, والموافقة على آليات التحقق المتصلة بذلك.
(ج) عقد مؤتمر للعراقيين من اجل أن يتوصلوا إلي اتفاقية حول تسوية سياسية شاملة قائمة على قانون النظام الاتحادي الذي صدق عليه البرلمان العراقي في 11 تشرين الأول (أكتوبر) 2006.
ه – انسحاب القوات الأمريكية وفقرة ختامية :
1- الانسحاب المعقول للقوات الأمريكية.

- توجيه القادة العسكريين لتطوير خطة خاصة بالانسحاب وإعادة نشر معظم القوات الأمريكية من العراق في أيلول 2008.
- الاحتفاظ بقوة صغيرة مقيمة داخل أو بقرب العراق ربما تتكون من عشرين ألف جندي لضرب أية تجمعات إرهابية وللمساعدة في إيفاء الدول المجاورة بالتزاماتها تجاه العراق وتدريب قوات الأمن.
2- فقرة ختامية :
لا ينبغي تأويل أي شيء في هذا القانون على انه يشكل بأي طريقة كانت تعديا على الحقوق السيادية للأمة العراقية.
(الترجمة العربية لقرار الكونغرس الأمريكي "بايدن" الخاص بتقسيم العراق إلى ثلاث دويلات طائفية
البديل العراقي 4/10/2007. والنص الكامل لمشروع الكونغرس الأميركي حول "النظام الاتحادي في العراق". الغد الأردنية. 11/10/2007)
إن قرار مجلس الشيوخ الأمريكي يدفعنا إلى التعليق على أغلب فقراته، منها :

1- العنف الطائفي وتنظيم القاعدة.
لقد تكلم المشروع عن هذا الموضوع وكأن العراقيين، فعلا، هم الذين وراء خلق النزعة الطائفية والاقتتال الطائفي، ناسين أو متناسين بأن القوات الغازية الأمريكية وبالتعاون مع الكتائب الصفوية التي سمحوا لها بالدخول من إيران، هم السبب الرئيس وراء زرع هذه الفتنة الطائفية وكذلك ما كان يطلق عليه (المعارضة العراقية) كما ذكرنا في مقالنا السابق (تفتيت العراق والوطن العربي.. مطلب صهيوني - صليبي – صفوي. القسم الثاني- 1. شبكة البصرة. 27/11/2007)
كما أن القرار يشير إلى دور تنظيم القاعدة في تأجيج الفتنة الطائفية وقضية تفجير القبة الذهبية.
وعلينا أن نوضح هنا أولا بأن تنظيم القاعدة ما هو إلا صنيعة صهيو - أمريكية – صفوية هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن هذا التنظيم لا علاقة له بتفجير القبة المذكورة أو في التفجيرات الأخيرة .
كما أوضحنا ذلك بشكل مفصل في مقالين سابقين (الدكتور عبدالإله الراوي : من يقف وراء تفجير الروضة العسكرية في سامراء. شبكة البصرة. 25/2/2006. و الدكتور عبدالإله الراوي : تنظيم القاعدة... هل له يد في تفجيرات سامراء الأخيرة؟ شبكة البصرة. 23/7/2007)
2- بالنسبة إلى قضيتي الإشارة إلى بعض فقرات الدستور وتقسيم العراق سنناقشها مع تعليق بيدن وغيلب، ولكننا سنناقش، بصورة موجزة فقط، اقتراح مجلس الشيوخ على " ضمان 20% من الواردات للعرب السنة من كل الواردات النفطية، الحالية والمستقبلية. وهي نسبة تكاد تتلاءم مع حجمهم السكاني والذي سيساعد على ازدهار إقليمهم اقتصاديا. "
ففي الوقت الذي نرفض به تقسيم العراقيين إلى طوائف وديانات وقوميات من حقنا أن نتساءل من أي مصدر تحقق المجلس المذكور من أن ما يطلقون عليهم (السنة العرب) يشكلون 20% من الشعب العراقي؟
وفي هذا المجال وللتدليل على خطأ مثل هذه الأطروحات نرى من ألأفضل إعادة بعض الفقرات من أحد مقالاتنا السابقة والتي تقدم الدليل القاطع على أن هذه المقولات تهدف فقط إلى خلق الفتنة الطائفية:
" رغم خجلنا من طرح مثل هذا الموضوع فللأسف نحن مجبرون على طرحه، علما بأنه لا يوجد أي شخص من معارفنا سواء من الفرنسيين أو العرب، ورغم إلحاحهم، يعرف هل أنا سني أو شيعي، ما عدا اللذين يعرفون خارطة العراق ولديهم معرفة بمناطق تواجد السنة أو الشيعة.
على كل إن أمريكا والصهيونية العالمية، التي تسيطر على الغالبية العظمى من وسائل الإعلام الدولية، روجت بأن الشيعة يشكلون 60% من الشعب العراقي، وإن السنة العرب لا يمثلون إلا 20 % من هذا الشعب.
وكما يعلم الجميع أن هدفهم ليس الدفاع عن الشيعة أو عن السنة بقدر تطبيق المبدأ الاستعماري المعروف : فرق تسد.
عندما يذكر الشيعة لا يذكر نسبة العرب من غيرهم وبالأخص الإيرانيين والأكراد والتركمان بل يذكر نسبتهم من الشعب العراقي، بينما عندما يذكر السنة يركز على عبارة " العرب السنة ".
إن الإحصاءات الدقيقة، وحتى تلك المقدمة من قبل مجموعة دراسة بيكر – هاملتون، تؤكد بأن السنة يشكلون 60- 62 % من الشعب العراقي، بينما الشيعة لا يشكلون سوى 38 – 40 % فقط.
أي أن السنة العرب 42 – 44 % ومن الأكراد والتركمان 18 – 20 %
بينما الشيعة يشكلون فقط 38 – 40 %. العرب 36 – 38 % والشيعة من الأكراد والتركمان 2-4 %.
(ترجمة : د. عبدالوهاب حميد رشيد : هل تتواجد أغلبية سنية في العراق؟. شبكة البصرة. 2/1/2007 و د. الدليمي : الحقيقة النسبية التقريبية لعدد أهل السنة والشيعة في العراق.
http://www.baghdadalrashid.com/vb3/showthread.php?t=9320) "
(ترجمة وتعليق : الدكتور عبدالإله الراوي : صدام حسين.... تنفيذ الإعدام قبل أوانه. شبكة البصرة. 15/1/2007)

3 – إقليم كردستان.
كما أن إحدى فقرات مشروع المجلس المذكور تشير إلى " يعترف الدستور العراقي بالدور الإداري للحكومة الإقليمية الكردستانية في 3 مقاطعات شمالية عراقية, والمعروفة أيضا باسم إقليم كردستان.
نقول لأعضاء هذا المجلس : من الذي سمح للأكراد بتكوين إقليم شبه مستقل؟
وهل نسى أو تناسى هذا المجلس بأن مناطق الحضر التي فرضتها أمريكا، دون وجود أي قرار من مجلس الأمن، هي السبب بخلق هذا الإقليم الذي أصبح واقعا لا يستطيع عملائكم، الذين دخلوا العراق على ظهور دباباتكم، تجاوزه لعدة أسباب :
الأول : كونهم عندما كانوا يعملون مع ما كان يطلق عليها المعارضة العراقية وافقوا على استقلالية إقليم كردستان.
ثانيا : إن هؤلاء العملاء كانوا محتاجين دائما لأصوات النواب من الحزبين الكرديين العميلين لتشكيل حكوماتهم العميلة ولتمرير ما يطلق عليه الدستور وكافة القوانين التي لا تخدم مصلحة العراق والعراقيين.
ثالثا : إنهم يعلمون جيدا بأن هذين الحزبين مدعومان من اللوبي الصهيوني وبالنتيجة من الإدارة الأمريكية ولذا ولكونهم عملاء لنفس الجهات فلا يرغبون إثارتها.
رابعا : إن الذين أصبحوا (قادة العراق) وبصورة خاصة التابعين لحزبي المجلس الأعلى والدعوة والأحزاب المرتبطة بالائتلاف جميعهم مضطرون للخضوع لأوامر سادتهم الآخرين، ملالي طهران.
وكما سنوضح في القسم الثالث من هذا البحث فإن من مصلحة إيران تقسيم العراق
خامسا : ولكون هذه العصابات تطمح لتشكيل إقليمي الوسط والجنوب أو إقليم الجنوب والوسط، لذا فهم يتركون لإقليم كردستان صلاحيات شبه مطلقة آملين أن يطبقوها على إقليمهم الذي ينوون تكوينه على غرار الإقليم الكردي. والذي يؤدي بالنتيجة إلى تقسيم العراق
ثالثا : دفاع بيدن وغيلب عن خطة التقسيم :
- حسب وكالة الأنباء الفرنسية يوم 2/10/07 : " أعاد السيناتور جوزيف بيدن الدفاع عن خطته ورد على انتقادات المالكي له قائلا : " في نظر المالكي وبعض المسئولين العراقيين، كان يجب ألا نعبر عن رأينا. لا أعرف فعلا من كانوا ينتقدون؟ ".
وأضاف : " الواقع هو أننا أهرقنا دمنا وأنفقنا مالنا ليحترموا الالتزامات التي ينص عليها دستورهم. هذا هو العقد ".
وأكد بيدن : أن خطته تهدف فقط إلى استخدام الآليات الاتحادية المنصوص عليها في الدستور العراقي، مشيرا إلى أنه طلب لقاء الرئيس بوش ليوضح له أن الخطة لا تتطلب تقسيم العراق. (تواصل الانتقادات لقرار الشيوخ تقسيم العراق وبيدن يدافع عنه. الجزيرة.نت. 2/10/2007)
- كما أن ليسلي غيلب وجوزيف بيدن قاما بنشر مقال في الواشنطن بوست للدفاع عن مشروعهما تضمن ما يلي :
إنهما يدعيان بأن مشروعهما ليس تقسيما للعراق بقولهما : " عراق فيدرالي هو عراق موحد لكنه عراق يتم فيه تقسيم السلطة على حكومات إقليمية، مع وجود حكومة مركزية محدودة تتولى المسؤولية عن الشواغل العامة مثل حماية الحدود وتوزيع العائدات النفطية. "
وأكدا : " خطتنا ليست تقسيما، على الرغم من أن بعض المؤيدين ووسائل الإعلام أسموها كذلك بالخطأ. إن الخطة المقترحة تسعى إلى توحيد العراقيين من خلال إحياء النظام الفيدرالي الذي ينص عليه الدستور العراقي. فعراق فيدرالي هو عراق موحد لكنه عراق يتم فيه تقسيم السلطة على حكومات إقليمية، مع وجود حكومة مركزية محدودة تتولى المسؤولية عن الشواغل العامة مثل حماية الحدود وتوزيع العائدات النفطية.
العراقيون لا يعرفون الفيدرالية التي كانت تشكل، من الناحية التاريخية، السبيل الوحيد لتوحيد الدول الممزقة، لكن في غياب المحتل أو الدكتاتور. يمكننا أن نشير إلى النظام الفيدرالي، وكيف أنه بدأ في وقت كانت معظم السلطات في أيدي الدول. يمكننا أيضا الإشارة إلى حلول مماثلة تم تطبيقها في دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي أسبانيا، وفي البوسنة. ليس هناك أدنى شك في أن معظم العراقيين يريدون المحافظة على وحدة بلدهم. لكن إذا ظل القادة العراقيون يسمعون من الزعماء الأمريكيين إن الفيدرالية تعني التقسيم أو تفضي إليه، فهذا ما سوف يصدقونه. "
ويضيفان : ". لنا حق على العراقيين أن يسمعوننا حيث لنا أكثر من 160000 جندي أمريكي معرضين للخطر في بلادهم، وحيث إننا أنفقنا بلايين الدولارات، وخسرنا أرواح أكثر من 3800 جندي كما أصيب حوالي 28000 آخرين. "
وينصحان ب : " ينبغي على إدارة الرئيس بوش أن تساعد العراقيين لكي تنجح الفيدرالية، وذلك من خلال التوصل إلى اتفاق حول توزيع العائدات النفطية بشكل عادل، وعودة اللاجئين، وإدماج الميليشيات في قوات الأمن المحلية، وتعزيز مصلحة الدول الأخرى في استقرار العراق، والتركيز من جديد على بناء القدرات والمساعدات في المحافظات والمناطق، وليس إرهابهم بالقول بأن الفيدرالية تساوي التقسيم والطائفية. "
الإستراتيجية الأساسية تعني أن الإدارة الأمريكية سوف تدعم أي جماعة تقاتل القاعدة أو التطرف الشيعي في أي مكان. لقد كان من المناسب على الدوام السعي من أجل إيجاد حلفاء فيما بين زعماء القبائل لمحاربة عدو إرهابي مشترك. لكن دعم تلك الجماعات لدى ظهورها بدون أي غرض أو إطار سياسي واضح هو بمثابة دعوة للفوضى.
لا شيء يمكن أن يؤدي إلى تقسيم العراق غير نهج أساسي يضع جماعة ضد جماعة أخرى ويفشل في لم شمل كافة الجماعات في نسيج واحد يمكن السيطرة عليه.
يتمثل البديل غير العملي الذي تسعى إدارة الرئيس بوش إلى تحقيقه في دعم حكومة مركزية قوية في بغداد. تلك الحكومة المركزية لن تفلح، فهي غير مناسبة. لم تفلح تلك الحكومة في تحقيق المصالحة السياسية، وليس هناك أي دليل على أنها ستفلح في ذلك. (جوزيف بيدن ليسلي جيلب : الفيدرالية وليس التقسيم في العراق. واشنطن بوست. عن المجلس. اورغ. 28/10/2007)
بعد أن قمنا بعرض قرار مجلس الشيخ واعتراضات كاتبي مشروع التقسيم،نرى من واجبنا أن نناقش، وبشكل سريع، ما تم طرحه أعلاه.
ولكن قبل ذلك رأينا أن نعطي فترة استراحة لقارئنا العزيز بذكر قصة لطيفة، تقول بأن الطفل المدلل الذي ذكرناه في مقال سابق (ترجمة وتعليق : الدكتور عبدالإله الراوي : اللعبة المزدوجة للشيعة العراقيين. شبكة البصرة. 8/12/2007) هو الذي ضحك على بيدن ودفعه لتقديم مشروع التقسيم إلى مجلس الشيوخ.
نقتطف بعض الفقرات منها :
" اثبت كتكوت الحوزة عمار بن الحكيم الطباطبائي، انه داهية من الدواهي ومصيبة من المصائب، وانه حقا ابن أبيه ووارث فصيلته التي تؤويه!
كيف استطاع هذا الغلام الناعس الأجفان أن يخدع دهاقنة السياسة وشياطينها بمجرد أن تحاور لسويعات قلائل مع الثعلب الديمقراطي المراوغ جوزيف بيدن، الذي كان حمل مشروعه لتقسيم العراق إلى الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، فرفع خمستهم أيديهم بالموافقة، وهم لا يعلمون أن المصمم الحقيقي والمروج للتقسيم هو عمار وريث الحوزة، الذي ما زال يتعثر بجبته عندما يسير، ويثبت بالكاد عمامته على جمجمته عندما يتلفت!
الحوارات القصيرة التي أجراها الكتكوت الفدرالي، مع الثعلب ذي الناب الأزرق، الديمقراطي والمرشح لخلافة بوش، كانت معمقة حشد لها الكتكوت كل ما ورثه عن أسلافه من علم وفهم وحنقبازيات، حتى خضع جوزيف بيدن، واشترى من الكتكوت عار التقسيم!
ولما كان المصوتون - فيما بعد - على المشروع هم خليط من الديمقراطيين وشعار حزبهم - الحمار- الجمهوريين وشعار حزبهم الفيل فان الكتكوت غلب الحمير والفيلة، وجعل منهم أضحوكة يتنصل من تبعات ورطتهم الرئيس بوش ووزيرة خارجيته كوندي والسفير كروكر وغيرهم من قادة مجموعات الضغط والتآمر وصناعة القرار!
ومن تجليات دهاء الكتكوت انه خرج بذريعة للحصول على الجائزة لأبيه المصدور الذي يتعالج في طهران، بإلقاء اللائمة على سلطة الأمر الواقع التي عملت ميليشيات أبيه وسائر الميليشيات على إقناع العراقيين بأنها أهون عليهم من طاحونة الدم اليومية ومن التهجير وخراب البيوت
سيقول الكتكوت هذا ما يريده الأمريكان ومن لديه اعتراض فليلجأ إلى القضاء أو ليشرب من البحر نحن أردنا فدرالية فأبى الأمريكان إلا أن يفرضوا علينا التقسيم وهو خطاب - على أية حال - أذكى من خطاب الطالباني الذي زعم أن (التقسيم يعزز وحدة العراق) وان الذين غضبوا من مشروع قرار الكونغرس ينقصهم الفهم والثقافة ويتحركون ويسكنون بوحي من شوفينيتهم ومن خلفياتهم التكفيرية! "
وفي نهاية القصة يقول هناك من " يطمع أن يرسل الله إلى هذا الوطن من هو أكثر دهاءً من كتكوت الحوزة، ليخدع سيناتور أكثر سذاجة من بايدن، يقنعه أن لا علاقة بين انسحاب أمريكي مشرف وتقسيم بلد موحد!."
(فرات ناجي : الكتكوت الخطير يخدع الأفيال والحمير..! شبكة البصرة. 23/10/2007)
بعد هذه الاستراحة سنقوم بمناقشة بعض الفقرات المهمة فنقول :
حق بيدن وغيلب على العراقيين!!
إن بيدن يرى أن من حقه إبداء رأيه فيما يخص العراق، وذلك لأن العراق، من هذا المنطلق، ما هو إلا مستعمرة أمريكية.
والغريب في الأمر أنه يبرر ذلك، لكون الأمريكيين أهرقوا دماءهم وأنفقوا أموالهم، لمصلحة العراق والشعب العراقي!!
وفي نفس الوقت فإن المقال المشترك لبيدن وغيلب يؤكد : لنا حق على العراقيين أن يسمعوننا حيث لنا أكثر من 160000 جندي أمريكي معرضين للخطر في بلادهم، وحيث إننا أنفقنا بلايين الدولارات، وخسرنا أرواح أكثر من 3800 جندي كما أصيب حوالي 28000 آخرين. "
ونحن من جانبنا نعتقد بأنه لنا حق، أيضا، لنقول لهما : من الذي طلب منكم غزوا العراق، وحتى دون موافقة مجلس الأمن وما يطلق عليه الشرعية الدولية؟ وهل أخذتم موافقة الشعب العراقي على ذلك؟ حيث من المؤكد لو تم التصويت، في حينه، على عملية الغزو وبإشراف أنزه قضاة العالم، فسوف لا يحصل قرار الغزو إلا على نسبة ضئيلة جدا من العراقيين الذين يوافقون عليه.
ولو أن العراقيين يعلمون بنتائج هذا الغزو لما صوت عليه أي عراقي. عدا ربما الخونة الذين كانوا يطلقون على أنفسهم المعارضة العراقية، ومنهم طبعا الذين يطلق عليهم قادة الأكراد والأكراد الشرفاء منهم براء.
كما أنمهما يشيران إلى : " يتمثل البديل غير العملي الذي تسعى إدارة الرئيس بوش إلى تحقيقه في دعم حكومة مركزية قوية في بغداد. تلك الحكومة المركزية لن تفلح، فهي غير مناسبة. لم تفلح تلك الحكومة في تحقيق المصالحة السياسية، وليس هناك أي دليل على أنها ستفلح في ذلك."
لماذا كل هذه المغالطات وهما يعلمان جيدا بان كافة الحكومات العراقية تم تشكيلها من قبل القادة الأمريكان بعد تدمير كافة المؤسسات العراقية الوطنية، ونحن معهما بان هذه الحكومة العميلة، وكافة الحكومات التي سيتم تشكيلها، لا يمكن أن تحقق أي نجاح لكونها شكلت على اساس المحاصصة، ولكونها خاضعة بصورة كاملة لما يفرض عليها من قبل النظام الصفوي في إيران.
وفي هذا المجال يحلو لنا أن نقتطف بعض الفقرات من كتاب صدر في نيويورك بعنوان (نهاية العراق)، والتي تدل على قيام أمريكا بتدمير العراق، حيث يذكر مؤلفه جاليبيرت، الذي كان عضوا في لجنة الشئون الخارجية في الكونغرس الأمريكي، : " إن العراق الموحد - كما يقول- ذهب إلى غير رجعة، بعد أن كتب الأمريكيون شهادة وفاته، ويبقى عليهم الآن الاعتراف بخطيئتهم الكبرى واستخراج شهادات الميلاد الخاصة بدويلاته الثلاث. وطبقا لصحيفة الوطن السعودية التي نشرت ملخصا للكتاب فإنه - كما يقول مؤلفه - يشخص ويلخص معالم ما أسماه بـ"الجريمة الكاملة" التي ارتكبتها الإدارة الأمريكية في العراق، وكيف أن الاستراتيجية - التي أعدها ونفذها سياسيون بعضهم غير متمرس وبعضهم فاسد، أسندت إليهم المهمة فقط لولائهم لصقور بوش من المحافظين الجدد - فشلت في الحفاظ على نسيج الوحدة الهش في هذا البلد وما يتعين عليها عمله الآن."
ويضيف " إن الأمريكيين يخوضون الآن في العراق حرباً مفتوحة يمكن أن تستمر مائة عام، وإن سياساتهم التي أعقبت غزوهم واحتلالهم لهذا البلد قد مزقته إرباً، وإنه لم يعد بمقدور الأمريكيين ولا غيرهم إعادة تجميعه، وإن حرباً أهلية مدمرة ستكون عنواناً للسنوات المقبلة، حتى تستقر عملية التقسيم، ويتم الانتهاء من ترسيم حدود هذه الدويلات، وكتابة شهادات ميلاد العراق الجديد ".
ويؤكد : "إن الولايات المتحدة التي غزت واحتلت العراق بهدف معلن هو تحويله لبلد ديموقراطي كنموذج يمكن تعميمه في الشرق الأوسط قد دمرته تماماً، ودفعته بسياساتها المجرمة نحو تقسيم لا مفر منه. "
(كتاب جديد يكشف السيناريوهات الأمريكية في العراق. نور العراق. 21/8/2007)
في الوقت الذي نؤيد طرحه فيما يخص تدمير العراق فنحن لا نقر استنتاجه بأن : " حرباً أهلية مدمرة ستكون عنواناً للسنوات المقبلة، حتى تستقر عملية التقسيم... و التقسيم لا مفر منه " لأن ما يطلقون عليه الحرب الأهلية بعيدة الحدوث في العراق وبالأخص فإن الكثير من شيوخ العشائر ومن أبناء الوسط والجنوب من العرب بدءوا يكتشفون المؤامرة الصفوية وأصبحوا ضد أي نوع من الفيدرالية أو التقسيم.
(بغداد - من مريم قرعوني وبول تيت : زعماء عشائر جنوب العراق: ايران تستغل الطائفية لتحقيق نواياها الشريرة. ميدل ايست اونلاين. 22/11/2007. و عشائر جنوبي العراق ترفض التقسيم وتطالب بانسحاب الاحتلال. العشائر تتمسك بضرورة المحافظة على هوية العراق العربية (الفرنسية-أرشيف). عن الجزيرة.نت. 8/12/2007. و مؤتمر العشائر العربية في البصرة يؤكد على انسحاب الاحتلال ورفض التقسيم. مفكرة الإسلام. 9/12/2007.)
2- الاستناد إلى فقرات بالدستور العراقي.
أما بالنسبة إلى ادعاء بيدن بأن خطته " تهدف فقط إلى استخدام الآليات الاتحادية المنصوص عليها في الدستور العراقي ". كما أن مجلس الشيخ عند مطالبته بالتقسيم ادعى بأنه يستند إلى إلى ما ورد بالدستور العراقي.
نقول أن هذه مغالطة كبيرة أخرى، ورغم معارضتنا لما يطلق عليه الدستور العراقي، الذي استند إلى قانون بريمر، وعدم اعترافنا به، ولكننا مضطرون للرجوع إلى مواد هذا الدستور لمناقشة ما ورد بقرار مجلس الشيوخ وأقوال بيدن وغيلب وكشف مدى التناقض بين ما ورد في أطروحاتهم وبين مضمون مواد هذا الدستور. من خلال :
أ - صلاحيات السلطات الاتحادية.
بعد أن تكلم عن فدرلة العراق، نص قرار مجلس الشيوخ على : " مع حكومة مركزية قوية ولكنها ذات سلطات محدودة في بغداد.
تتولى الحكومة المركزية مسؤولية المصالح المشتركة الحقيقية : الدفاع عن الحدود، السياسة الخارجية، إنتاج النفط والواردات." أما غيلب وبيدن فإنهما يذكران " وجود حكومة مركزية محدودة تتولى المسؤولية عن الشواغل العامة مثل حماية الحدود وتوزيع العائدات النفطية. " أي أن مجلس الشيوخ أضاف، إلى صلاحيات الحكومة المركزية : السياسة الخارجية.
بينما نص الباب الرابع – المواد من 107 إلى 112 - من الدستور المذكور على ما يلي :
- تحافظ السلطات الاتحادية على وحدة العراق وسلامته واستقلاله وسيادته ونظامه الديمقراطي الاتحادي.
- وضع سياسة الأمن الوطني وتنفيذها، بما في ذلك إنشاء قوات مسلحة وإدارتها لتأمين حماية وضمان أمن حدود العراق، والدفاع عنه.... الخ
إن هذه المادتين وحدها كافية لبيان خطأ المشروع وأقوال بيدن وغيلب.
فالحفاظ على وحدة العراق... الخ، يتطلب تمتع هذه السلطات بكل ما له علاقة بالجانب الأمني.
أي أن تتمتع بجيش قوي وقوات أمن قوية للحفاظ على : أولا وحدة العراق وعدم حدوث أي مشاكل بين الأقاليم، وكذلك ضرورة تواجد قواتها داخل الأقاليم نفسها لوأد أية فتنة تحدث داخل أي إقليم وبالأخص إذا كانت هناك تدخلات من دول أو جهات أجنبية. كما أن من واجب السلطات الاتحادية حل كافة الخلافات التي تحدث بين إقليمين أو أكثر.
يضاف إلى ذلك، الحفاظ على سيادة العراق من أي عدوان خارجي.
وإن الدستور، الذي وضعه الصهاينة وحلفائهم من أمريكيين وصفويين، عندما يذكر " ضمان أم حدود العراق " يؤكد : " بما في ذلك " أي هذه من ضمن الصلاحيات المذكورة سابقا " وضع سياسة الأمن الوطني ".
وليس المقصود كما تصوره المشروع، الذي صادق عليه مجلس الشيوخ، باعتبار صلاحيات السلطات الاتحادية محدودة بالدفاع عن الحدود حصرا.
كما أن الدستور منح صلاحيات واسعة للسلطات الاتحادية في كثير من المجالات، منها التمثيل الدبلوماسي، وتنظيم السياسة التجارية، ورسم السياسة النقدية، وتنظيم أمور الجنسية... الخ.
يضاف إلى ذلك أن المادة 111، أوضحت الاختصاصات المشتركة بين السلطات الاتحادية وسلطات الأقاليم، والتي هي في الحقيقة سلطات اتحادية لأن النص يقول : " بالتنسيق أو بالتعاون مع الأقاليم.. "
وهكذا نرى التناقض الكبير فيما نص عليه قرار المجلس المذكور عندما يؤكد على " مع حكومة مركزية قوية " وبين الصلاحيات المحدودة جدا التي منحها لتلك الحكومة المركزية!!
ومن جهة أخرى بين الصلاحيات التي منحها الدستور للسلطات الاتحادية وتلك التي نص عليها مشروع مجلس الشيوخ.
ولا نرى داع هنا لمناقشة كافة مواد الدستور وقانون الأقاليم في هذا المجال. ولكن من حقنا أن نتساءل:
حتى لو قبلنا جدلا بأن السلطة المركزية سوف تكون مسئولة فقط عن حماية الحدود ن وفق ما طرحه مشروعهم، حماية الحدود كيف تتم!!؟ ومن أين تجند السلطات الاتحادية!!؟ هل تستوردهم من سويسرا كما كان يفعل ملوك فرنسا قبل الثورة الفرنسية عام 1789؟ - وذلك لأن حكام الأقاليم الفرنسية وأغلبهم من الإقطاعيين، الذين هم في كثير من الحيان من رجال الدين، كانت لديهم قواتهم العسكرية الخاصة بهم.
أما ملك فرنسا فليس لديه قوات عدى المرتزقة السويسريين -.
أو أن تتوسل بكل إقليم ليرسل لها ما يريد من جنود، لحماية الحدود، وهل ممكن، في هذه الحالة، ضمان ولاء هؤلاء الجنود للعراق أو أن ولائهم سيكون للطائفة التي ينتمون إليها؟
فمثلا لو فرضنا جدلا بأن إيران تجاوزت على حدود العراق بموافقة، صريحة أو ضمنية، لحكام إقليم الجنوب، فما هو الموقف في هذه الحالة؟
وهل أن سلطات إقليم الجنوب سيوافقون على إرسال جنود، وإن تم إرسالهم مع من سيحاربون مع رؤسائهم التابعين، منطقيا، للسلطات الاتحادية أو مع القوات الغازية التي اتفقت مسبقا مع سلطات الإقليم؟
ب – تكوين الأقاليم.
علينا هنا أن نوضح بأن الدستور العراقي لم ينص على تكوين ثلاث أقاليم على أساس طائفي أو اثني، بل نصت المادة 16 منه على : " يحق لكل محافظة أو أكثر تكوين إقليم بناء على طلب بالاستفتاء عليه... "
وما تضمنته هذه الماد ة، كما نرى، يختلف كليا عما طرحة مشروع التقسيم المذكور الذي ينص على : " فدرلة العراق وفق الدستور العراقي ستتكون من ثلاث مقاطعات ذات حكم ذاتي واسع، (شيعية، سنية، كردية) و تشكيل حكومات الأقاليم (للكرد، السنة، الشيعة) وتكون مسئولة عن إدارة شؤون أقاليمهم. "
وللإصرار على مشروع التقسيم فإن المجلس المذكور عندما يطلب من المجتمع الدولي ودول الجوار التعاون لتنفيذ هذا المشروع فإنه ينص على " دعم أية تسوية سياسية عراقية تقوم على النظام الاتحادي."
كما أن يطالب ب "عقد مؤتمر للعراقيين من اجل أن يتوصلوا إلي اتفاقية حول تسوية سياسية شاملة قائمة على قانون النظام الاتحادي الذي صدق عليه البرلمان العراقي في 11 تشرين الأول (أكتوبر) 2006.
أي أن يكون الغرض الأساس من المؤتمر هو التوصل على تسوية ولكن يجب أن تستند إلى قاعدة التقسيم.
وهذه الفقرات تدل دلالة قاطعة على أن القرار المذكور ما هو إلا تنفيذا للمشاريع الصهيونية لتفتيت العراق والوطن العربي على أسس طائفية واثنية والتي عرضناها في القسم الأول من هذا البحث (الدكتور عبدالإله الراوي : تفتيت العراق والوطن العربي.. مطلب صهيوني – صليبي – صفوي. شبكة البصرة. 10/10/2007)
ج – الدافع الحقيقي لمشروع التقسيم.
لقد أوضح مشروع المجلس المذكور، بصورة لا تقبل الجدل، الأهداف التي يسعى لتحقيقها والتي تصب في مصلحة الولايات المتحدة والكيان الصهيوني والنظام الصفوي نذكر منها :
" - أفضل ما يمكن أن يخدم المصالح الأمنية الطويلة المدى للولايات المتحدة هو قيام دولة عراقية مستقرة لا تكون ملاذا للإرهابيين ولا تشغل تهديداً لدول الجوار."
أي أن مشروع التقسيم سيضمن أمن الولايات المتحدة ولكن ما لم يصرح به مجلس الشيوخ كون التقسيم سيقدم ضمانا حقيقيا وواقعيا للكيان الصهيوني.
" - توجيه القادة العسكريين لتطوير خطة خاصة بالانسحاب وإعادة نشر معظم القوات الأمريكية من العراق في أيلول 2008.
- الاحتفاظ بقوة صغيرة مقيمة داخل أو بقرب العراق ربما تتكون من عشرين ألف جندي لضرب أية تجمعات إرهابية وللمساعدة في إيفاء الدول المجاورة بالتزاماتها تجاه العراق وتدريب قوات الأمن.
- منح الحكومة المركزية سلطة وضع سياسة نفطية وطنية وتوزيع الواردات، والتي ستجتذب الاستثمارات الأجنبية التي يحتاجها العراق والأخذ بنظر الاعتبار قانونيا مصلحة كل مجموعة من خلال المحافظة على العراق موحدا وحماية البنية التحتية للصناعات النفطية."
النص واضح لا يحتاج إلى تعليق، أي أن أحد الأهداف الرئيسة للقرار هو سحب معظم القوات الأمريكية. ولكن فقرة إبقاء قوة صغيرة يحتاج إلى تعليق بسيط.
أي أن أمريكا ستحتفظ بقواعد دائمة في العراق. وهذه قضية متوقعة.
مع ذلك هناك فقرة محيرة تلك التي تنص على تدريب قوات الأمن.
فلا ندري ما المقصود بها، وذلك لأن قرار المجلس منح كافة السلطات الأمنية إلى الأقاليم. فهل المقصود بها
قيام القوات الأمريكية بتدريب الكتائب الصفوية في إقليم الوسط والجنوب؟ وكذلك في الإقليم الذي سيقيمه عملاء الصحوة في غرب وشمال العراق؟ والذين سيأخذون مكان تنظيم القاعدة التي دعت إلى تكوين " دولة العراق الإسلامية؟. "
من المؤكد بأن الإجابة ستكون : طبعا هذا هو المقصود من النص. وذلك لكون مشروع التقسيم لم يمنح للسلطات المركزية أية صلاحية في هذا المجال.
د – تقسيم أو نظام فيدرالي؟
إن بيدن وغيلب يوضحان :
إن " خطتنا ليست تقسيما، على الرغم من أن بعض المؤيدين ووسائل الإعلام أسموها كذلك بالخطأ. إن الخطة المقترحة تسعى إلى توحيد العراقيين من خلال إحياء النظام الفيدرالي الذي ينص عليه الدستور العراقي. فعراق فيدرالي هو عراق موحد لكنه عراق يتم فيه تقسيم السلطة على حكومات إقليمية، مع وجود حكومة مركزية محدودة تتولى المسؤولية عن الشواغل العامة مثل حماية الحدود وتوزيع العائدات النفطية.
العراقيون لا يعرفون الفيدرالية التي كانت تشكل، من الناحية التاريخية، السبيل الوحيد لتوحيد الدول الممزقة، لكن في غياب المحتل أو الدكتاتور. يمكننا أن نشير إلى النظام الفيدرالي، وكيف أنه بدأ في وقت كانت معظم السلطات في أيدي الدول. يمكننا أيضا الإشارة إلى حلول مماثلة تم تطبيقها في دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي أسبانيا، وفي البوسنة. ليس هناك أدنى شك في أن معظم العراقيين يريدون المحافظة على وحدة بلدهم. لكن إذا ظل القادة العراقيون يسمعون من الزعماء الأمريكيين إن الفيدرالية تعني التقسيم أو تفضي إليه، فهذا ما سوف يصدقونه. "
نقول لهما بان المشروع الذي طرحاه هو خطة تقسيم وليس تكوين نظام فيدرالي لعدة أسباب.
أن أمثلتهما التي ذكروها لا تنطبق على العراق نهائيا، فالإمارات العربية كانت تتكون من عدة دويلات تم توحيدها. أما البوسنة فقد ذكرنا ما يكفي عنها في الجزء الأول من هذا القسم.
بالنسبة إلى اسبانيا فإن السلطات الاتحادية تتمتع بصلاحيات واسعة جدا بالمقارنة مع مشروع التقسيم الذي طرحاه وبالأخص في ما يتعلق بالجانب الأمني والقوات العسكرية لا مجال لذكرها.
ب - من حقنا أن نطالب الكاتبان بأن يذكران لنا، ولو مثلا واحدا، عن دولة موحدة كالعراق الذي لم يكن نهائيا دولة ممزقة – كما يدعيان - تم تقسيمها بالطريقة التي يريدان تطبيقها على بلدنا الحبيب.
وهما يعلمان جيدا بأن من قام بتمزيقها هو الغزو وما تبعه من تدخل من الصهاينة وحلفائهم الصفويين.
وبالأخص كما ذكرا " في غياب المحتل أو الدكتاتور" وهمل يعلمان جيدا بأن العراق تحت الاحتلال، ولو كان بلدا مستقلا فعلا، فهل يحق لهما طرح مثل هذه المشاريع؟
كما نريد منهما أن يذكرا لنا، ولو مثلا واحدا لا أكثر، عن نظام فيدرالي أو كون فيدرالي لا تحتفظ به السلطات الاتحادية إلا بتوزيع العائدات النفطية والتمثيل الدبلوماسي وحماية الحدود.
لا نريد أن نطيل على القارئ، ولكننا نؤكد هنا بأن مجلس الشيوخ وكل من بيدن وغيلب، بادعائهم الاستناد إلى الدستور العراقي وبأنهم لم يقدموا أي خطة تتعارض مع الدستور العراقي ومع قانون الأقاليم.
أرادوا استغلال سذاجة الشعب الأمريكي والضحك على غباء الذين لم يطلعوا على الدستور العراقي من سياسيين عالميين وكذلك بعض العراقيين البسطاء بالتعاون مع الكتائب الصفوية لتمرير مشروعهم الجهنمي هذا.
وهذه مغالطة لا أخلاقية، ولكن هل ننتظر من هؤلاء الصهاينة أن يتحلوا بأي وازع من ضمير أو أخلاق.
كما نؤكد بأن مثل هذه المشاريع لا يمكن أن يتم تحقيقها لسببين :
الأول : لكونها غير واقعية. والثاني : إن كافة العراقيين بمختلف انتماءاتهم وطوائفهم سيقفون ضد مثل هذه المشاريع التي لا يمكن أن تخدم العراق والعراقيين. بل وضعت لخدمة أهداف أعداء العراق والأمة العربية من صهاينة ومحتلين وصفويين.
كما أن المقاومة العراقية البطلة تقف لهم بالمرصاد لوأد مشاريعهم الجهنمية هذه.
وأخيرا من المغالطات المهينة قول مجلس الشيوخ " لا ينبغي تأويل أي شيء في هذا القانون على انه يشكل بأي طريقة كانت تعديا على الحقوق السيادية للأمة العراقية. "
نقول لهم بارك الله بحسن نواياكم!! فإن ما قدمتموه ينسجم كليا مع رغبات أسيادكم الصهاينة ولا يحمل أي تعد على الحقوق السيادية (للأمة العراقية).
والغريب هنا أنهم، بعد كل ما قدموه من إهانة لكل عراقي بتدخلهم السافر بشؤون العراق، يعترفون
بوجود أمة عراقية!!!
كما أن القرار يذكر :
"على الرغم من الفروق الموجودة فيما بينهم إلا أن المجموعات الطائفية والعرقية تؤيد الوحدة وسلامة أراضي العراق. "
إذا كانوا مقتنعين بوجود أمة عراقية وبأن العراقيين يؤيدون الوحدة وسلامة أراضي العراق.
فما هو الدافع للتصويت على مشروعهم ورغبتهم بتقسيم العراق؟
لقد ذكرنا الدوافع ولا داعي لتكرارها. وسوف يتم تعميق ذلك في مقالنا الآتي، إن شاء الله، بعد طرح موقف المعارضين لمشروع التقسيم.
الدكتور عبدالإله الراوي
دكتور في القانون وصحافي عراقي سابق مقيم في فرنسا
hamadalrawi@maktoob.com
تجدون كافة مقالاتنا التي نشرت بعد الغزو على
http://iraqrawi.blogspot.com
شبكة البصرة
الخميس 24 ذو الحجة 1428 / 3 كانون الثاني 2008
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس