ليوث العراق الأبطال في سجون الأنذال .. الدكتور محمد مهدي صالح والسيد طارق عزيز .
الدكتور عبدالإله الراوي
لقد كتب الكثير من الأخوة الشرفاء عن أزمة قادة النظام الوطني العراقي في سجون الاحتلال وعن المحاكمات الصورية التي تمت والتي تجرى من قبل أعوان الاحتلال والخاضعين للنظام الصفوي في إيران .
وهنا لا أريد أن أردد ما كتب سابقا حول هذا الموضوع ، ولكني سأحاول أن أتكلم ، بصورة موجزة جدا ، عن التلاعب الذي يتم الآن بالنسبة لمحاكمة السيد طارق عزيز وعن ما يعانيه الدكتور محمد مهدي صالح .
1- بالنسبة إلى أبي زياد :
إن عملاء إيران يبحثون في كل يوم عن تهمة جديدة ليلصقونها به محاولة للحكم عليه .
ففي البداية كان أبو زياد متهما بقضية إعدام التجار .
ولكن بعد أن أوضح السيد طارق عزيز على عدم مسئوليته شخصيا عن هذه التهمة ، فإن الإدعاء العام أضاف تهمة جديدة إلي الملف هي تسييس خطب الجمعة ، أي إضافة اسم الرئيس صدام حسين إلى الخطبة ، علما أن عزيز مسيحي كلداني ولا علاقة له بمثل هذه الأقاويل . ( إن الذين حاولوا اغتياله عام 1980 يعيدون الكرة طارق عزيز يتهم المالكي ضمنيا بالانتقام منه . القدس العربي . 20/05/2008 )
ورغم اتهام أحد الشهود السيد طارق عزيز بإعدام أحد التجار لكونه ينافس ولده زياد الذي يتاجر بالحديد والخشب ، فإن أبو زياد قال منفعلا : " ليثبت (الشاهد) أن ابني المهندس زياد كان تاجر حديد وخشب "، متهما الشاكي بـ "الحنث باليمين"، واستشهد بالآية القرآنية "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا " ( تبادل الشتائم بين طارق عزيز وأحد المشتكين في قضية إعدام التجار :بغداد - أصوات العراق 26 /05 /2008 )
وقد أسقط بيد الشاهد والإدعاء العام ما رسموه لتوقيع أقسى العقوبات بحق المناضل طارق عزيز فماذا يعملون ، وقد سبق لهم أن قطعوا وعدا لأسيادهم الصفويين بضرورة تصفيته ، الحل الوحيد هو اختراع تهمة جديدة بحقه .
وهذا ما تم فعلا حيث أنهم أضافوا تهمة جديدة للسيد طارق عزيز لأن " محاميه بديع عارف أكد بأنه علم أمس فقط من بغداد بان قاضي الإدعاء وجه تهمة طازجة وجديدة لم تكن من التهم السابقة وتتعلق بتحميله مسؤولية تصفية وقتل مجموعات بارازانية نسبة إلي مسعود البارازاني " . (عمان ـ القدس العربي من بسام بدارين:
إضافة تهمة جديدة لطارق عزيز بقتل أكراد بديع عارف أكد لـ القدس العربي إن أمريكا تراجعت عن إطلاق صهر صدام . 28/05/2008 )
وكما ذكرنا فإن المقصود ، ليس إقامة محاكمة عادلة ، ولكن تنفيذ ما يريده النظام الصفوي بحق كافة قادة العراق الذين شاركوا ، بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، في الحرب العراقية الإيرانية ، أي تصفيتهم .
وهكذا نري الطفل المدلل عمار الزنيم ، راجع مقالنا ، ( ترجمة وتعليق : الدكتور عبدالإله الراوي : اللعبة المزدوجة للشيعة العراقيين . شبكة البصرة . 8/12/2007 ) يتحكم بالمحكمة وبمحامي الدفاع ( محامي منتدب في محكمة الأسرى العراقيين . يتسلم التوجيهات من (عمار الحكيم) !!!! . شبكة البصرة . 26/5/2008 ) لغرض تحقيق أمنيات أعمامه الصفويين .
وبالنسبة للمحاكمات ، التي يعلم الجميع عدم شرعيتها وبعدها عن النزاهة ، نستشهد بما ذكره أخيرا السيد بديع عارف ، محام كل من السيدين طارق عزيز والدكتور محمد مهدي . الذي يقول :
إننا قانونيا ووطنيا وأخلاقيا أمام محكمة تختلف عن كل المحاكمات السابقة التي عهدناها في العراق من حيث الشخوص والأداء، ومن حيث الوضع السياسي، فقد بدأت في المحكمة مؤخرا محاولة تصفية رموز التيار الصدري، وهناك أجنحة وتيارات متصارعة داخل إطار المحكمة وبين قضاتها والعاملين فيها، فالغرفة القضائية المخصصة للتجار مثلا تتنازعها عدة تيارات من بينها التيار الصدري والمجلس الأعلى للثورة وتيار المهنيين والتيار الكردي .
ومن الواضح لعارف أن القاضي الشهير رؤوف رشيد عبد الرحمن الذي حكم بإعدام صدام حسين لا يتأثر كثيرا بالضغوط التي تخضع لها بقية الأجنحة في المحكمة، والسبب بسيط، هذا الرجل لديه منطقة آمنة في الشمال يمكنه العودة إليها ويستطيع الاستغناء عن البقاء في المنطقة الخضراء المحمية وهو امتياز أساسي في الواقع لا يملكه بقية من يعمل في دائرة المحاكم داخل المنطقة الخضراء، فكل ممثل لأي جناح أو تيار يهتم بالبقاء في المنطقة الخضراء ويعتقد بان حياته مهددة في حال الخروج منها، الأمر الذي يغذي جذوة الصراع .
ويؤكد المحامي عارف وجود جناح يمثل البعثيين السابقين مقابل وجود تيار يقوده قاضي التحقيق محمد العريبي الذي يطالب بنقل المحسوبين علي التيارات الأخرى، والعريبي نفسه ينظر الآن بملف أحداث انتفاضة الجنوب التي تسمى بالانتفاضة الشعبانية وهو نفسه شارك في قتل بعض الضحايا في هذا الأمر. ولدى المحامي عارف وثيقة موجهة من فدائيي صدام إلي العريبي تدعوه للتحقيق مع اثني عشر شخصا بتهمة الانتماء لأحزاب دينية مناهضة لصدام حسين، وقد كان الرجل قاضيا للتحقيق في الأمر واصدر بشكل موثق القرار التالي: يلقي القبض علي المجرمين التالية أسماؤهم ثم ينفذ حكم الإعدام بحقهم حيث ذبح هؤلاء بقرار من القاضي نفسه في اليوم التالي ولاحظوا ـ يقول عارف ـ استخدامه لتعبير المجرمين قبل تجريمهم، وهذا يعني أن العريبي يجب أن ينزل عن منصة الحكم ويدخل للقفص في القضية التي كلف بالتحقيق فيها .
وبالنسبة للقاضي رؤوف تثقل كاهله نفسيا وأخلاقيا مسألة إعدام الرئيس صدام حسين والوضع عموما داخل المحكمة عشوائي ولا مجال لإثارة قضايا العدالة والقانون بسبب هذا الوضع العشوائي . وبرأي عارف فان المساحة المتاحة هي فقط إثارة القضية إمام الرأي العام العالمي.
وفي المحكمة هناك جناح جعفر الموسوي الذي أعلن بان المحكمة يسودها الفساد الأخلاقي والقانوني الأمر الذي ينبغي أن يدفع باتجاه تحريك دعوي ضده لو كانت الأجواء سليمة من الناحية القانونية . ( بسام البدارين : بديع عارف: قاضي صدام يشعر بالذنب! ذكريات محامي طارق عزيز عن السيد النائب وصراعات المحكمة والمنطقة الخضراء . القدس العربي . 30/05/2008 )
أما بالنسبة لمحامي الدفاع الذين ينتدبون من قبل المحكمة فيذكر لنا أحد المحامين الشرفاء الكثير عنهم ، سواء قلة خبرتهم بالدعاوى الجنائية أو طريقة تعينهم الطائفية ... الخ .
كما يذكر لنا موقف منظمة العفو الدولية من هذه المحاكمات في تقريرها الصادر في آذار (مارس ) 2008 .
والتي بينت في وثيقتها المرقمة 8002-001-14 بشكل لا لبس فيه إن المحاكمات التي تجري في العراق ألان هي جائرة وجاء فيه - اتضح ظلم المحاكمات التي جرت إمام المحكمة الجنائية العراقية العليا والطبيعة اللا إنسانية لعقوبة الإعدام على السواء من محاكمة وإعدام صدام حسين في 30 كانون الأول ( نوفمبر ) 2006 وشابت محاكمته عيوب خطيرة فعلى سبيل المثال منع من الاستعانة بمستشار قانوني طوال السنة الأولى بعد إلقاء القبض عليه وتعرضت عملية المحاكمة والاستئناف لتدخلات سياسية متكررة - كما جاء في التقرير – لا تستوفي المحاكمات الجارية إمام المحكمة الجنائية العراقية العليا التي أنشئت لمحاكمة مسئولين في نظام البعث السابق المعايير الدولية للمحاكمة العادلة وقد قوضت التدخلات السياسية الإجراءات المتخذة إمام المحكمة . (ودود فوزي شمس الدين : محامو مكتب الدفاع . شبكة البصرة . 28/5/2008 )
2 – بالنسبة للدكتور محمد مهدي صالح الراوي .
أرجو أن يسمح لي القراء ، بداية ، بتوجيه رسالة شخصية للأخ والصديق أبي وقاص الذي تربطني به ، إضافة للقرابة ، صداقة متينة تطورت من خلال المعاشرة الطويلة .
والذي كنت أتوقع أن يظهر اسمه مع المتهمين في قضية إعدام التجار ، ولكن لم يشار له في هذه القضية .
إذا ما هي التهمة أم التهم التي سيتم توجيهها له ، وهو ليس أحد قادة الحزب ، حيث حسب معلوماتي بأنه لم يصل إلى أكثر من عضو قيادة فرقة في الحزب ، كما أنه ليس من المسئولين الكبار في الدولة ، كان مجرد وزير لا أكثر .
هل سيحاكمونه لكونه ابتكر ( البطاقة التموينية ) التي أنقذت العراقيين من الجوع !! ؟
بينما كان النظام الصفوي في طهران يطمح بموت كافة العراقيين .. أم سيبتكرون له تهما من بنات أفكارهم النتنة ؟ سؤال يحتاج إلى جواب .
أخاطبك الآن يا أبا وقاص الذي أتذكره منذ أيام الطفولة ... والشباب عندما قمنا بأول سفرة أوربية بالنسبة لي ، معك عندما كنت طالبا في مانشستر ، وتجولنا خلالها في كل من سويسرا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا .
وكانت فرصة لك ولي لنزور هذه الدول ، عدا بريطانيا بالنسبة لك .
وأنا مرغما بأن أتذكر لقاءاتنا الأخيرة بين 1998 – 2002 عندما كنت أزور قطرنا الحبيب للمشاركة بمؤتمرات المغتربين والمقيمين العراقيين في الخارج .
والدعوات الكثيرة في بغداد والرمادي وراوة ، وأتذكر بصور خاصة الأمسية التي قضيناها في داري في بغداد مع الكثير من الأقرباء والأصدقاء .
معذرة أبا الوقاص لإزعاجك بهذه الذكريات ولكني أتساءل : هل يحق لنا أن نحلم برؤيتك مستقبلا ؟ وإذا استطعنا اللقاء بك هل ستستطيع رؤيتنا ؟
أنا أعلم بأنك كنت مهدد بفقد إحدى عينيك منذ مدة طويلة (ترجمة : الدكتور عبدالإله الراوي : في بغداد، سجين وكالة المخابرات الأمريكية (سي.ي.ا) .. مقابلة مع الأستاذ عبدالجبار الكبيسي
شبكة البصرة . 20/1/2006 )
ولكن أن تفقد البصر كاملا فهذه مصيبة كبرى ، وبالأخص أننا نسمع نداءك ، وفق محاميك ، " لأي طبيب عربي أو أردني يمكن أن يحضر لبغداد لمساعدته في إنقاذ عينه الثانية بعد أن فقد البصر تماما في إحدى عينيه داخل المعتقل، حيث يعاني الرجل صاحب النداء من احتمالية الإصابة بالعمى الكلي دون الخضوع لأي علاج خلافا للأعراف الدولية ولأحكام اتفاقية جنيف التي تنص علي وجوب الإفراج عن السجناء والأسري المصابين بأمراض خطيرة جدا. " ( إضافة تهمة جديدة لطارق عزيز بقتل أكراد . مشار له . )
كما أن محاميك ، ويا للأسف ، يؤكد بأنك فقدت البصر (محامٍ عراقي يطالب بتطبيق اتفاقية جنيف على المعتقلين المرضى لدى القوات الأميركية . الشرقية 29/5/2008 )
إن محامي السيد طارق عزيز والدكتور محمد مهدي يتكلم عم اتفاقية جنيف ، وهذه نكتة لطيفة ، حيث هو يعلم جيدا بأن الاتفاقات والأعراف الدولية ، لا تشكل أي وازع ، قانوني أو أخلاقي ، بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها فلهم الحق بفرضها على الدول الأخرى ، وبصورة خاصة ، على الدول العربية التي يجب عليها تطبيقها بحذافيرها .
ولكن عندما يتعلق الأمر بهم ، فهم غير ملزمين بمراعاة أي من هذه الاتفاقات أو الأعراف فلهم مطلق الحرية بخرقها أو تمزيقها إذا اقتضت حاجة الكيان الصهيوني الذي يتحكم بهم . ( الدكتور عبدالإله الراوي : تفتيت العراق والوطن العربي .. مطلب صهيوني – صليبي – صفوي . شبكة البصرة .10/10/2007 )
ورغم معاناتي تحضرني نكتة لطيفة في هذا المجال : وهي أن أحد الخطباء ألقى خطبة الجمعة في شهر رمضان وذكر فيها بأن من أفطر ستين صائما بني له قصر في الجنة . وكانت زوجته بين الحاضرين في صلاة الجمعة هذه ، وعندما عادت إلى دارها استنجدت بجاراتها لمساعدتها بعمل وجبة كبيرة لإرسالها للجامع لتحقيق ما قال زوجها في خطبته ، أي إطعام ستين صائم .
وفي هذه الأثناء دخل زوجها واستغرب وجود هذا العدد الهائل من النساء ، فاستدعى زوجته وقال لها : ماذا تعملين يا امرأة ؟ فقالت له : إني أريد أن نحصل على قصر في الجنة كما ذكرت في خطبتك .
فقال لها : يا امرأة إن ما ذكرته موجه للآخرين ولا ينطبق علينا .
ودون ذكر ما قامت به الكتائب الصفوية بقتل الضباط والطيارين الذين اشتركوا في الحرب العراقية الإيرانية ، نرى أن نشير إلى تعهد ما يطلق عليه ( معالي رئيس وزراء ) في المنطقة السوداء نوري المالكي لسيده جوابا على كلام نجاد عندما قال : " أنّ الجمهورية الإسلامية قلقة من تأخير تنفيذ أحكام الإعدام بحق مداني الأنفال جميعاً.."
حيث أن المالكي أجابه قائلا : (( لا داعي للقلق، فقد طلبت من الأمريكان يوم أمس تسليمي المدانين الثلاثة لإعدامهم مرة واحدة، ولكن المشكلة هي في موقف نائب الرئيس طارق الهاشمي الذي استطاع إقناع هيئة الرئاسة وبضمنهم عادل عبد المهدي بالمصادقة على إعدام علي الكيماوي فقط.. لذلك أرجو أنْ تضغطوا على المجلس الأعلى، وتتحدثوا مع الحكيم حول الموضوع، إذ أنّ موقف حزب الدعوة واضح، وهو إعدام الجميع، وسوف أبقى مصراً على ذلك..)).
في الحقيقة إن ما ( وهي مقصودة هنا لأن المالكي نكرة ) يطلق علية رئيس الوزراء سبق أن وقع تعهدا لسادته في إيران ، بإعدام كافة القادة البعثيين والذين شاركوا بالحرب العراقية الإيرانية ، كما ذكرنا ولذا تم إعدام القادة الكبار وعلى رأسهم الرئيس العراقي صدام حسين ورفاقه الأبرار رحمهم الله جميعا . ومن المؤكد سيتم إعدام الأبطال الآخرين طالما أنهم وقفوا ويقفون ضد اللوبي الصهيو – صليبي – صفوي .
إذا كل ما ينتظره خادم إيران الصفوية المطيع لتنفيذ جرائمه هو قيام الأمريكان بتسليمه كافة السجناء .
ولكنا واثقون بأن حبل الخداع والكذب لا يطول ، وإن مقاومتنا البطلة سوف لا تسمح لهم بتنفيذ خططهم الجهنمية بل ستذيقهم كأس السم الذي يحاولن إجبار الشرفاء على تجرعه .
وكما قال سبحانه وتعالى ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) صدق الله العظيم .
الدكتور عبدالإله الراوي
دكتور في القانون وصحافي عراقي سابق مقيم في فرنسا
hamadalrawi@maktoob.com
تجدون كافة مقالاتنا التي نشرت بعد الغزو على
http://iraqrawi.blogspot.com
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire