بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الاعتداءات الصهيو – أمريكية : لماذا على سوريا وليس على إيران؟ (1-2)
شبكة البصرة
الدكتور عبدالإله الراوي
قبل أن ندخل في صلب الموضوع علينا أن نعتذر لقرائنا الكرام عن تأخير نشر هذا المقال وذلك لأسباب خارجة عن إرادتنا.
سنحاول في هذا المقال البسيط تقديم آخر الانتهاكات والجرائم البشعة التي قام بها الكيان الصهيوني وحليفته الولايات المتحدة الأمريكية ضد سوريا الشقيقة مركزين بصورة خاصة على الغارة الصهيونية على أحد المواقع قرب دير الزور ثم العدوان الغاشم الأخير التي قامت به أمريكا على البو كمال.
وقد يتساءل القراء الكرام عن سبب ربطنا العدوان الأمريكي الأخير على البو كمال بالغارة التي قام بها سلاح الجو للكيان الصهيوني والتي مضى عليها أكثر من عام؟
نقول، من المؤكد، أن الاعتداء الأول تم بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية كما سنوضحه لاحقا، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الأهداف من الاعتداءين مترابطة.
بعدها نتساءل عن سبب أو أسباب التركيز على سوريا وليس على إيران ولذا سنقوم بعرض بحثنا المتواضع هذا كما يلي :
الفصل الأول : الاعتداءان الأخيران على سوريا ومبرراتهما.
الفصل الثاني : لماذا استهداف سوريا وليس إيران.
الفصل الأول : الاعتداءان الأخيران على سوريا ومبرراتهما.
في هذا الفصل سنحاول عرض ومناقشة الجريمتين ودوافعهما وهما :
أولا : الغارة التي قام بها الكيان الصهيوني.
ثانيا : العدوان الأخير على البو كمال.
أولا : : الغارة التي قام بها الكيان الصهيوني.
قبل أن نتكلم عن هذه الغارة علينا أن نشير إلى أن الطيران الحربي للكيان الصهيوني حلق فوق قصر للرئيس السوري بشار الأسد شمالي سورية في حزيران (يونيو) 2006، ما أثار غضب دمشق.
أما بالنسبة للغارة فنقول أنه في يوم 6/9/2007 قامت مجموعة من الطائرات، يقال أنها ثمانية، تابعة للكيان الصهيوني بقصف موقع داخل الأراضي السورية والذي يقع قرب مدينة دير الزور.
الغرض من الغارة : لقد اختلفت الآراء حول الهدف الذي قامت بقصفة الطائرات الصهيونية.
أ – كونه موقع نووي : لقد أعلنت صحيفة نيويورك تايمز أن سلاح الجو(الإسرائيلي) نفذ طلعات استطلاعية لتصوير منشآت نووية سورية محتملة يعتقد أن كوريا الشمالية زودت سوريا بها.
وكذلك ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" يوم 21/9/2007 أن (إسرائيل) أخطرت الرئيس الأميركي جورج بوش بقيام سوريا ببناء موقع نووي بمساعدة كوريا الشمالية، مشيرة إلى أن الأميركيين اجروا تحقيقا خاصا حول هذا الموقع قبل أن تشن (إسرائيل) غارة جوية عليه. ورفض المتحدث باسم البيت الأبيض توني فراتو التعليق على هذه المعلومات.
ونقلت الصحيفة عن مصادر حكومية أميركية إن قرار(إسرائيل) شن الغارة الجوية، التي نفذتها في السادس من (أيلول) سبتمبر، على ما تشك السلطات (الإسرائيلية) بأنه موقع نووي سوري، اتخذ بعد تبادل لمعلومات استخبارية مع الولايات المتحدة.
وأضافت المصادر إن (إسرائيل) أخطرت الرئيس بوش خلال الصيف بوقائع مفادها أن السوريين يبنون موقعا نوويا بمساعدة كوريا الشمالية.
وتابعت إن الولايات المتحدة قد تكون قدمت (لإسرائيل) تأكيدا على صحة هذه المعلومات استنادا إلى ما جمعته الاستخبارات الأميركية من معلومات، قبل أن تقدم الدولة (العبرية) على شن هذه الغارة التي نفذت ليلا للحد من مخاطر سقوط ضحايا مدنيين.
قبل أن نكمل من حقنا أن نتساءل هل أن الكيان الصهيوني حريص فعلا على أرواح الضحايا من العرب!!؟
وأكدت الواشنطن بوست أن طبيعة المعلومات الاستخبارية (الإسرائيلية) ونوع النشاطات النووية التي تقوم بها سوريا والمساعدة المقدمة من كوريا الشمالية في هذا الإطار لا تزال غير مؤكدة. (نائب وزير الخارجية: لم نتعود السكوت على أية انتهاكات سوريا تؤكد أنها سترد على الغارة الإسرائيلية على أراضيها. أ.ف.ب. 14/9/2007 و (إسرائيل) أخطرت بوش ببناء دمشق موقعاً نووياً بمساعدة بيونغ يانغ معلومات استخبارية وراء الغارة (الإسرائيلية) على سورية. أ.ف.ب. 21/9/2007)
كما نقلت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية الواسعة الانتشار عن خبير في شؤون الشرق الأوسط قوله : إن الغارة (الإسرائيلية) لها علاقة بشحنة معدات نووية وصلت إلى ميناء طرطوس السوري في أوائل هذه الشهر على متن باخرة كورية شمالية. (نتنياهو يكسر الصمت بشأن الهجوم على سورية. BBC. 20/9/2007)
وكانت صحيفة صنداي تايمز البريطانية نقلت عما وصفته بـ " مصادر موثوقة " أن (إسرائيل) شنت غارة أرضية على موقع سوري للحصول على عينات منه، قبل أن تشن غارتها الجوية عليه في وقت سابق هذا الشهر.
وقالت الصحيفة إن أفرادا من وحدة كوماندوز (إسرائيلية) شقوا طريقهم تجاه منشأة عسكرية سورية في موقع بمحافظة دير الزور في شمال سورية.
ولكن وزير الإعلام السوري نفى حصول (إسرائيل) على مواد نووية خلال غارة جرت مؤخرا على سورية.
مؤكدا إن (إسرائيل) " تنسج أوهاما وقصصا بوليسية وخيالية لا أساس لها ". (عساف عبود : وزير سوري ينفي حصول إسرائيل على " مواد نووية سورية ". بي بي سي - دمشق. 24/9/2007)
وفي هذا المجال أي فيما يتعلق بالموقع الذي كانت (إسرائيل) قد استهدفته بالقصف وقيل إنه لموقع نووي، فإن الرئيس السوري قال : « كان منشأة عسكرية تحت الإنشاء. ولأنه منشأة عسكرية لا يمكنني تقديم تفاصيل، لكن ذلك لا يعني انه كان منشأة نووية ».
(الأسد: رفضنا عرضا من عبد القدير خان للحصول على السلاح النووي : غزة دنيا الوطن. 20/12/2007)
ب - أهداف أخرى : ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية إن مسئولا في وزارة الدفاع الأمريكية، رفض ذكر اسمه، قال : إن ضربة " سريعة " قد وجهت إلى سورية كرسالة تحذير لها لوقف دعمها لحزب الله اللبناني. (نيتانياهو يكسر الصمت.. مشار له)
بينما أكدت قناة "سي إن إن" الأمريكية الإخبارية إن الغارة استهدفت قافلة أسلحة (نائب وزير الخارجية.. مشار له)
وأن مسئولا أمريكيا قال : إنه لا يعرف الهدف الذي أغارت عليه المقاتلات (الإسرائيلية) يوم الخميس الماضي، لكنه يعتقد أن هذه الغارة هي تحذير لسورية كي لا تسلح حزب الله في لبنان.
من جهة أخرى نقلت صحيفة " الصنارة " الصادرة في (إسرائيل) عن مصادر(إسرائيلية) لم تسمها قولها إن الطائرات الحربية (الإسرائيلية) قصفت " قواعد عسكرية إيرانية مشتركه في شمال سوريا وعلى ما يبدو فقد دمرتها كليا ".
وقالت المصادر إن الحديث يدور عن " قاعدة صواريخ سورية إيرانية وان إيران هي التي تمول هذه القاعدة "، بحسب الصحيفة. (البنتاجون يؤكد وقوع غارة (إسرائيلية) على سورية. BBC. 12/9/2007)
وأحد الكتاب العرب يقول : أن هنالك احتمال آخر و هو إن (إسرائيل) أرادت استعراض قوتها و قدرتها على التحليق بعيدا داخل الأراضي السورية لمسافة تزيد عن 70 كلم حسب بعض المصادر دون أن تستطيع شبكات الدفاع الجوي السوري التصدي لها، و في هذا رسالة (إسرائيلية) واضحة إلى النظام السوري خاصّة بعد أن عاد حزب الله ليصرّح منذ فترة انّه قادر على ضرب أي مكان في (إسرائيل) و تهديدات من هذا القبيل، و هو أيضا رسالة أمريكية لإيران عن قدرة الولايات المتّحدة على دخول مجالها الجوي دون التعرض لنظام دفاعها الجوي القريب من الذي لدى سوريا.
لو كان لدى سوريا أي نشاط نووي لكن الأمر تحوّل إلى بازار علني و لكنّا رأينا الولايات المتّحدة بادرت إلى الهجوم السياسي و الإعلامي و حتى يمكن الهجوم العسكري في وقت من الأوقات، و ما كانت لتنتظر كل هذه المدّة، و لكان مثل هذا النشاط يمثّل أفضل ذريعة للأمريكيين، و لكانت (إسرائيل) فعلت الأمر ذاته أيضا و هذا يتناقض مع ما ذهب إليه الطرفين من إحاطة الموضوع بسريّة و كتمان شديد.
و لو افترضنا أن الهدف الذي تمّ قصفه هو منشأة نووية أو " قنبلة قذرة " أو شي ذو أهمية كبيرة و يشكل خطرا كبيرا على (إسرائيل)، و وفقا للتايمز فانّ التخطيط للعملية بدأ منذ شهر حزيران، و هو ما يعني إن الشحنة وصلت إلى سوريا قبل ذلك الوقت، فهل كانت (إسرائيل) ستنتظر منذ ذلك الحين و حتى شهر أيلول لتقوم بقصفه؟!
(علي حسين باكير: ملابسات الغارة (الإسرائيلية) الغامضة على سوريا. صحيفة السياسة الكويتية. 2-10-2007)
وأخيرا علينا أن نشير إلى أن دبلوماسيين من محققي الأمم المتحدة ادعوا بأنهم عثروا على آثار يورانيوم في موقع سوري. وتقول واشنطن انه كان مفاعلا نوويا سريا كاد يكتمل قبل أن تقصفه (إسرائيل) العام الماضي.
وأضاف هؤلاء الدبلوماسيون : أن آثار اليورانيوم الدقيقة ظهرت في بعض العينات البيئية التي أخذها مفتشو الأمم المتحدة من الموقع إثناء زيارة لهم في حزيران (يونيو) الماضي. وقالوا أن الاكتشاف ليس كافيا لاستخلاص نتائج لكنه آثار بواعث قلق تتطلب مزيدا من التوضيح.
ولم يصدر تعليق فوري من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولا من سورية. لكن إنباء عن الكشف تسربت بعد ساعات من تأكيد مسئولي الوكالة الذرية أن مدير الوكالة محمد البرادعي يعد تقريرا مكتوبا رسميا بشأن سورية للمرة الأولى.
وتنفي سورية مزاعم أجهزة مخابرات أمريكية عن أنها تبني مفاعلا بخبرة كورية شمالية بهدف إنتاج البلوتونيوم وهو المكون الرئيسي في القنبلة النووية الذي تعاد معالجته من وقود اليورانيوم المستنفد.
وتقول سورية إن معلومات المخابرات الأمريكية غير المؤكدة وملفقة وان واشنطن لا تحظى بمصداقية في هذا الجانب بعد أن استخدمت أدلة زائفة عن برامج أسلحة عراقية كبيرة في تبرير غزوها للعراق في عام 2003 والذي أطاح بالرئيس صدام حسين ودمر البلاد.
علما بأن البرادعي قال خلال اجتماعا لمجلس محافظي الوكالة في أيلول (سبتمبر) : إن النتائج الأولية من عينات اختبار أخذها مفتشون زاروا، في حزيران (يونيو)، الموقع الصحراوي الذي ضربته (إسرائيل) لا تظهر آثارا لنشاط ذري.
وقال دبلوماسيون معتمدون لدى الوكالة الذرية ومقرها فيينا : إن خبراء الوكالة حللوا بعدئذ مجموعة أوسع من العينات وان بعضها كانت به آثار مركب يورانيوم معين.
وقال دبلوماسي معتمد لدى الوكالة " إنها ليست كافية لاستنتاج أو إثبات ما كان يفعله السوريون لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلصت إلى أن ذلك يتطلب مزيدا من التحقيق."
وقال دبلوماسي آخر لرويترز " انه مكون مصنوع وليس (خاما) طبيعيا. لا توجد إشارة على انه كان هناك وقود نووي بالفعل أو نشاط (إنتاج)."
وأشار هذا الدبلوماسي إلى أن مثل هذه الآثار قد تكون نقلت إلى الموقع عن غير قصد على ملابس علماء أو عمال أو على معدات أحضرت من مكان آخر.
وقال دبلوماسيون أن هذه المزاعم ضد سورية أثارت لدى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تساؤلات موجهة لمسئولي الوكالة في الأسبوع الماضي عن محاولة سورية الحصول على " دراسة جدوى فنية واختيار موقع " لإقامة محطة طاقة نووية.
وقال دبلوماسي بارز : " إنه أمر سخيف أن تطلب سورية مثل تلك المساعدة الفنية في نفس الوقت الذي تخضع فيه للتحقيق بسبب عمل نووي سري " في إشارة إلى أن المشروع لن يحظى بتوافق الآراء المطلوب لإقراره من قبل المجلس.
وتجري الوكالة الذرية تحقيقا بشأن سورية منذ أيار (مايو) بعد قليل من تسليم واشنطن معلومات من المخابرات بشأن الموقع لكن ذلك كان بعد شهور من تدمير(إسرائيل) للموقع وتطهير سورية له.
واستنكر البرادعي التأخير في تقديم معلومات المخابرات وعدم إبلاغ الولايات المتحدة الوكالة الذرية قبل القصف وقال أن ذلك سيجعل من الصعب على الوكالة المكلفة بمراقبة تنفيذ معاهدة حظر الانتشار النووي التأكد من الحقائق " لأن الجثة اختفت."
وتقول سورية إن كل ما كان في موقع الكبر هو مبنى عسكري غير مستخدم. وأبلغت اجتماعا للوكالة في أيلول (سبتمبر) أنها تتعاون على نحو كامل مع التحقيق ولكنها لن تصل إلى حد فتح مواقع عسكرية حيث أن ذلك سيقوض أمنها.
(دبلوماسيون: الوكالة الذرية تعثر على آثار يورانيوم بموقع سوري. القدس العربي. 11/11/08)
يحق لنا هنا تثبيت عدة ملاحظات :
1- أن هنالك احتمالا كبيرا بأن الصهاينة عندما قصفوا الموقع المذكور قاموا بإلقاء كمية من اليورانيوم في المنطقة لتبرير عملهم الإجرامي.
ويؤكد احتمالنا هذا ما ذكره أحد الدبلوماسيين عندما يقول : إلى أن مثل هذه الآثار قد تكون نقلت إلى الموقع عن غير قصد على ملابس علماء أو عمال أو على معدات أحضرت من مكان آخر.
ومن الممكن أيضا قيام نفس هؤلاء الدبلوماسيين أو أحدهم بوضع كمية من هذا اليورانيم في الموقع لغرض اتهام سورية وتبرئة حليفهم الكيان الصهيوني الذي يسيطر على هذه المنظمة وعلى أمريكا. في هذا المجال يراجع (الدكتور عبدالإله الراوي : تفتيت العراق والوطن العربي.. مطلب صهيوني – صليبي – صفوي.شبكة البصرة. 10/10/2007)
2- لماذا قام بفحص هذا الموقع دبلوماسيين من الأمم المتحدة بدل أن توكل هذه العملية لوكالة الطاقة الذرية؟ حسب قناعتنا إن القضية مبيتة.
3 - إن رئيس الوكالة المذكورة : أبلغ في اجتماع لمجلس محافظي الوكالة في أيلول (سبتمبر) إن النتائج الأولية من عينات اختبار أخذها مفتشون زاروا في حزيران (يونيو) الموقع الصحراوي الذي ضربته (إسرائيل) لا تظهر آثارا لنشاط ذري.
وهذا القول يؤكد جميع ما ذكرناه في الفقرات أعلاه.
أي لماذا لم يجد محافظو الوكالة، في حينه، أي آثار لنشاط نووي بينما يعثر، وبعد مدة طويلة، دبلوماسيو ما يطلق عليها الأمم المتحدة على آثار لليورانيوم!!؟
4 – إذا كانت المعلومات الأمريكية عن الموقع صحيحة ومؤكدة، لماذا لم تبلغ الوكالة المختصة بذلك قبل قيام الكيان الصهيوني بقصفه كما ذكر رئيس وكالة الطاقة ؟
بعد كل ما ذكرناه يحق لنا أن نقول بأن العملية مبيتة بين الكيان الصهيوني وأمريكا.
ج – الموقف السوري :
إضافة لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن، وهذا ما نستطيع فعله دائما رغم علمنا بأن هذا المجلس لم ولن يتخذ أي قرار أو مجرد نقد ضد الكيان الصهيوني ولكن هذا أحد أسلحة الضعفاء.. الشكوى والبكاء.
ولكن عفوا فإن نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد أكد مساء الجمعة 14-9-2007 على حق سوريا بالرد على الانتهاك (الإسرائيلي) للأجواء السورية في 6 أيلول (سبتمبر)، إلا أنه شدد على أن سوريا هي " التي تختار متى وأين ترد". و", مضيفا أن سوريا " سترد على أي عدوان (إسرائيلي) الآن ولاحقا". (نائب وزير الخارجية: لم نتعود السكوت على أية انتهاكات. سوريا تؤكد أنها سترد على الغارة (الإسرائيلية) على أراضيها. دمشق - أ ف ب. 14/9/2007)
وعلينا هنا أن نشير إلى ما ذكره السيد باكير في المقال الذي أشرنا له :
الغريب أيضا في الموضوع، إعلان (إسرائيل) بثقة إن الغارة كانت رسالة و إنها تلقت إشارات من الجانب السوري على انه قد فهم الرسالة جيدا، و لعلّ هذا ما يفسّر السكوت السوري فيما بعد و لملمة الموضوع.
فهل صحيحا أن الرسالة كانت " رسالة واضحة إلى بشار الأسد بأنّ نظام طهران لن يحميه و لن يتدخل حال حصول هجوم على سوريا؟! "
حسب قناعتنا أن هدف الغارة ليس ما ذكر فقط والدليل أن سوريا لم تغير موقفها من حكام طهران، ونعتقد بأن الكيان الصهيوني أراد أن يقول للسلطات السورية : بأن الأراضي السورية تحت رحمتنا وبإمكاننا توجيه الضربات التي نريد دون أن تستطيعوا أنتم وحلفاؤكم، إيران والدول العربية أو حتى روسيا، عمل أي شيء ضدنا، ولذا من الأفضل لكم أن تقوموا بما يلي :
1- إيقاف مساندتكم لحزب الله اللبناني.
2 - عدم التدخل بشؤون لبنان.
3- الموافقة على إعادة التفاوض مع الكيان الصهيوني المسخ، والتي بدأت في أواسط شهر أيار 2008، دون أية شروط مسبقة أو أية ضمانات باسترجاع هضبة الجولان أو قسما منها.
بالنسبة للفقرة الأولى : من الصعوبة أن نقول بأن سوريا قطعت كليا تسليح حزب الله اللبناني، ولكن هنالك موقف غريب جدا من السلطات السورية يدل على ضعف العلاقة بين هذين الطرفين أو على الأقل استعداد الجانب السوري بإلقاء التبعة على حزب الله المذكور حتى لا تلقى التهمة عليه وفي هذا المجال نذكر :
ذكر موقع " إيلاف " الالكتروني، نقلاً عن مصادر مطلعة " إن المخابرات السورية وفي إطار التحضير لزيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى فرنسا، أبلغت المخابرات الفرنسية رسالة فحواها إن القيادة السورية تتنصل تنصلاً تاماً من الإحداث المذهبية التي اندلعت في الشمال بين العلويين والسنّة، وان " حزب الله " يقف وراء معارك طرابلس".
وأضافت المصادر: " إن المخابرات السورية وفرت للفرنسيين في إطار الدفاع عن موقف قيادتها ملفاً كاملاً يثبت إن الإحداث أشعلتها مجموعة مؤلفة من سبعين مقاتلاً ينتمون إلى " حزب الله " بقيادة المسئول العسكري في الحزب أبو جميل وهو من آل "س" من بلدة بريتال البقاعية".
وأوضحت " أن مقاتلي حزب الله قدموا من البقاع بواسطة المدعو محمود البضن " ابو حسن" وهو من عملاء "حزب الله " السنّة في طرابلس، وان هذه المجموعة التي تمركزت في بعل محسن هي التي خاضت المعارك من الجانب العلوي "، مشيرة إلى أن " الملف " تضمن صوراً لمقاتلي " حزب الله " في معارك طرابلس وتفصيلاً لنوعية الأسلحة المتطورة والتدريب القتالي الاستثنائي الذي تميزت به هذه المجموعة، لإثبات عدم انتمائها إلى المجموعة العلوية، وهو ما أثار حفيظة القيادة السورية التي وجهت لوماً شديداً إلى النائب السابق علي عيد المكلف ضبط وضع الطائفة العلوية في بعل محسن، وطلبت منه إخلاء مقاتلي "حزب الله" من طرابلس".
وتابعت المصادر " إن ضابط المخابرات السوري المكلف بتسليم " الملف " طلب من نظيره الفرنسي أن يبلغ إدارته أن نصف عائلة الرئيس الأسد تنتمي إلى الطائفة السنّية (في إشارة إلى زوجة الرئيس التي هي من آل الأخرس) وان إستراتيجية القيادة السورية كانت على الدوام تسعى لتجنيب الأقلية العلوية في لبنان أي تورط في صراع مذهبي مع السنّة لخطورة امتداد مثل هذا الصراع وعبوره الحدود إلى سوريا، وان هذا الأمر لم يتغير رغم محاولة إيران الدخول على هذا الخط بواسطة " حزب الله" (إيلاف": دمشق تتنصل من أحداث الشمال وتتـّهم "حزب الله"بالمعارك في طرابلس.المستقبل - الاثنين 30 حزيران 2008)
فإذا كان هذا الخبر صحيحا : فهل هذا الموقف متوقع؟ وهل للرسالة التي وجهها الكيان الصهيوني علاقة بذلك؟ أي أن تصل بالسلطات السورية، وفي سبيل إبعاد الشبهة عنها أن تلقي التبعة على حزب الله حليفها وحليف إيران الاستراتيجي؟
أما بالنسبة إلى عدم التدخل بشؤون لبنان : فنحن نعلم بأن سوريا وافقت على كافة الاتفاقات التي تمت بين اللبنانيين وبالأخص تلك التي اتفقوا عليها في قطر.
ليس هذا فقط ولكنها وافقت، ولأول مرة، على إقامة علاقات دبلوماسية بينها وبين لبنان.
أما فيما يتعلق بالفقرة الأخيرة أي موضوع إعادة التفاوض مع الكيان الصهيوني دون شروط، والتي سبقتها جولات طويلة من المحادثات التي جرت برعاية واشنطن، والتي توقفت عام 2000 بعدما بلغت طريقا مسدودا في موضوع الجولان، لكون سوريا طالبت باستعادتها كاملة حتى ضفاف بحيرة طبريا، التي تعتبر الخزان الرئيس للمياه العذبة للكيان الصهيوني والذي يرفض التنازل عنه.
فنقول :
في بداية المباحثات أكد وزير الخارجية التركي علي باباجان وصف الجولة الأخيرة من المفاوضات السورية (الإسرائيلية) غير المباشرة وبوساطة تركيا بأنها كانت " ناجحة جدا " وان الطرفين " راضيان للغاية " عن سير المفاوضات حتى الآن.
وأضاف باباجان، في تصريحات من لوكسمبورج، إن المفاوضات أحرزت تقدما دون أن يقدم تفاصيل عن التقدم الذي تم إحرازه وان الطرفين اتفقا على العودة إلى طاولة المفاوضات.
وأوضح الوزير التركي أن هذه المفاوضات تتناول قضايا حساسة للطرفين وان تحقيق السلام بينهما قضية "معقدة جدا".
كما اثني مسئول (إسرائيلي) بارز على هذه الجولة من المفاوضات التي استغرقت يومين. (المفاوضات السورية الإسرائيلية "حققت تقدما".
(http://news.bbc.co.uk/go/pr/fr/-/hi/arabic/news/newsid_7456000/7456177.stm)
ولا ندري ما المقصود بنجاح هذه المفاوضات والتي نستطيع أن نطلق عليها حوار الطرشان. لأن الجانب السوري يأمل استعادة كافة هضبة الجولان بينما الكيان الصهيوني يرفض رفضا قاطعا التنازل عنها.
وإن المفاوضات، غير المباشرة بواسطة تركيا مستمرة، وإن القيادة السورية تأمل أن تتحول هذه المفاوضات من غير مباشرة إلى مباشرة وبرعاية أوربية أو فرنسية (استقالة أولمرت ومستقبل السلام. قناة فرنسا 24. ممكن مشاهدته على الرابط.
http://www.france24.com/ar/20080731-israel-prime-minister-olmert-negociations-syria&navi=DEBATS)
وهنا يحق لنا أن نتساءل : ماذا تأمل سوريا من هذه المفاوضات؟ وهي تعلم جيدا :
بأنها ستضطر إلى طرد كافة المنظمات الفلسطينية من أراضيها، أي ستتنازل عن أي مبدأ لتحرير فلسطين أو ما يطلق عليه الأراضي المحتلة عام 1967. أي بعبارة أخرى ستترك الفلسطينيين عراة دون أي دولة عربية تدعمهم.
- ورغم تفاؤل السوريين، غير المبرر وفق قناعتنا وحسب ما سنبينه أدناه، والذي يدل عليه قول وزير الثقافة السوري، وبثقة كبيرة : « إن الجولان سوف تعود في ٢٠٠٨ والقدس سوف تعود في ٢٠٠٩، وسوف تحتفل سوريا بهذا علي مدار ثلاثة شهور ». (وزير الثقافة السوري:الجولان سوف تعود في 2008 والقدس في 2009. غزة-دنيا الوطن. 15/12/2007).
وها نحن في نهاية عام 2008 ولا توجد أي بارقة أمل باستعادة الجولان.
- في الحقيقة إن القادة السوريون يعلمون جيدا بأن الكيان الصهيوني سوف لا يوافق على إعادة كامل الجولان ودليلنا على ذلك :
أ- في استطلاع أجرته إذاعة الجيش للكيان الصهيوني : أكد أن : 65% من (الإسرائيليين) رفضهم إنهاء احتلال الجولان مقابل سلام حقيقي مع دمشق، فيما وافق 64% على الانسحاب الجزئي لكنهم قالوا إن رئيس الوزراء إيهود أولمرت غير جدير بإدارة مفاوضات والالتزام بتنازلات في وقت يبدو مستقبله السياسي غامضا.
واعتبر رئيس معهد جيوكرتوغرافيا للاستطلاعات آفي دجاني أن (الإسرائيليين) قرروا بموجب الاستطلاع المذكور أنهم مع الجولان لا مع أولمرت.
كما أن 57% من (الإسرائيليين) يعارضون إعادة أي جزء من الجولان مقابل السلام مع سوريا.
وأوضح استطلاع أجراه معهد مئجار موحوت برئاسة البروفسور يتسحاق كاتس أن 70% من (الإسرائيليين) لن يتنازلوا عن الجولان مقابل سلام، فيما أكد 65% رفضهم التنازل عن القدس المحتلة مقابل سلام مع العالم العربي.
ويوضح الاستطلاع المذكور والذي جرى بناء على طلب المركز لميراث مناحم بيغن أن (الإسرائيليين) يبدون في هذه المرحلة مواقف متشددة حيال الصراع، حيث يفضل 68% منهم الاحتفاظ بالجولان والضفة الغربية. (غالبية (إسرائيلية) مع إبقاء احتلال الجولان وضد أولمرت. تقارير وحوارات. الجزيرة. نت. 23/5/2008)
ب - قال رئيس الوزراء (الإسرائيلي) إيهود أولمرت إن المفاوضات مع سوريا تجري على أساس مبادئ مؤتمر مدريد، وإن بلاده لم تقدم أي تعهد أو التزام لدمشق بالانسحاب من هضبة الجولان المحتلة.
علما بأن أولمرت، نفسه، قال : " في مثل هذه الحالة كان يمكن حتما مساءلتي كيف حصل أن السوريين سعوا إلى السلام، وأنني لم أدرس هذا الاحتمال". (أولمرت: لم نقدم أي التزام لسوريا بالانسحاب من الجولان. الجزيرة. نت. 26/5/08)
معنى هذا أنه حتى هذا المسئول الصهيوني يتساءل عن سبب قبول الجانب السوري بالمباحثات دون أي تعهد من أية جهة لضمان استعادتهم للجولان.
وحتى بعد المفاوضات غير المباشرة فإن رئيس وزراء الكيان الصهيوني أكد بصورة واضحة بأنه ليس مستعداً أن يعد سورية بالانسحاب الكامل من هضبة الجولان، مقابل موافقة دمشق على الانتقال من مرحلة المفاوضات غير المباشرة مع (الإسرائيليين) عبر الوساطة التركية، إلى المفاوضات المباشرة مع الدولة (العبرية). وزادت المصادر، كما أفادت صحيفة 'هآرتس' (الإسرائيلية) أمس انّ رئيس وزراء الكيان الصهيوني يقوم في هذه الأيام بفحص اقتراحات بديلة يقدمها للسوريين ومن شأنها أن تدفعهم إلى الموافقة على الانتقال إلى المفاوضات المباشرة مع (إسرائيل).
ووفق المصادر فإنّ أولمرت يفحص اقتراحاً بموجبه يتم الإعلان عن تعهد صهيوني ضبابي للغاية فيما أسمته المصادر تحديد الحدود بين الدولتين. (الناصرة- 'القدس العربي' ـ من زهير اندراوس : أولمرت لن يتعهد لدمشق بالانسحاب الكامل مقابل المفاوضات المباشرة. باراك يهدد سورية " إذا واصلت تسليح حزب الله "... القدس العربي. 3/11/2008)
بعد هذا العرض قد يوجه لنا سؤال : ماذا تستطيع سوريا أن تعمل أو ما هو الموقف الذي كان عليها أن تتخذه؟ سنحاول الإجابة على هذا السؤال لاحقا بعد عرض الهجوم الأمريكي على البو كمال.
ثانيا : العدوان الأخير على البوكمال.
علينا أن نشير في البداية بأن هذه العملية ليست أول تغلغل، تقوم به، قوات احتلال العراق الأمريكية، في الأراضي السورية، ولكنه الأقوى والأكثر تأثيرا وخصوصا بعدد القتلى والجرحى. يشاهد (سوريا هل تجاوز بوش الحدود
http://www.france24.com/ar/20081028-arabic-faceoff-syria-attacks-usa-borders&navi=DEBATS)
والآن نتكلم عن العدوان الأخير :
قالت وكالة الأنباء العربية السورية (سانا) اليوم الأحد أن طائرات هليكوبتر أمريكية هاجمت منطقة سورية على الحدود مع العراق.
وكانت الوكالة قالت في وقت سابق إن الهجوم الذي أدى إلى سقوط قتلى وجرحى وقع في منطقة البوكمال الحدودية في شرق سوريا.
وأعلن مصدر إعلامي سوري مسئول مساء الأحد أن طائرات أميركية قامت بعملية إنزال في قرية شمال شرق سوريا محاذية للعراق أوقعت ثمانية قتلى.
وأوضح : أن 4 مروحيّات عسكريّة أمريكية هاجمت مزرعة في قرية " مشاهدة " السورية على بعد 7 كيلومترات من الحدود العراقية، فقتلت ما لا يقل عن 8 مدنيّين بينهم امرأة، وجرحت 3، ويتحرّش الاحتلال الأمريكي بسوريا لإلقاء المسؤولية عليها بحجّة تسلل المقاومين للاحتلال عبرأراضيها. (سوريا : طائرات هليكوبتر أمريكية هاجمت حدونا مع العراق. (رويترز) دمشق 26/10/2008)
وقال مصدر سوري إن " أربع مروحيات أميركية هاجمت منطقة البوكمال بعمق 8 كيلومترات (عن الحدود العراقية).
وأضاف : أن " الطائرات الأميركية هاجمت مزرعة السكرية واقتحم جنود أميركيون مبنى مدنيا قيد الإنشاء (...) وأطلقوا النار على العمال داخل المبنى ما أدى إلى سقوط ثمانية شهداء بينهم زوجة حارس المبنى ".مؤكدا أن " الطائرات الأميركية غادرت بعد هذا العدوان باتجاه الأراضي العراقية ". (قوات التحالف: لا معلومات لدينا حول العملية في سوريا. الشرقية. 27/10/08)
وقال شهود عيان ليونايتد برس إنترناشونال اليوم الاثنين إن رجلا وابنه ليسا بين القتلى أو الجرحى وما زالا في عداد المفقودين.
وقال هؤلاء الشهود انه يخشى أن تكون القوة الأميركية نقلت الرجل وابنه معها لدى مغادرتها البلدة. (اختفاء رجل ونجله في بلدة البوكمال السورية قد تكون قوة أميركية نقلتهما إلى داخل العراق. دمشق- الشرقية. 27/10/2008)
ولكننا لم نسمع أو نقرأ أي شيء فيما يتعلق بهذا الرجل وابنه.
نكتفي بهذا القدر لنقوم بعرض مواقف أو أقوال كل من الجانب الأمريكي والعراقي والسوري.
الموقف الأمريكي :
في البداية أعلنت قوات التحالف بقيادة الجيش الأميركي في العراق، الاثنين 27/10/2008، أن "لا معلومات" لديها حول الغارة التي شنتها مروحيات على منطقة البو كمال السورية قرب الحدود مع العراق مساء الأحد.
وردا على استفسار لوكالة الصحافة الفرنسية حول الإنزال في سوريا أجابت قوات التحالف "لا معلومات لدينا حول ذلك". (قوات التحالف لا معلومات... مشار له)
ولكن بعد ذلك أكد مسئول أميركي رفض كشف هويته أن الغارة التي قتل فيها ثمانية أشخاص نفذتها القوات الأميركية. واعتبر أنها بمثابة " نجاح " ضد المقاتلين الأجانب الذين ينفذون عمليات في العراق.
وأضاف المسئول " حين تبرز فرصة مهمة يجب انتهازها (...) هذا ما ينتظره الأميركيون خصوصا حين يتصل الأمر بمقاتلين أجانب يدخلون العراق ويهددون قواتنا المسلحة".
وقال مسئول أميركي طلب عدم الكشف عن اسمه إن مهربا كبيرا للمقاتلين الأجانب إلى العراق قتل في الغارة الأميركية.
لكن المتحدثة باسم البيت الأبيض دانا بيرينو رفضت التعليق على الهجوم ردا على سؤال بواسطة البريد الالكتروني. (الأميركيون يعتبرون العملية في سوريا "نجاحا" ودمشق تدين "الاعتداء الإرهابي" (أ.ف.ب. لندن. 27/10/2008)
كما صرح مصدر عسكري أمريكي لوكالة أسوشيتدبرس " بأنّنا نريد أن نمسك بزمام الأمور بأيدينا " في العراق. (واشنطن بوست.27/10/2008)
وبين قائل أنها رسالة تحذير لسورية بان تفعل أكثر لحماية حدودها مع العراق لمنع تهريب السلاح والمقاتلين لداخل العراق.
ورأت صحف بريطانيا التي خصصت افتتاحيات عن الموضوع إن الأمريكيين ضربوا أولا ثم تحدثوا، وجاءت الضربة لتلقي بظلال قاتمة على زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم للندن، وهي الزيارة التي اعتبرتها الأوساط السياسية جزءا من إعادة سورية للمحور الغربي بعد الإشارات التي برزت من دمشق من ناحية السلام مع (إسرائيل) وفتحها سفارة لبلادها في العراق وتنازلاتها بشأن لبنان، سفارة وترسيم حدود.
في اتجاه آخر أكدت الصحف الأمريكية نقلا عن مسئولين إن المستهدف في الغارة كان احد كبار منسقي عمليات القاعدة والدعم اللوجيستي لها ويدعى أبو غادية، حيث قامت القوات الخاصة باغتياله.
وتنقل صحيفة 'لوس انجليس تايمز' عن مسئولين إن أبو غادية جاء من عائلة مهربين ويبدو انه حول عمل العائلة من تهريب البضائع إلى تهريب 'الإرهابيين والقنابل والأسلحة لداخل العراق'.
ونقلت عن مسئول قوله إن أبو غادية تم تعيينه من قبل أبو مصعب الزرقاوي ليكون مسئول الدعم اللوجيستي في سورية عام 2004.
وبعد مقتل الزرقاوي عام 2006 بدأ أبو غادية بالعمل لصالح القائد الجديد للقاعدة أبو أيوب المصري. وكان أبو غادية يوفر الوثائق المزورة، والبيوت والأموال للمتطوعين وتهيئتهم لدخول العراق.
(استهدفت 'أبو غادية' مسئول الدعم اللوجيستي لـ 'قاعدة' العراق الذي عينه الزرقاوي وواصل العمل لمصلحة 'أبو أيوب المصري'. لندن ـ القدس العربي.29/10/2008)
لقد ذكرنا سابقا بأن شهود عيان ذكروا فقدان رجل وابنه. ويخشى بأنه تم اختطافهما من قبل القوات الغازية.
فهل أن هذا الشخص المختطف هو أبو غادية المزعوم؟ من المؤكد لا. فلو كان أبو غادية المزعوم بيد قوات الاحتلال لطبلت وزمرت هذه القوات على كافة الفضائيات ووسائل الإعلام الأخرى كما قامت عند اغتيال الزرقاوي.
كما أن الصحف الأمريكية ادعت بأنه تم اغتيال أبو غادية!! أي أنه بين ضحايا الهجوم البربري، ونحن لا نصدق ذلك لأن هذا الادعاء لو كان صحيحا لقامت القوات الغازية بأخذ جثته معها لعرضها على كافة وسائل الإعلام لتبرر عملها الإجرامي.
وطبعا نحن نتحفظ على كل ما تدعيه أو تصرح به سلطات الاحتلال، لأن بوش وعصابته تعودوا على عدم قول الحقيقة، والجميع يعلم بان غزوهم للعراق كان مبني على مجموعة من الأكاذيب.
كما أننا مقتنعون بأن الحكومة السورية بذلت ما بوسعها لمنع تسرب المقاومين من أراضيها إلى العراق.
موقف السلطات العراقية العميلة المعينة من قبل قوات الاحتلال :
في البداية صرح الناطق باسم الحكومة العراقية أن : " الحكومة العراقية على اتصال مع الجانب الأميركي حول الأنباء التي تتحدث عن هجوم على المنطقة الحدودية مع سوريا " مؤكدا أنها " كانت مسرحا لنشاطات تنظيمات معادية للعراق، تنطلق من سوريا. كان آخرها مجموعة قتلت 19 شخصا من الداخلية العراقية في قرية حدودية "
وأضاف أن الحكومة تجدد مطالبتها بإيقاف عمل المنظمات التي تتخذ من الأراضي السورية منطلقا أو ممرا لتدريب وتسليح الإرهابيين الذين يستهدفون العراق وشعبه، داعيا الحكومة السورية إلى مزيد من التعاون والتنسيق لمصلحة البلدين.
مشيرا إلى أن " العراق طلب من السلطات السورية تسليم المجموعة التي تتخذ من سوريا مقرا لنشاطاتها المعادية للعراق ".
(حكومة المالكي: المنطقة السورية التي استهدفها الهجوم الأمريكي معادية لنا. بغداد – الشرقية. 27/10/08)
كما ذكرت الحكومة العراقية إن المنطقة التي استهدفتها الغارة " كانت مسرحا لنشاطات تنظيمات معادية للعراق تنطلق من سوريا ". (الأمريكيون يعتبرون... مشار له)
ولكن بعد الموقف الشعبي العراقي الرافض للعدوان على سوريا اضطرت حكومة المالكي العميلة لتغيير موقفها، حيث أن الناطق باسمها صار ملزما للتراجع عن موقفه السابق عندما رفض الدباغ استخدام أراضي العراق لضرب سوريا لان الدستور لا يسمح أن تكون أراضي العراق مقرا أو ممرا للاعتداء على دول الجوار،.
وتابع الدباغ إن الحكومة بدأت بالتحقيق في الحادث داعية القوات الأميركية إلى عدم تكرار مثل هذه الإعمال.
بدوره، اصدر مجلس النواب بيانا يؤكد قلقه حيال الهجوم المؤسف داعيا، في بيانه، الحكومة إلى اطلاعه واطلاع الجانب السوري على نتائج التحقيق. وعبر عن أسفه البالغ للحادث.
كما أن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري بحث مع نظيره السوري وليد المعلم سبل تطويق واحتواء التوترات بين البلدين بعد الغارة الأمريكية علي منطقة البوكمال السورية، علي ما أفاد بيان لوزارة الخارجية العراقية.
وأوضح البيان أن " المعلم اجري مساء السبت اتصالا هاتفيا بزيباري وتم تأكيد حرصهما المشترك لتعزيز وتدعيم العلاقات الثنائية بين البلدين وضرورة تجاوز التوتر الذي ساد العلاقات في أعقاب الغارة ".
وتابع البيان أن " تفاهما جري بين الجانبين علي بعض الإجراءات العملية لتصحيح مسار العلاقات ووضعها في إطارها السليم ".
(الدباغ يتراجع عن دعم الضربة الأمريكية لسوريا ويرفض استخدام أراضي العراق للاعتداء على دول الجوار. الشرقية. 28/10/2008 وبغداد ـ أكرم يوسف : 500 شرطي عراقي لسد الثغرات الحدودية مع سوريا زيباري والمعلم يبحثان إجراءات لتصحيح العلاقات الثنائية بعد غارة البوكمال. الزمان.3/11/2008)
وهكذا نرى بأن الحكومة العميلة ليس لها أي موقف ثابت هذا من جهة ومن جهة أخرى فقد استغلت هذه الضربة لتطالب الحكومة السورية بتسليم كافة المعارضين لها وللاحتلال من العراقيين المقيمين في القطر السوري.
وعلينا أن نشير أخيرا بأنه بعد قيام السلطات السورية بسحب بعض قواتها المتمركزة على الحدود مع العراق، كرد على الغارة الأخيرة، قال مسئول عراقي امني رفيع المستوى الأحد إن وزارة الداخلية أرسلت تعزيزات إلى الحدود مع سوريا لسد ثغرات يمكن أن تشكل معبرا لتسلل مسلحين باتجاه الأراضي العراقية.
وأوضح قائد العمليات في الوزارة عبد الكريم خلف لوكالة الصحافة الفرنسية " أرسلنا قوات من حرس الحدود وشرطة الانبار لتغطية بعض المناطق المهمة التي يمكن أن يحدث من خلالها تسلل باتجاه الأراضي العراقية.
كما أكد ضابط كبير في شرطة الانبار وكبرى مدنها الرمادي " إرسال ثلاث سرايا من شرطة المحافظة إلى مواقع حدودية لملء الفراغ بعد انسحاب القوات السورية من مراكزها على الحدود ".". قوات عراقية تسد ثغرات حدودية مع سوريا منعا للتسلل.الشرقية.3/11/2008).
إضافة لذلك فقد اضطرت وزارة الداخلية العراقية زيادة عدد المخافر الحدودية ببناء ثلاثين مخفراً حدودياً جديداً على طول الشريط الحدودي الذي يربط بين البلدين، بغية حماية الحدود. (ترتيب الأوضاع وعدم ترك فراغ امني أو عسكري في العراق. الملف برس. 6/11/08)
الرد السوري على الجريمة :
قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مؤتمر صحافي في لندن اثر إجرائه محادثات مع نظيره البريطاني ديفيد ميليباند " نعتبر ما حصل اعتداء إرهابيا وإجراميا ونحمل الحكومة الأميركية المسؤولية ". (الأمريكيون يعتبرون.. مشار له)
كما اتهم نفس الوزير الولايات المتحدة بارتكاب " اعتداء إرهابي" على سوريا عبر شنها الأحد غارة جوية على قرية سورية محاذية للحدود العراقية.
من جهة أخرى آمل المعلم أن تساعد الانتخابات الرئاسية الأميركية التي تجري الأسبوع المقبل في التعلم من " الأخطاء " التي ارتكبتها إدارة الرئيس جورج بوش. (المعلم يتهم الولايات المتحدة بارتكاب "اعتداء إرهابي" على سوريا. أ.ف.ب. لندن.27/10/2008)
وتحدثت الصحافة السورية الرسمية الاثنين عن "جريمة حرب" و"إرهاب" و"اغتيالات".
وكتبت صحيفة تشرين الحكومية " قتل بدم بارد وجريمة حرب بالمعنى الكامل للعبارة ضحاياها ثمانية مواطنين مدنيين سوريين هذا هو الوصف الحقيقي لما أقدمت عليه القوات الأميركية المجوقلة القادمة من العراق في الأراضي السورية بعد ظهر أمس وفي قرية وادعة تبعد عن الحدود العراقية ثمانية كيلومترات".
وبث التلفزيون الرسمي السوري الاثنين مشاهد لمبنى قيد الإنشاء مع دماء على الأرض وفرش ممزقة فضلا عن ضحايا داخل مشرحة احد المستشفيات.
كما استدعت وزارة الخارجية السورية القائمين بالإعمال الأميركي والعراقي في دمشق محملة الولايات المتحدة المسؤولية.
وطالبت العراق بفتح تحقيق والعمل على أن لا تكون أراضيه مصدرا لاعتداءات على سوريا.
وعرض التلفزيون شهادات لمصابين في المستشفى يروون ما حصل. (الأمريكيون يعتبرون العملية... مشار له)
أما الرد السوري فتمثل ب :
1 - إن المسئولين السوريين هذه المرة لم يهددوا بالرد، عسكريا كما فهمنا من قول المسئول السوري الذي هدد الكيان الصهيوني بأن " سوريا هي التي تختار متى وأين ترد".
بل إن أحد المسئولين ركز على إن بلاده لن تسكت عن الغارة الجوية الأمريكية على منطقة البوكمال السورية وإنها سترد سياسيا وقانونيا على ذلك.
ورفض اعتبار هذا الحادث مؤشرا على أن حدود سورية غير آمنة قائلا : " العربدة الأمريكية و(الإسرائيلية) تسمى انتهاكات وهي يمكن أن تحدث في أي مكان في العالم، يمكن لسورية أن ترسل طائرات وقوات إلى أي مكان وبالطريقة نفسها، لكننا نمارس في سورية سياسات عقلانية وسياسات ضبط النفس واحترام القانون الدولي، بينما يتعامل الآخرون مع القانون الدولي وكأنه غير موجود " مشدداً على أن رجال ونساء سورية يحمون الحدود وهم على استعداد للدفاع.
بينما أكد وزير الخارجية وليد المعلم أيضا أن سورية ستدافع عن نفسها إذا تكررت الغارة. (دمشق تدعو الأمم المتحدة إلى تحميل الولايات المتحدة مسؤولية الغارة وتغلق مراكز أمريكية. القدس العربي. 29/10/2008. وسورية تهدد بالرّد سياسيا وقانونيا وتغلق مؤسسات أمريكية بعد الغارة. القدس العربي. نفس اليوم المذكور.)
ولكن هل لدى سوريا القدرة للدفاع عن نفسها؟ سنحاول الإجابة على ذلك لاحقا.
2- أشارت تقارير إعلامية أن سوريا قررت سحب بعض وحداتها المتمركزة على الحدود مع العراق في أعقاب غارة شنتها مروحيات أميركية على قرية السكرية التابعة لمنطقة البر كمال الحدودية مع الانبار الأحد الماضي. الشرقية 3/11/2008)
3- ـ طلبت سوريا من الأمم المتحدة تحميل الولايات المتحدة مسؤولية الغارة التي نفذها الجيش الأمريكي الأحد على قرية سورية تجاور الحدود العراقية وذلك في رسالة وجهتها إلى الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون بحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا.
وجاء في الرسالة التي أوردت الوكالة نصها أن " حكومة الجمهورية العربية السورية إذ تلفت الانتباه إلى هذا العمل العدواني السافر فإنها تتوقع من مجلس الأمن ومن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تحمل مسؤولياتهم لمنع تكرار هذا الانتهاك الخطير".
4 - قرر مجلس الوزراء السوري الثلاثاء إغلاق المركز الثقافي الأمريكي والمدرسة الأمريكية في دمشق وذلك احتجاجا على غارة نفذها الجيش الأمريكي الأحد. (دمشق تدعو.. مشار له)
5 – قطع العلاقات الدبلوماسية مع العراق :
أبلغت سوريا العراق اليوم الخميس بقرارها قطع العلاقات الدبلوماسية، وتعليق عمل اللجان الأمنية بين البلدين، وتخفيض عديد القوات السورية على الحدود المشتركة. (سوريا تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع العراق. محيط. 30/10/2008)
ولكن مصدرا في الحكومة العميلة أشار يوم 31/10/2008 : أن سوريا أبلغت العراق بقرارها إيقاف الاتصالات بين البلدين إلا أن ذلك لا يعني قطع العلاقات بينهما. (الهيئة.نت. 1/11/2008)
كنا نحبذ أن تقوم السلطات السورية بغلق السفارة الأمريكية بنفس الوقت بدلا من قيام الأمريكان بذلك. (واشنطن تتوقع إغلاق سفارتها بدمشق بعد غارة البوكمال. الإسلام اليوم/ا ف ب. 29/10/08 و مخاوف من أعمال رد انتقامية خلال مظاهرة في دمشق اليوم السفارة الأمريكية بسورية تستعد للرحيل. القدس العربي. 30/10/08)
وأخيرا نشير إلى تظاهر عشرات الآلاف من السوريين، يوم 29/10/08، في دمشق مع حرقهم العلمين الأمريكي والصهيوني (مظاهرة حاشدة في دمشق احتجاجا على الغارة الأمريكية وتنديدا بالصمت الدولي والعربي. القدس العربي. 30/10/08)
وقبل أن ننتقل إلى الفصل الثاني علينا أن نجيب على السؤال الذي طرحتاه سابقا وهو : ماذا تستطيع الحكومة السورية عمله للرد على الاعتداءين المذكورين؟
ولكن قبل الإجابة على هذا السؤال علينا أن نوضح أسباب العدوان الأمريكي، ولماذا تم في هذا الوقت بالذات؟
وبالأخص فإن صحيفة نيويورك تايمز أشارت إلى أن توقيت العملية كان مثيرا للدهشة لأنها جاءت بعد أن اثنت واشنطن على تعاون دمشق في حراسة حدودها. (استهدفت 'أبو غادية' مسئول الدعم اللوجيستي لـ 'قاعدة' العراق الذي عينه الزرقاوي وواصل العمل لمصلحة 'أبو أيوب المصري'. لندن ـ االقدس العربي: 29/10/08)
كما أنها جاءت في الوقت الذي تقوم فيه أمريكا بإعادة تقييم سياستها بعزل سورية وقول أحد المسئولين الأمريكيين البارزين لرويترز : إن التحرك الأمريكي جاء وسط 'علامات مشجعة' من جانب سورية مثل مساعدتها في التوسط في انتخاب الرئيس اللبناني وقرارها بإقامة علاقات دبلوماسية مع جارها الذي سيطرت عليه عسكريا لنحو ثلاثة عقود. (واشنطن تعيد تقييم سياسة عزل سورية وتبحث إقامة بعثة دبلوماسية في إيران. القدس العربي. 6/10/2008)
ولكن نفس الصحيفة أشارت : أن الغارة يمكن أن تفهم على أنها جزء من إستراتيجية أطلقت عليها واشنطن الدفاع عن النفس. كما قالت أنها جزء من محاولة إدارة بوش في أشهرها الأخيرة البحث عن وسائل للضرب حتى خارج حدود العراق وأفغانستان.
وعلقت صحيفة 'الاندبندنت' إن العملية جاءت في الوقت الذي انخفضت فيه نسبة العنف داخل العراق لأدنى درجاتها حيث توسع أمريكا حربها داخل الأراضي السورية.
وأشارت الصحيفة إلى أن سورية أكدت أكثر من مرة أن مزاعم أمريكا عن وجود ناشطين من القاعدة داخل أراضيها لم ترفق دائما بأدلة لكن مسئولين عراقيين أكدوا لمراسلها أن وجود ناشطين للقاعدة لا يكون إلا بموافقة الأجهزة الأمنية.السورية .
وترى أن الغارة هي جزء من الحرب السرية التي صادق عليها الرئيس الأمريكي جورج بوش، بداية هذا العام في الشرق الأوسط من لبنان إلى أفغانستان ورصد لها الكونغرس 300 مليون دولار. (استهدفت 'أبو غادية'.. مشار له)
وهكذا نرى أنه لا يوجد أي مبرر لقيام قوات الاحتلال الأمريكية بهذه العملية، لأن أمريكا لو كانت صادقة بادعائها فيما يخص أبو غادية، لقامت هي أو السلطات العراقية العميلة التي لديها تنسيق أمني مع سوريا بتقديم الأدلة على وجود هذا الشخص مع مطالبتها بتسليمه لها.
وإذا كانت الغارة جزءا من الحرب السرية فلماذا سوريا، والتي بذلت وتبذل كل ما تستطيع لحماية حدودها كما ذكرنا، وليس إيران التي يسيطر حرسها الثوري وعملاؤه على أغلب الكتائب (المليشيات) التي تقوم بالجرائم في العراق؟
وهل أن أمريكا وقبلها الكيان الصهيوني أرادا ضرب الحليف الضعيف سورية لتخويف إيران (كما يقول السيد عبالباري عطوان في المقال الذي سنشير له)، أي ليقولوا لها بأننا قادرون على توجيه الضربات لحليفتك وبالطريقة والتوقيت الذي نشاء لنرى ردود فعلك.؟
يقول أحد الكتاب الذين يدافعون عن إيران : المسألة في تقديرنا ابعد بكثير من وجود خلايا للقاعدة، أو منسق كبير يتولى تهريب المتطوعين الجدد في صفوفها إلى العمق العراقي. فليس من قبيل الصدفة أن تتزامن هذه الغارة مع تراجع الآمال الأمريكية في توقيع الاتفاقية الأمنية مع حكومة 'العراق الجديد'، وهي الاتفاقية التي من المفترض أن يتم إقرارها من قبل البرلمان قبل نهاية هذا العام لإضفاء 'شرعية' على وجود أكثر من مئة وخمسين إلف جندي أمريكي على ارض العراق.
فلم يعد خافيا على احد أن جيران العراق، إيران وسورية على وجه الخصوص، يعارضون إي وجود أمريكي عسكري في قواعد دائمة على ارض العراق، تشكل تهديدا امنيا استراتيجيا لهم، فالاتفاقية الأمنية في صورتها الأخيرة، والبنود التي تضمنتها، تضع العراق حرفيا تحت انتداب أمريكي يمتد لعقود قادمة. وتجعل الولايات المتحدة دولة أصيلة في المنطقة.
الإيرانيون لم يترددوا لحظة واحدة في معارضة هذه الاتفاقية علنا، واستصدار فتاوى دينية من مرجعيات شيعية عليا 'تحرّم' توقيعها، والإيعاز لحلفائهم في العراق، وهم كثر، بالوقوف ضدها، حتى أن الحكومة العراقية الحالية بزعامة نوري المالكي رفضت إقرارها، وتلكأت في تقديمها إلى البرلمان، وطالبت الإدارة الأمريكية بإدخال تعديلات على بنود سبق أن وافقت عليها، خوفا من إغضاب إيران، وهو غضب يمكن أن تترتب عليه عواقب وخيمة.
السوريون يعارضون هذه الاتفاقية على طريقتهم الخاصة، أي من تحت الطاولة، بينما يعطون في العلن إشارات تفيد برغبتهم في التعاون مع الحكومة العراقية والمشروع الأمريكي في العراق من خلال فتح سفارة لهم في بغداد بعد قطيعة استمرت لأكثر من عشرين عاماً، واستقبال الزعماء العراقيين بحفاوة ملحوظة.
الهجوم على سورية هو اقل الخيارات كلفة بالنسبة للرئيس جورج بوش الابن وقيادته العسكرية في العراق، لأن سورية أصبحت الحلقة الأضعف في أعين هؤلاء. فقد تعرضت لغارات جوية (إسرائيلية) عديدة، أبرزها تلك التي استهدفت التجهيزات النووية المزعومة في منطقة دير الزور في الشمال الشرقي.... (عبد الباري عطوان :استفزاز أمريكي 'ملغوم' لسورية. القدس العربي. 29/10/2008)
في الوقت الذي نؤيده بأن سورية ضعيفة ولا تستطيع الرد بقوة على هذه الاعتداءات، فنحن نعارض طرحة من جانبين :
الأول : علاقة العدوان بالاتفاقية الأمنية، حيث أن هذه الغارة على سورية ستعرقل توقيع هذه الاتفاقية لأن الحكومة العراقية العميلة ستتردد أكثر بتوقيعها عندما تعلم بأن قوات الاحتلال سوف تستعمل الأراضي العراقية لشن عدوان على الدول المجاورة وبأنها سوف لا تحترم حتى ما تنص عليه الاتفاقية في هذا المجال.
وفي هذا الجانب حتى أحد العملاء، يؤكد ما ذكرناه : وأكد مسئول كردي للصحيفة إن الغارة ستستخدم ضد الاتفاقية الأمنية وستزيد من التدخل الإيراني في الشؤون العراقية. وقال إن دول الجوار سيكون لها سبب الآن للقلق حول الوجود الأمريكي في العراق. (استهدفت 'أبو غادية' مسئول الدعم اللوجيستي.. مشار له)
ثانيا : رغم قناعتنا بتبعية حكومة الاحتلال لإيران، فإن تبعيتها لأمريكا أقوى، ولكننا مقتنعون بأن اعتراضاتهم مبنية، بصورة خاصة، من خشيتهم بعدم حصول موافقة مجلس النواب عليها لما تتضمنه من حصانة للجنود الأمريكيين. ولعدم تحديد التاريخ الذي يتم فيه رحيل القوات الأمريكية بصورة نهائية ; وبصيغة واضحة.
وذلك لأن عملاء أمريكا والذين يتخذون من المنطقة السوداء ملجأ لحمايتهم، ملزمون على توقيع الاتفاقية، ليس لمصلحة العراق طبعا، ولكن لمصالحهم الشخصية ولحماية أنفسهم من غضب الشعب العراقي وبالأخص من مقاومته البطلة. ولذا نرى أن كافة من يطلق عليهم رجال السياسة العراقيين يرتجفون خوفا لمجرد سماع أو التفكير بكون الرئيس الأمريكي المنتخب سيقوم بسحب القوات الأمريكية من العراق.
لكونهم في هذه الحالة لا يخاطرون فقط بمواقعهم في السلطة ولكنهم سيكونون مجبرين على الهرب من العراق والعودة إلى الدول التي يحملون جوازاتها، هذا إذا استطاعوا إنقاذ جلودهم، أما بالنسبة للذين لا يملكون جنسيات بلدان أخرى فليس لديهم مأوى إلا إيران.
ولكن قد يعترض بعضهم على طرحنا هذا ويقول بأن إيران ستقوم بسد الفراغ كما صرح به نجاد، نقول له هذه أحلام بعيدة التحقيق لأن نظام الملالي يعلم جيدا بأن الشعب العراقي وبالأخص القبائل العربية في جنوب ووسط العراق ستلتحم مع المقاومة العراقية لإفشال أي تغلغل لقوات الملالي الصفويين.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن ملالي طهران يعلمون أيضا بأن وضعهم داخل إيران هش جدا، وإذا كان قسما كبيرا من الشعب الإيراني وقف مع خميني في حربه مع العراق فإن المعادلة قد تغيرت وإن هذا الشعب عرف حقيقة هؤلاء الملالي وفشلهم على كافة الأصعدة أولا، وثانيا : في أغلب مراحل الحرب العراقية الإيرانية كان العراق يحتل أراض إيرانية ولذا كان المواطن الإيراني يشعر بأنه ملزم بمساندة نظام خميني، أما في حالة قيام قوات إيرانية بغزو العراق فإن العملية ستنعكس وسيشعر المواطن الإيراني بأنه ليس من مصلحة الشعوب الإيراني المساهمة بغزو بلاده لدولة مسلمة جارة..
وفي هذه الحالة فإن ملالي طهران وقم سيقعون في كماشة بين المقاومة العراقية وثورة الشعوب الإيرانية في الداخل.
ولهذا السبب فإن أقوى الأحزاب المدعومة من إيران، المجلس الأعلى الإسلامي الذي كان يقف ضد الاتفاقية بناء على تحريض إيران تراجع عن موقفه.
وبالرغم من موقف السستاني الإيراني، والذي رفض الجنسية العراقية، الذي ينسجم مع ما تريده حكومة طهران، والذي أجاز التوقيع علي الاتفاقية علي أن تحفظـ السيادة العراقية ويتم التوقيع بعد الانتخابات الأميركية.
نستطيع أم نلاحظ تغير مواقف الجهات المرتبطة بالحكومة العميلة وإيران من الاتفاقية :
1 - إن أحد زعماء المجلس المذكور الكبار والمرشح ليصبح رئيس وزراء الحكومة العميلة يعلن بصورة لا لبس فيها بأنه مع توقيع الاتفاقية وهذا تصريحه :
دعا نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي أبرز القياديين في الائتلاف العراقي الحاكم الذي يقوده عبد العزيز الحكيم أمس إلي الانتهاء من المسودات والشروع بتوقيع الاتفاقية الأمنية مع واشنطن أمس لأنها أفضل سبيل لاستعادة سيادة العراق.
وقال عبد المهدي في مقابلة مع رويترز " أنا من المعتقدين أن هذه الاتفاقية أفضل خيار مطروح للعراق.. أفضل من التمديد أو إي فكرة أخرى.
ودعا عبدالمهدي الحكومة العراقية والولايات المتحدة لإنهاء الأزمة بينهما بصورة سريعة فيما يتعلق بالاتفاق الأمني. وقال " نحن الآن في المهلة النهائية.."وأضاف أن " الوقت حرج ويجب أن نصل إلي رأي نهائي وان لا نؤجل الأمور إلي آخر اللحظات والساعات والأيام لأنه حين ذاك نحن الطرف الذي سيضغط عليه سلبا أو إيجابا." وإن ساعة الحقيقة قد حانت.
وأضاف " الآن لم يعد هناك وقت.. إما تنجح المفاوضات أو تفشل. لم يعد وقت لتقديم مسودات إلي الجانب الأمريكي يجب أن نصل إلي وثيقة مشتركة.." (واشنطن ــ مرسي أبو طوق وبغداد ــ كريم عبد زاير : بوش يعطي أملاً لقبول تعديلات لا تمس الجوهر والبنتاغون يحذر من عدم توقيع الاتفاقية. السيستاني يشترط التوقيع بعد الانتخابات الأمريكية وعبدالمهدي يري فيها طريق السيادة. الزمان. 30/10/2008)
2 - كما أن فضائية الشرقية قدمت، يوم 7/11/08، فاصلا بعنوان (الخوف يسيطر على ساسة عراقيين منذ إعلان فوز أوباما) وقام مقدم حصاد اليوم بالاتصال بمسئولين أحدهما من الائتلاف الحاكم والثاني ممثلا عن الحزبين الكرديين المتصهينين، الذين أكدا على خشيتهما من قيام أوباما بسحب القوات الأمريكية من العراق.
3 - إضافة لذلك فإن تصريحات ما يطلق عليه وزير خارجية العراق، حاول طمأنة نفسه أولا ثم طمأنة العملاء الآخرين في المنطقة السوداء وفي إقليم شمال العراق الذي تسيطر عليه العصابة الصهيونية، بأن أوباما سوف لا يقوم بسحب القوات بقوله :
أن " فك الارتباط مع العراق لن يكون في وقت سريع ".
مؤكدا ان "هناك الكثير من الرهانات المهمة هنا ونحن نتطلع قدما الى شراكة ناجحة".
وتابع " انه قرار الناخبين الأميركيين ونحن نحترم إرادتهم. لكن هناك الكثير من التحديات ولا نعتقد بان هذا سيؤدي إلى تغيير السياسة بين ليلة وضحاها".
4 - وفي نفس الوقت يقول ممثل الحزبين الكرديين الصهيونيين في ما يطلق عليه مجلس النواب :
"آمل أن يقوم (اوباما) بمراجعة دقيقة لسياسة الولايات المتحدة في العراق ولما جرى خلال السنوات الماضية ".
وأضاف " يجب على اوباما أن ينظر إلى الأمور بدقة قبل اتخاذ أي قرار (...) اعتقد انه سيدرس أوضاع العراق وسيحاول اتخاذ قرارات ايجابية ".
(انسحاب؟ أي انسحاب؟ زيباري يبشّر أوباما : فك الارتباط مع العراق لن يكون سريعا. ميدل ايست اونلاين. 5/11/08)
5 - كما أكد الفريق نصير العبادي نائب رئيس أركان الجيش إن وزارته قدمت للمالكي دراسة تفصيلية عن إمكانات وقدرات القوات العراقية الحالية في حال انسحاب الأمريكان من العراق، يفهم منها إن قواتنا غير قادرة على سد الفراغ الذي سوف تتركه القوات الأمريكية في حال انسحابها.
ويصب هذا التصريح في خدمة الأمريكيين الذي أعلنوا مرارا أن الجيش العراقي بحاجة إلى سنوات من التدريب والتجهيز حتى يتمكن من السيطرة على الأوضاع في العراق وهو الأمر الذي يبرر لهم الوجود الطويل بالعراق. (مسئول عسكري عراقي:قواتنا لا تستطيع تحمل المسئولية. محيط. 4/11/2008)
6 – أما مدير عام عمليات وزارة الداخلية العراقية والناطق باسمها اللواء الركن عبد الكريم خلف فقد شدد على ضرورة الإسراع في إبرام الاتفاقية الأمنية مع واشنطن، مشيرا إلى أنها ستساعد على استمرار برامج التأهيل والتدريب للقوات الأمنية في الوزارة. وقال خلف في حديث مع راديو سوا " كقوات أمن نريد التوقيع على الاتفاقية، لدينا برامج أمنية ستتوقف إذا لم توقع هذه الاتفاقية، حيث قطعنا في هذه البرامج أشواطا كبيرة كنظام ms والدعم اللوجستي والتجهيز والتسليح وفي قضايا التدريب، وأيضا قطعنا شوطا في قضية رؤية ما يحصل في العالم من تطورات أمنية تستخدم فيها أحدث التقنيات وأحدث الاتصالات وأحدث مراكز القيادة والسيطرة، حيث تمتلك الوزارة الآن أحدث منظومتين من أحدث منظومات العالم، تمتلكها ست دول في العالم فقط. فكيف يحصل العراق على هذه التقنيات إذا لم تكن هناك اتفاقية مع الولايات المتحدة؟".
(" الداخلية العراقية ": برامجنا الأمنية ستتوقف في حال عدم توقيع الاتفاقية الأمنية مع أميركا.الملف نت. 11/11/08)
7 – كما حذر العميل مسعود بارزاني الذي يطلق عليه رئيس إقليم كردستان، من اندلاع حرب أهلية في العراق في حال عدم توقيع الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة، مؤكدا أن" عدم توقيعها يؤدي إلى كارثة إنسانية لعدم قدرة أجهزة الأمن العراقية على ضبط الوضع الأمني بعد انسحاب القوات الأميركية ".
وأوضح البارزاني في تصريح صحافي أدلى به في اربيل، إن " عدم توقيع الاتفاقية قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع والى حد نشوب الحرب الأهلية التي من نتائجها دخول العراق فترة ظلام لا نهاية لها ".
وأضاف بارزاني خلال تصريحاته التي أعقبت زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة وفرنسا إن " الوضع الحالي في العراق حساس جدا وان عدم توقيع هذه الاتفاقية مع واشنطن بعد التقدم الأمني الحاصل وخروج القوات الأميركية نهاية العام الحالي فان ذلك سيعقبها توتر الأوضاع الأمنية لان قابلية القوات العراقية لم تصل إلى مرحلة يمكن الاعتماد عليها في إدارة البلاد ومواجهة الخارجين عن القانون"، وبالتالي فان ذلك سيخلف كارثة لا يمكن السيطرة عليها وضياع الجهود التي بذلت لإعادة الأمن والاستقرار إلى العراق، منبها الحكومة العراقية على ضرورة توقيعا قبيل انتهاء فترة بقاء القوات الأميركية نهاية 2008 ".
وفيما يخص تأثير الاتفاقية الأمنية المزمع توقيعها بين العراق وأميركا على إقليم كردستان، قال :" إن هذه الاتفاقية لن تؤثر لا سلبا ولا إيجابا على الإقليم لأن القوات الأمريكية غير متواجدة في إقليم كردستان، الأمر الذي لن يؤدي إلى خلق أي فراغ أداري أو أمني، لكن في حال توقيعها ستوفر دعما سياسيا وغطاء عسكريا للعراق لذا فنحن نراها تصب في مصلحة العراق والإقليم ". (اربيل- مريوان زنكنة : مسعود بارزاني: عدم توقيع الاتفاقية الأمنية يؤدي إلى كارثة إنسانية. الملف. برس. 13/11/08)
إذا كما ترى أيها القارئ العزيز فإنهم يعلمون بأن الوقت حرج ويجب أن يصلوا إلى أتفاق مع أمريكا لتحميهم. وليس لكونها " أفضل سبيل لاستعادة سيادة العراق " كما يقول العميل لأمريكا ولإيران، بل هو يعلم جيدا بأن هذه المعاهدة ستحول العراق إلى مستعمرة أمريكية بصورة دائمة. ولكن حتى لو تم توقيعها فهل أن أمريكا ستصمد أمام ضربات المقاومة العراقية؟ نحن متأكدون بأن القوات الأمريكية ستضطر للهروب بذلة وبأن النصر حليف الشعوب المؤمنة بحقها بالحرية دائما.
وفي نفس الوقت فإن المقاومة العراقية الباسلة بكل فصائلها طالبت الرئيس الأمريكي الجديد بتنفيذ ما وعد به وسحب قوات الاحتلال من العراق. وسنشير بصورة موجزة لبعض بيانات أو تصريحات هذه الفصائل :
1- المركز الاعلامي للثورة العراقية المسلحة ذكر في بيان له أن : على الرئيس المنتخب الجديد السيد اوباما أن يبادر إلى حسم تورط أمريكا في العراق من خلال قراره الشجاع بسحب القوات والدخول في مفاوضات مباشرة مع المقاومة العراقية الباسلة والرافضين للاحتلال ولعمليته السياسية. (المركز الإعلامي للثورة العراقية المسلحة. شبكة البصرة. 5/11/08)
2- إن تحالفا للمقاتلين العراقيين طالبوا الرئيس الأمريكي الديمقراطي المنتخب باراك أوباما بسحب القوات الأمريكية من العراق وإلا ستلقى مقاومة.
وكشفت الرسالة عن استعداد لبدء صفحة جديدة في العلاقات مع الولايات المتحدة بقيادة أوباما الذي وعد بتغيير سياسات الرئيس الأمريكي الجمهوري جورج بوش. لكن الجماعات المسلحة طالبت بالانسحاب الأمريكي وتنازلات أخرى في المقابل.
و قال المجلس السياسي للمقاومة العراقية وهو مظلة لجماعات مقاتلة في رسالة مفتوحة لأوباما إن وعود الرئيس المنتخب خلال حملته الانتخابية كانت تنادي بالتغيير وان المجلس يتفق معه أيضا في الرأي ويرى أن الوقت حان للتغيير.
ووعد المجلس بالتحلي بالمرونة في التعامل مع خطة الانسحاب لكنه قال انه يجب ألا يصاحبها اتفاق أمني مع حكومة مزيفة في العراق.
وطالب بتعويضات للعراقيين عن الإضرار بممتلكاتهم وبأسرهم وبالإفراج عن العراقيين المحتجزين.
وقال المجلس في رسالته لأوباما الذي أصبح أول رئيس أسود للولايات المتحدة إن فوزه لا يرجع إلى أن كل الأمريكيين أدركوا فجأة أنهم يجب ألا يكونوا عنصريين بل للأخطاء الكثيرة التي ارتكبتها إدارة بوش.
ومضت الرسالة تقول إن من يعتدي على الشعب العراقي سيجد مقاومة واستعدادا للتضحية بالأرواح. (المجلس السياسي للمقاومة العراقية يطالب اوباما بسحب القوات وعدم توقيع اتفاق مع حكومة مزيفة. الشرقية عن : رويترز. 7/11/08)
3- إن الجيش الإسلامي في العراق أصدر بيانا : يدعو كتائبه وسراياه لتصعيد العمل الجهادي استجابة لدعوة أمير جماعة أنصار السنة وتواصلا مع حملة الزلزلة الجهادية التي أطلقها الجيش الإسلامي ردا على الاتفاقية المزمع توقيعها.(الجيش الإسلامي في العراق/استجابة لدعوة أمير جيش أنصار السنة – الهيئة الشرعية. المصدر: الموقع الرسمي للجيش الإسلامي في العراق.10/11/08)
4 - اعتبرت هيئة علماء المسلمين أن هذه الاتفاقية " باطلة ومحرمة شرعاً " وأن من يجيزها أو يمضي عليها من الساسة سواء من كان منهم في السلطة التنفيذية أو التشريعية فانه "يعد مفرطاً في المصالح العامة للأمة، وغير محترم لإرادتها" وبالتالي فانه يقع في " إثم الخيانة لله ورسوله والمسلمين " من أبناء الشعب العراقي وغيرهم"..(هيئة.نت. 14/10/2008)
ونكتفي بهذا القدر لندلل بأن عملاء الصهاينة والأمريكان هم الذين يرتجفون هلعا من انسحاب القوات المحتلة لعراقنا الحبيب بينما مقاومتنا الباسلة فهي تقف ضد الاتفاقية وترحب بانسحاب هذه القوات لأنها واثقة بأنها ستحقق النصر وستطهر العراق من كافة القاذورات التي جلبها المحتل معه.
أما في ما يتعلق بعدم قدرة أمريكا على مهاجمة إيران الذي ذكره السيد عطوان فسوف نناقشه في الفصل الثاني من بحثنا هذا. كما سنناقش موقف إيران من الاتفاقية المذكورة وجهودها في هذا المجال في نفس الفصل.
نعود الآن إلى محاولة الإجابة على السؤال الذي تم طرحه سابقا والذي يتعلق بالموقف الذي من المفروض على الحكومة السورية اتخاذه للرد على هذا العدوان أو الاعتداءين المذكورين. فنقول :
فيما يتعلق بضبط الحدود مع العراق.
حسب قناعتنا كان المفروض على الحكومة السورية أن توضح، لسلطات الاحتلال في العراق، منذ البداية بأننا بلد ضعيف من بلدان العالم الثالث وعملية حماية حدود طولها أكثر من 600 كم ليس بالعملية السهلة وبالأخص فنحن لا نملك لا الأجهزة ولا الوسائل ولا القوات المتطورة التي بحوزتكم.
إذا بالمحصلة النهائية فأنتم المعنيون بحماية هذه الحدود وليس نحن، وبالأخص فأنتم أكبر قوة في العالم فإذا لم تستطيعوا السيطرة على الحدود فكيف تطلبون منا القيام بذلك؟
وإذا أصررتم بان نقوم بمساعدتكم في هذا المجال فزودونا على الأقل ببعض أجهزة المراقبة المتطورة ونعطيكم تعهدا بأننا سوف لا نستعملها أبدا ضد حليفكم والمسيطر على سياساتكم : الكيان الصهيوني.
وأن تقوم الحكومة السورية بتوزيع هذه الرسالة إلى مجلس الأمن وكافة دول العالم بالإضافة لوسائل الإعلام.
ولكن قد يقال لنا أتضحك على نفسك وقد ذكرت مرارا بأن ما يطلق عليه مجلس الأمن مسير من قبل الولايات المتحدة؟
نقول هذا صحيح ولكن على الأقل لتسجل سورية موقفا أمام الرأي العام العربي والعالمي.
علما بأنا سبق وذكرنا بأن السلطات السورية بذلت كل ما تستطيع لمكافحة التسلل عبر حدودها إلى العراق، وهنا نقتطع بعض الفقرات من مقال في هذا المجال :
قال قائد حرس الحدود في قطاع التنف على الحدود السورية العراقية العميد محمد خلوف أن إي عملية تسلل من الأراضي السورية إلى الأراضي العراقية لم تحدث طوال الفترة الماضية و انه تم ضبط أكثر من عملية تهريب للمخدرات و السلاح من الأراضي العراقية باتجاه الأراضي السورية.
وكشف المسئول العسكري السوري أن هنالك نقصا تقنيا تعاني منه القوات المتواضعة على الحدود و خاصة أجهزة المراقبة مشيرا إلى أن نقص هذه الوسائل و خاصة مناظير المراقبة الليلية يتم التعويض عنه بتكثيف عدد عناصر المراقبة و تواجدهم الدائم في هذه المخافر الحدودية.
و يشاهد المتجول في تلك المنطقة ساترا ترابيا أقامه السوريون عام 2000 عند ترسيم الحدود بين العراق و سوريا و يبلغ ارتفاعه ما يقارب الثلاثة أمتار.
إلى جانب هذا الساتر، و داخل الأراضي السورية، يوجد طريق إسفلتي عسكري لتحرك القوات العسكرية و الدوريات حيث يشير العميد خلوف إلى أن عربات عسكرية تقوم باستطلاع نهاري و ليلي عبر دوريات منتظمة على طول الساتر الترابي و بمعدل كل أربع ساعات حيث تتواجد في كل مئة كيلومتر من الحدود المشتركة ثلاث دوريات متحركة تعتمد في غالبيتها على العربات العسكرية الخفيفة بينما تتولى عربات مدرعة الدوريات الليلية حيث تحمل هذه العربات مناظير عادية روسية الصنع.
و في رده على سؤال حول التعاون الأميركي العراقي من الجانب الآخر للحدود قال قائد قطاع التنف في حرس الحدود السوري: " بالنسبة إلى مناطق تواجدنا من جانبنا الوضع مسيطر عليه و نتمنى أن يبذلوا هم الجهد اللازم من جهتهم كما نحن نبذل و يمكنك ملاحظة عدم تواجد عناصر مراقبة من جانبهم".
و كانت محادثات قد جرت في مؤتمر اسطنبول الأخير لدول جوار العراق تركزت على هذا الموضوع حيث طالب البيان الختامي للمؤتمر بضبط حدود دول الجوار لمنع هذا التسلل، الأمر الذي دفع بوزير خارجية سورية وليد المعلم إلى الكشف عن أن السلطات السورية قد ألقت القبض على أكثر من إلف و ستمائة من العرب و الأجانب حاولوا التسلل إلى العراق عبر سوريا.
و قد تم تسليم هؤلاء إلى بلدانهم بينما ما زال في السجون السورية 111 متسللا آخر. (عساف عبود : سورية تستعرض جهودها لمكافحة التسلل عبر العراق. بي بي سي – دمشق. 11/11/2007)
وهذا ما يؤكد ما ذهبنا إليه من أن القوات السورية تعاني من نقص بأجهزة المراقبة المتطورة هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن قوات الاحتلال لا تريد أن تبذل أي جهد في هذا المجال لتعجيز الجانب السوري وإلقاء المسئولية عليه.
الرد على العدوان الصهيوني :
لقد ذكرنا سابقا تهديد أحد المسئولين السوريين بالرد على العدوان المذكور، مؤكدا بأن سوريا هي " التي تختار متى وأين ترد". وطبعا فإن سورية لم تقم بأي رد وحسب قناعتنا كان المفروض أن ترد ولكن كيف وهي لا تملك لا الطائرات التي لدى الكيان الصهيوني وربما ولا الصواريخ المؤهلة للوصول لعمق الأراضي التي يحتلها هذا الكيان المسخ؟ ثم حتى إذا توفرت لديها مثل هذه الصواريخ فهي لا تجرأ على قصف هذه الأراضي خشية من عملية أكبر يقوم بها هذا الكيان.
وفي هذه الحالة على من تعتمد.. أن يساندها؟
نحن نعتقد بأنه كان على سورية الطلب من حليفتها، إيران، أن تزودها ببعض الصواريخ التي قامت بتجربتها مرات عديدة وهي بعيدة المدى، حسب إيران تصل إلى ثلاثة آلاف كيلومتر، لتقوم بقصف عمق الأراضي المحتلة من قبل الكيان الصهيوني حتى لا يجرأ بتكرار ذلك.
وإذا كانت سورية تخشى من أن يقوم الكيان الصهيوني بعملية أكبر فما عليها إلا أن تعطي هذه الصواريخ، بالاتفاق مع إيران، لحزب الله اللبناني ليقوم بدورة بالرد على هذا الكيان. ونحن نعلم جيدا بأن نصرالله، أثناء حرب تموز 206، هدد الكيان الصهيوني بأنه إذا تم قصف بيروت فسيقوم بدوره بقصف تل أبيب، وفعلا قام الكيان الصهيوني بتدمير بيروت ولكن نصرالله لم يف بوعده. وحسب قناعتنا السبب يعود إلى أن إيران لم تزوده بالصواريخ بعيدة المدى والتي تصل إلى الهدف المذكور.
ولو أن إيران قامت بذلك فإن هذا العمل يصب في مصلحتها حيث، في هذه الحالة، سترسل رسالة واضحة إلى الكيان الصهيوني وبصورة خاصة إلى أمريكا لتقول للقادة الأمريكان الذين يهددوها : أنظروا.. هذا السلاح الذي قصف حليفكم هو أحد أسلحتنا الثانوية.. وما لدينا واحتفظنا به للرد على أي عمل عدواني علينا من جانبكم فهو أكثر فتكا.. حذار أن تفكروا بالهجوم علينا لأنكم ستندمون.
ولكن هل أن إيران مستعدة أن تزود سورية أو حزب الله اللبناني بمثل هذه الصواريخ؟ نشك بذلك.
سؤال آخر يتبادر للذهن : إذا كانت إيران ترفض تزويد سورية أو حزب الله اللبناني بالصواريخ المذكورة لسبب أو لآخر، فلماذا لا تزود سوريا بأجهزة كشف متطورة وببعض الصواريخ الدفاعية؟
والجميع يعلم بأن أجهزة المراقبة السورية لم تكشف ولم تصور، لا الطائرات الصهيونية ولا المروحيات الأمريكية. وإن الصور التي نشرت للمروحيات التي وصلت إلى قرب البو كمال تم تصويرها بواسطة هاتف نقال.
علما بأن إيران سبق وحذرت المروحيات التابعة للجيش الأميركي في العراق من الاقتراب من حدود الجمهورية الإسلامية، كما أعلنت قيادة القوات المسلحة الإيرانية في بيان انه " تم رصد مروحيات تابعة للجيش الأميركي مؤخرا وهي تحلق قرب حدود العراق مع الجمهورية الإسلامية".
وأضافت، وكالة الأنباء الإيرانية التي أذاعت النبأ، إن البيان "يحذر" القوات الأميركية من الاقتراب من الحدود ويدعوها إلى البقاء بعيدا عن الحدود الإيرانية مؤكدا إن " قوات الجمهورية الإسلامية سترد على إي اجتياح".
من جهته أعلن قائد في القوات المسلحة لوكالة فرانس شبه الرسمية دون ذكر اسمه : " بسبب التهديدات التي أطلقها الأعداء خلال الأشهر الأخيرة وضعت القوات المسلحة في حالة جهوزية قصوى".
وأضاف : " إذا وقع حادث سنطبق كل التعليمات من الإنذار وصولا إلى إسقاط الطائرة ".من الاقتراب من حدودها.
ليس هذا فقط، بل كشفت قيادة سلاح الجو أن طائرتين أجنبيتين خلال الشهر الماضي " دخلتا الأجواء الإيرانية بدون تنسيق " وأرغمتا على الهبوط لتفتشيهما.
وأعلنت السلطات الإيرانية أنها أرغمت طائرة مدنية مجرية إلى الهبوط في إيران وتحدثت وكالة الأنباء الإيرانية بعد ذلك عن حادث آخر مع طائرة مدنية بيلاروسية. (إيران تحذر المروحيات الأميركية في العراق من الاقتراب من حدودها . طهران. ا.ف.ب. تشرين الثاني 2008)
كما أن إيران قامت بعدة تجارب لصواريخها بعيدة المدى، والتي أغلبها إن لم نقل جميعها قام بسرقتها من العراق بعد الاحتلال من قبل عملائها في العراق الذين هربوها إلى ملالي طهران، وآخرها كان يوم 12/11/2008. وفق الخبر التالي :
أجرت إيران مناورات قرب الحدود العراقية وذلك بعد تحذيرها الولايات المتحدة الأمريكية بأنها سترد على أي انتهاك للمجال الجوي الإيراني.ونقلت وسائل إعلام إيرانية إن القوات الإيرانية اختبرت صاروخا من نوع جديد سمي سامن أطلق بنجاح من قبل الحرس الثوري الإيراني في مدينة مريوان الحدودية مع العراق بالإضافة إلى اختبار قطع مدفعية وقاذفات صواريخ.وكان الجيش الإيراني قال الأربعاء الماضي إن طائرات هليكوبتر أمريكية شوهدت تحلق قرب الحدود الإيرانية وهدد بالرد على أي انتهاك. علما بأن مدى هذه الصواريخ وفق ما صرح به هو 2000 كلم (إيران تجري مناورات عسكرية قرب الحدود العراقية. الشرقية. 12/11/08 و فضائية الجزيرة. نفس اليوم)
ولذا يحق لنا أن نتساءل عن سبب عدم تزويد ملالي طهران لسورية أو لحزب الله اللبناني هذه الأسلحة والمعدات؟
نحن مقتنعون، وكما سنوضح ذلك في الفصل القادم، بأن النظام الصفوي في إيران لا يريد نهائيا أن يتم تحقيق أي انتصار عربي على الكيان الصهيوني أو أن يسجل أي موقف قوي أمام أمريكا لكون نظام الملالي حليفا للكيان الصهيوني وأمريكا أو على الأقل ليس عدوا لهما، رغم عدم اتفاقهما على كافة الأصعدة وبالأخص قضية السلاح النووي.
عفوا فاتنا أن نذكر الموقف الإيراني البطولي!! من العدوان الأمريكي الأخير حيث حذر رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني الأربعاء الولايات المتحدة الأمريكية من أن هجومها على باكستان وسورية لن يكون من " دون تكلفة وثمن ".وكان لاريجاني يتحدث في جلسة لمجلس الشورى أدان خلالها هجوم القوات العسكرية الأمريكية على باكستان وسوريا ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (ارنا) عنه "على أمريكا ألا تتصور بان هذه الألاعيب ستكون من دون تكلفة وثمن ".
وقال" نرى أمريكا تكرر هذا التحرك ضد الدولة الإسلامية سوريا".
ووصف لاريجاني هذه المحاولات بأنها " مغامرة جديدة في المنطقة ولن تكون تداعياتها لمصلحة أمريكا حيث أن علاجها لن يكون عبر إبداء ملاحظات سياسية وتقديم شكوى دبلوماسية".
ودعا لاريجاني أمريكا " أن لا تتصور بان هذه الألاعيب سوف تكون من دون دفع ثمن، بل عليها أن تحذر من وضع جسدها الكبير على ألغام المجاهدين الاستشهاديين". (لاريجاني يحذر أمريكا من أن هجومها على باكستان وسورية لن يمر من دون ثمن. القدس العربي. 30/10/2008)
فهل أن إيران ستقوم بالرد على هذا العدوان بدلا من سورية!!؟ نحن نستبعد ذلك والأيام ستكشف.. فلننتظر.
علما بأن ملالي طهران لم يظهر منهم أي رد فعل على الغارة الصهيونية التي ذكرناها أعلاه، حيث يقول أحد الكتاب العرب : قرأت عددا كبيرا من التحليلات في هذا الموضوع، لكن لم ألحظ أيّا منها يتحدّث عن الموقف الإيراني من هذه الغارة (الإسرائيلية) على سوريا على ضوء معاهدة الدفاع المشترك التي وقّها البلدان؟! ألا يفترض وجود مثل هذه المعاهدة تحرّكا إيرانيا تجاه (إسرائيل؟!) أليس من المحتمل أن تكون هذه الغارة تهدف من ضمن ما تهدف أيضا إلى فحص مدى الارتباط الحقيقي بين طهران و دمشق و إرسال رسالة واضحة إلى بشار الأسد بأنّ نظام طهران لن يحميه و لن يتدخل حال حصول هجوم على سوريا؟! ((علي حسين باكير: ملابسات الغارة (الإسرائيلية).... مشار له)
يحق لنا أن نتساءل : هل أن هذا الموقف هو المتوقع من حليف وقعت معه اتفاقية دفاع مشترك!!؟
ولكن قد يقال لنا بأن إيران ليس لديها الأسلحة والأجهزة المطلوبة وإن ما يقولوه مجرد عملية تضخيم لقدراتهم حتى لا تقوم أمريكا أو الكيان الصهيوني بقصف مفاعلاتهم النووية أو مواقع تدريب عناصر الكتائب (المليشيات) التابعة لهم لغرض إرسالهم للعراق.
ولكن في هذه الحالة هل أن المخابرات الأمريكية والصهيونية عاجزة عن معرفة الحقيقة؟ وفي حالة علمهم بأن إيران ليس لديها أسلحة متطورة إذا لماذا لا يقومون بضربات ضد منشآتها الحيوية؟
سؤال سنحاول الإجابة عليه في الفصل الثاني.
وختاما علينا أن نطرح السؤال الجوهري لماذا سورية؟ سنحاول الإجابة بصورة سريعة فنقول :
سورية قطر عربي وإن الكيان الصهيوني وأمريكا يعلمان حق العلم بأن العربي لا يوافق نهائيا أن يفرط بأي شبر من فلسطين.
إن لسورية حدودا مشتركة مع الكيان المسخ ولذا فإن القادة الأمريكيين والصهاينة يريدون أن يشعروها بأن لديهم القدرة على ضربها متى يشاءون. وإن حليفها الاستراتيجي، إيران، سوف لا ينفعها ولذا عليها التخلي عنه وعن حزب الله اللبناني الذي تسيطر عليه إيران بصورة كاملة.
إرغام الحكومة السورية على التطبيع الكامل وغير المشروط مع الكيان الصهيوني، أي دون اشتراط عودة هضبة الجولان كاملة.
نحن نعلم أن أغلب إن لم نقل جميع من يطلق عليهم قادة أو (قوا..) العرب يتسابقون لكسب ود الأمريكان والكيان الصهيوني، آملين من ذلك الحفاظ على كراسيهم.
نعم إنهم، لهذا الغرض، تنازلوا حتى عن كرامتهم الشخصية، هذا إذا كانت لديهم كرامة من الأساس، ناهيك عن المثل والأخلاق العربية التي، من المؤكد لا يملكون ذرة منها. وبالأخص منذ زيارة العار لأبي رغال العصر الحديث السادات، والذي سار على خطاه مبارك المتصهين.
أما الشعوب العربية فهي مغيبة أو أنها ميتة كموتة أهل الكهف، نأمل أن تفيق يوما ما.
إذا ماذا على سورية أن تعمل؟
1- وفق تصورنا ولعدم قيام إيران بالوقوف معها أو مساعدتها أن تلغي كافة الاتفاقات مع ملالي طهران وقم وأن تقلل الاعتماد عليهم وأن تقوم بغلق مقرات ومنع أنشطة كافة الأحزاب والكتائب (المليشيات) المرتبطة بنظام الملالي والمتواجدة على الأراضي السورية.
نذكر من هذه الأحزاب والكتائب، التي يطلق عليها عراقية، كحزب مقتدة وكتائبه والمجلس الأعلى والدعوة... الخ دون ذكر المنظمات الإيرانية التابعة بشكل مباشر للنظام الصفوي المتعفن.
2-عدم القيام بأي مفاوضات مع الكيان الصهيوني المسخ، ولتقول للعالم : طالما أنه غير مستعد للانسحاب من كامل هضبة الجولان فلا داع لأي لقاءات مباشرة أو غير مباشرة. لأن الشعب السوري يرفض رفضا مطلقا التنازل عن أي شبر من أرضه المحتلة.
ولذا نرى أن على السلطات السورية ترك هذه المهمة للأجيال القادمة لأنك لو سألت أي إعرابيا عن موقفه في حال عدم إمكانه أخذ الثأر فهل يتنازل عنه؟ سيقول لك لا.. بل سأترك المسؤولية للذين يأتون من بعدي.
ولكن قد يوجه لنا سؤال وجيه : هل تعلم ما هي درجة الضغوط التي تعانيها سورية؟ سنقول حتما لا.
وأخيرا نقول أن هنالك صيحات تتعالى مطالبة ليس لتوجيه ضربة بسيطة لسورية ولكن " بشن عملية عسكرية كاملة " وسنشير إلى واحدة منها فقط لكونها صادرة من أحد المسئولين التابعين للحزبين الكرديين المتصهينين. وإليكم الخبر :
دعا مسئول عراقي الولايات المتحدة إلى شن عملية عسكرية كاملة على سوريا لإيقاف نشاط تنظيم القاعدة في العراق.ونقلت وكالة "نوفوستي" عن دريد كشمولة محافظ نينوى :" دحر تنظيم القاعدة أمر غير ممكن طالما أن المسلحين يدخلون إلى الأراضي العراقية بدون معوقات".ومن جانبه قال خسرو غوران، نائب محافظ نينوى، إن جيران البلاد ينشطون في دعم المسلحين لأن الحدود مع سوريا مفتوحة، مضيفا أن الولايات المتحدة التي اكتفى رئيسها بوش بإزالة صدام، لم تنجز مهمتها طالما أن بلدان الجوار تدعم من وصفهم بالأعداء. (مسئول عراقي يدعو واشنطن لشن حرب على سوريا. محيط 6/11/08)
وطبعا فإن كوران هذا معروف بجرائمه التي سنثبتها إن شاء الله عندما نتكلم عن الموصل في مقال لاحق.
وهكذا نرى أنه بدل الدعوة لضرب إيران فإن هذين الشخصين يطالبان بضرب سوريا، والسبب واضح وهو أن علاقة قادة الحزبين الكرديين جيدة مع نظام الملالي في طهران الذي يلتقي معهم بكثير من الأهداف وبالأخص التنسيق مع الكيان الصهيوني لتفتيت العراق وكافة الأقطار العربية.وتقاسم الغنائم كما سنوضح في المقال المقبل. إن شاء الله.
ولذا فهما لا يذكران، عندما يتكلمان عن الحدود المفتوحة، إلا عن سورية وليس عن إيران.
ونظرا لطول المقال فكرنا أن يتم نشره على حلقتين. وسيتم إكمال الحلقة الثانية قريبا إن شاء الله.
الدكتور عبدالإله الراوي
دكتور في القانون وصحافي عراقي سابق مقيم في فرنسا
hamadalrawi@maktoob.com
14/11/08
شبكة البصرة
الاربعاء 28 ذو القعدة 1429 / 26 تشرين الثاني 2008
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
http://www.albasrah.net/ar_articles_2008/1108/abdul_261108.htm
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire