http://www.albasrah.net/ar_articles_2010/1110/abdul_021110.htm
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مدى انعكاسات المظاهرات والإضرابات الحالية على مستقبل ساركوزي
شبكة البصرة
الدكتور عبدالإله الراوي
(يتوجب علينا أن نشير أن هذا المقال تم تطويره من تعليق بسيط نشر على موقع مركز الدراسات العربي – الأوربي بتاريخ 29/10/10)
بداية نقول بأن ساركوزي ليس ديغول وذلك : لكون ديغول فرنسي عريق ولديه مبادئ يؤمن بها، ولذا فقد اضطر للاستقالة اثر الانتفاضة الطلابية عام 1968.
وعلينا أن نوضح بأنه وفق تصورنا فإن تلك الانتفاضة كان سببها الحقيقي والمخفي يعود لقرار ديغول بإيقاف بيع الأسلحة للكيان الصهيوني وليس كما أعلن في حينه المطالبة بإطلاق الحريات... الخ
علما بأن من قاد تلك الانتفاضة هما طالبان يهوديان من ألمانيا وهما دانيال كاهن بنديت، رئيس حزب الخضر في فرنسا وعضو المجلس الأوربي حاليا، مع زميل له. واللذان قام ديغول بإبعادهما من فرنسا في حينه.
ويجب أن لا يفوتنا أن نذكر بأن قرار ديغول بوقف بيع الأسلحة للكيان المسخ لم يتم من تلقاء نفسه بل تم اثر لقائه مع العاهل السعودي الملك فيصل رحمه الله، والذي نشر بعنوان (حوار بين الملك فيصل وشارل ديجول.... المنتدى العربي للدفاع والتسليح. 20/3/2010)
ونظرا لأهمية هذا الحوار ولغرض عدم إرهاق القارئ بالبحث عنه قررنا نقل بعض فقراته:
روى الدكتور معروف الدواليبي يرحمه الله هذا اللقاء الهام بين الجنرال شارل ديجول والملك فيصل بن عبد العزيز يرحمه الله قبيل حرب حزيران.
يقول الدكتور الدواليبي (ص 201) من مذكراته:
أنا لي تجربة مع الجنرال ديجول من يوم قضية استقلال سوريا، فمع أنه كان محاطاً بعناصر يهودية (صهيونية).... فديجول عندما يعرف الحقيقة يغير مواقفه، ولذلك كنت حريصاً على لقاء الملك فيصل به، وألححت في ذلك وأصررت.. تم اللقاء في اليوم الأول أو الثاني من حزيران (1967) كان لقاؤه مع الجنرال ديجول، ومعه الأمير سلطان والدكتور رشاد فرعون حيث جلسا مع رئيس وزرائه السيد جورج بومبيدو، وبدأ الاجتماع بين الرجلين فيصل وديجول ومترجم:
قال ديجول : يتحدث الناس أنكم يا جلالة الملك تريدون أن تقذفوا (بإسرائيل) إلى البحر، و(إسرائيل) هذه أصبحت أمراً واقعاً، ولا يقبل أحد في العالم رفع هذا الأمر الواقع..
أجاب الملك فيصل : يا فخامة الرئيس أنا أستغرب كلامك هذا، إن هتلر احتل باريس وأصبح احتلاله أمراً واقعاً، وكل فرنسا استسلمت إلا (أنت) انسحبت مع الجيش الانجليزي، وبقيت تعمل لمقاومة الأمر الواقع حتى تغلبت عليه، فلا أنت رضخت للأمر الواقع، ولا شعبك رضخ، فأنا أستغرب منك الآن أن تطلب مني أن أرضى بالأمر الواقع، والويل يا فخامة الرئيس للضعيف إذا احتله القوي وراح يطالب بالقاعدة الذهبية للجنرال ديجول أن الاحتلال إذا أصبح واقعاً فقد أصبح مشروعاً....
دهش ديجول من سرعة البديهة والخلاصة المركزة بهذا الشكل، فغير لهجته وقال :
يا جلالة الملك يقول اليهود إن فلسطين وطنهم الأصلي وجدهم الأعلى (إسرائيل) ولد هناك...
أجاب الملك فيصل : فخامة الرئيس أنا معجب بك لأنك متدين مؤمن بدينك، وأنت بلا شك تقرأ الكتاب المقدس، أما قرأت أن اليهود جاءوا من مصر!!؟ غزاة فاتحين... حرقوا المدن وقتلوا الرجال والنساء والأطفال، فكيف تقول أن فلسطين بلدهم، وهي للكنعانيين العرب، واليهود مستعمرون، وأنت تريد أن تعيد الاستعمار الذي حققته (إسرائيل) منذ أربعة آلاف سنة، فلماذا لا تعيد استعمار روما لفرنسا الذي كان قبل ثلاثة آلاف سنة فقط!!؟ أنصلح خريطة العالم لمصلحة اليهود، ولا نصلحها لمصلحة روما!!؟ ونحن العرب أمضينا مائتي سنة في جنوب فرنسا، في حين لم يمكث اليهود في فلسطين سوى سبعين سنة ثم نفوا بعدها.....
قال ديجول : ولكنهم يقولون أن أباهم ولد فيها!!!...
أجاب فيصل : غريب!!! عندك الآن مئة وخمسون سفارة في باريس، وأكثر السفراء يلد لهم أطفال في باريس، فلو صار هؤلاء الأطفال رؤساء دول وجاءوا يطالبونك بحق الولادة في باريس!! فمسكينة باريس!! لا أدري لمن ستكون!!؟
سكت ديجول، وضرب الجرس مستدعياً (بومبيدو) وكان جالساً مع الأمير سلطان ورشاد فرعون في الخارج، وقال ديجول : الآن فهمت القضية الفلسطينية، أوقفوا السلاح المصدر لإسرائيل... وكانت (إسرائيل) يومها تحارب بأسلحة فرنسية وليست أمريكية.....
ويقول الدواليبي :
واستقبلنا الملك فيصل في الظهران عند رجوعه من هذه المقابلة، وفي صباح اليوم التالي ونحن في الظهران استدعى الملك فيصل رئيس شركة (التابلاين) الأمريكية، وكنت حاضراً وقال له : إن أي نقطة بترول تذهب إلى (إسرائيل) ستجعلني أقطع البترول عنكم، ولما علم بعد ذلك أن أمريكا أرسلت مساعدة (لإسرائيل) قطع عنها البترول، وقامت المظاهرات في أمريكا، ووقف الناس مصطفين أمام محطات الوقود، وهتف المتظاهرون : نريد البترول ولا نريد (إسرائيل)، وهكذا استطاع هذا الرجل (الملك فيصل يرحمه الله) بنتيجة حديثه مع ديجول، وبموقفه البطولي في قطع النفط أن يقلب الموازين كلها.
بعد استعارة هذه الفقرات نرى من حقنا أن نقول رحمك الله يا فيصل بن عبد العزيز ومنحنا الله وكافة المخلصين لوطننا الحبيب ولأمتينا العربية والإسلامية سرعة البديهة التي وهبها الله لك. وحسب قناعتنا فإن هذه المواقف البطولية ومواقفه الأخرى كانت السبب في اغتياله بتاريخ 25/3/1975.
ونعود إلى موضوعنا لنتكلم عن ديغول وساركوزي :
أولا : شارل ديغول، الذي كان أحد الرجال الكبار على المستوى العالمي، وللتأكيد بأنه كان رجلا لا يمكن مقارنته بساركوزي لأنه كان يحترم نفسه ومبادئه وكونه رجلا عصاميا فنقول:
بأنه طرح، وخلال الأزمة أي الانتفاضة المذكورة أعلاه، مشروع قانون لا علاقة له، لا من قريب أو بعيد بالأزمة، لاختبار مدى شعبيته وكان قراره بأنه في حالة عدم حصول مشروعه على أصوات الغالبية من الشعب الفرنسي فسيقدم استقالته وهذا ما تم أي أن الموضوع الذي طرحه لم يتم له النجاح في التصويت.
أما مشروع القانون فهو بكل بساطة هو تحويل الإقليم في فرنسا من مجرد تنظيم إداري للتنسيق بين المحافظات إلى هيئة محلية بصلاحيات وميزانية مستقلة.. الخ كما كان الحال بالنسبة للبلديات والمحافظات.
علما بأن تحويل الأقاليم إلى هيئات محلية تم في زمن متران دون إشكالات.
ثانيا : بالنسبة لنيكولا ساركوزي فنقول :
سنضطر للعودة لمقال سابق، كتب عندما كان ساركوزي وزيرا للداخلية، لنستعير منه بعض الفقرات وهو بعنوان (التنسيق لقمع الانتفاضات الشعبية بين فرنسا والكيان الصهيوني. شبكة البصرة . 26 أيلول 2006) والذي ذكر فيه :
1- إن والد نيكولا ساركوزي هنغاري من عائلة يهودية غنية (أرستقراطية) واسمه بال ناغي وغيره إلى بول، وقد وصل إلى فرنسا أثناء الحرب العالمية الثانية اثر وصول الجيش الأحمر السوفيتي إلى بلده، ووالدة نيكولا اسمها اندريي ماللا من عائلة يهودية، أيضا، هاجرت إلى فرنسا من مدينة سالونيك اليونانية.
وإن والدها كان طبيبا في الدائرة السابعة عشر في باريس. علما بأن والد نيكولا تزوج من اندريي عام 1949.
2- قال الكاتب والسياسي الفرنسي موريس مينيار : "أنا شخصيا أعتبر" ساركوزي خطرا حقيقيا على فرنسا، وبصراحة لست مؤيدا لوصوله إلى الحكم، وهذه تبقى وجهة نظري الشخصية..... ويجب الاعتراف بأن اللعبة التي لعبها ساركوزي كانت ذكية حيث أعلن بشكل صريح "تحالفه" مع (اللوبي) اليهودي، وهو الشيء الذي يعني أنه قابل للوصول إلى الحكم فعلاً!.
وطبعا لقد وصل إلى رئاسة الجمهورية الفرنسية بمساعدة (اللوبي) المذكور وبخطأ شيراك الذي عينه وزيرا للداخلية ورئيسا للحزب.
3- يقال بأن نيكولا اعتنق الديانة المسيحية دون وجود أي دليل على ذلك ولم نقرأ أو نسمع بأنه أدى الصلاة في أية كنيسة مسيحية بل إن زواج والده من يهودية وزواجه هو من يهوديتين دليل قاطع على احتفاظهما بديانتهما الأصلية.
يضاف لذلك فهو كان منذ بداية مهنته، عمدة مدينة نويي، نسق وباعتناء وبشكل خاص علاقاته مع الجماعة اليهودية.
إنه أشهر عشرات الزيجات المدنية لليهود، ولم تفوته فرصة أي عيد من أعياد السيناغوغ – محل العبادة اليهودي - في مدينة نويي، مدينته التي تسكنها جماعة كبيرة من اليهود.
في المقابلة التلفزيونية وجها لوجه مع طارق رمضان، المثقف الإسلامي تم منح ساركوزي لقب (نجم لدى اليهود) كما يقول باتريك غوبير، رئيس ال(كريف) (الجامعة العالمية ضد العنصرية واللاسامية) وعضو في البرلمان الأوربي، الذي يضيف عن ساركوزي : "إنه يعرف كل الأعياد والطقوس للديانة اليهودية بشكل يستطيع عدها على أصابعه. إنه يتوجه، وبشكل خارق للعادة – بالنسبة لشخص غير يهودي – إلى جماعة يحبها ونحن نحبه.
إنه قدم الإحساس إلى الناس – اليهود – بأنه الشخص الوحيد الذي يعمل شيئا لهم، الوحيد الذي ينقذنا من البيئة المعادية للسامية......"
إن (اللوبيات) اليهودية الأمريكية الرئيسية رفعته إلى القمة، مثلا دافيد هاريس مدير ال (آ.ج.س) -جمعية اليهود الأمريكيين-، قدمه "كرجل موهوب فوق العادة، ثاقب البصيرة، شجاع ونشط.".
المسئولون (الإسرائيليون) يرون فيه رئيس دولة مستقبلا، وبشكل خاص، رجلا قادرا على إنهاء العقيدة الديغولية "للسياسة العربية لفرنسا" "إنه لا ينظر إلى السياسة الفرنسية على أنها ايجابية، مثل قادة آخرين الذين لا يريدون عمل علاقات جيدة مع (إسرائيل)" كما يشير روجير كوكيرمان، رئيس ال (كريف) : "في فترة حركة الشتات الوطنية فإن حضوره أمام الجمعيات اليهودية الأمريكية كان له تأثيرا كبيرا في فرنسا. إن جميع أصدقاءه الجدد يتصورون بأنه سيقوم بتغيير السياسة الفرنسية المساندة للعرب.". Libération mardi 14 décembre 2004))
4- إن ساركوزي وصل للرئاسة بغفلة من الزمن، وكان للإعلام دور كبير في صعود نجمه منذ دخوله في عالم السياسة، عندما حالفه الحظ ليكون منافسه على الرئاسة في الدور الثاني من الانتخابات امرأة، عن الحزب الاشتركي، ونظرا لأنه لم يحدث في تاريخ فرنسا أن تحكمه امرأة فقد فاز في تلك الانتخابات.
5- ولكل ما ذكرناه أعلاه فلا خوف على ساركوزي من الإضرابات التي وصلت إلى نهايتها وهو طبعا سوف لا يستقيل مهما حدث، ولكن التهديد الذي ممكن أن يؤثر على مستقبله يكمن في ترشيح عدة أشخاص من حزبه للرئاسة – وبالأخص فقد حضرنا مؤتمرا لدي فيلبان، رئيس الوزراء السابق، وأوضح بأن لديه نية للترشيح للرئاسة.
إذا لو، فاز ساركوزي في الدور الأول من الانتخابات، ولم يتم الاتفاق بينه وبين المرشحين من حزبه في الدور الثاني فمن المؤكد فإن ساركوزي سوف لا يحصل على تجديد لرئاسته.
خصوصا هنالك احتمال كبير بأن يكون مرشح الحزب الاشتراكي أحد اليهود المساندين، أيضا وربما أكثر من ساركوزي، للكيان الصهيوني. وهو دومينيك شتراوس كاهن، الذي أصبح رئيسا لصندوق النقد الدولي بفضل ساركوزي.
وختاما فمن شبه المؤكد سوف لا يصل لرئاسة فرنسا أي مرشح لا يدعم الكيان المسخ.
والله من وراء القصد.
الدكتور عبدالإله الراوي
دكتور في القانون وصحافي عراقي سابق مقيم في فرنسا
hamadalrawi@maktoob. Com
تجدون كافة مقالاتنا التي نشرت بعد الغزو على
http://iraqrawi.blogspot.com
شبكة البصرة
الثلاثاء 25 ذو القعدة 1431 / 2 تشرين الثاني 2010
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire