dimanche 16 mars 2014
تعليق على (علي الكاش: أقضاء أم سيف مسلط على رقاب الضعفاء؟ شبكة البصرة.10/3/2014)
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تعليق على (علي الكاش: أقضاء أم سيف مسلط على رقاب الضعفاء؟ شبكة البصرة.10/3/2014)
شبكة البصرة
الدكتور عبدالإله الراوي
تعليقنا سيقتصر على الفقرة التالية : "فأبو حنيفة النعمان مثلا ضربه يزيد بن عمر بن هبيرة الفرازي –أميرالعراقيين- مائة وعشرة أسواط، وكل يوم عشرة أسواط أخرى، وذلك لما أراده لقضاء الكوفة أيام مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية، فأبى وبقي على الامتناع، وسجنه وتوفي في السجن."
لنقول للأخ علي الكاش، الذي نحترم ونقدر وطنيته، بأنك وقعت في خطأ، فيما يتعلق بأبي حنيفة، وسبحان الذي لا يخطأ، وذلك :
1 – إن كافة المصادر تؤكد بأن أبا حنيفة النعمان بن ثابت (رض) ولد عام 80 هجرية وتوفي عام 150 هجرية، ولذا لا يمكن أن تكون وفاته في السجن في زمن بني أمية.
2 – صحيح أنه سجن وعذب من قبل يزيد بن عمر بعد رفضه لقضاء الكوفة، علما بأن يزيد المذكور يعلم مسبقا بأن أبا حنيفة سيرفض العرض ولكنه أراد أن ينتقم من أبي حنيفة ويعذبه لكونه وقف مع ثورة الإمام زيد بن على (رض).
بعدها استطاع أبو حنيفة من الهرب ولجأ إلى مكة، واتخذها مقاماً ومستقراً له من سنة (130 - 136) للّهجرة. وهذه الحادثة يطلق عليها المحنة الأولى لأبي حنيفة.
أما المحنة الثانية : فعندما اندلعت ثورة النفس الزكية سنة 145هـ بقيادة أخوين من آل البيت وهما محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن (رض) فخلال هذه الثورة راج بين الناس أن الإمام أبا حنيفة بالعراق والإمام مالك بالمدينة يؤيدان هذه الثورة، وكان الإمامان من أكبر علماء العصر وقتها، فلما انتهت الثورة انتهز الوشاة والحاقدون الأمر وأخذوا في تأليب الخليفة المنصور على العالمين الجليلين.
دعا المنصور أبا حنيفة إلى منصب القضاء وهو يعلم علم اليقين أن الإمام سيرفض تمامًا كما فعل من قبل مع الأمويين وواليهم ابن هبيرة، وإنما أراد المنصور بهذا العرض أن يختبر مدى طاعة وولاء أبي حنيفة للدولة العباسية، وفي مجلس المنصور دار هذا الحوار الفريد بين الخليفة المستبد والإمام الكبير :
دعا المنصور أبا حنيفة إلى القضاء فامتنع، فقال المنصور: أترغب عما نحن فيه ؟
فقال أبو حنيفة: لا أصلح.
فقال المنصور وقد احتد: كذبت.
فقال أبو حنيفة: فقد حكم أمير المؤمنين علي أني لا أصلح، ثم استخدم أبو حنيفة مهارته الفائقة في الإقناع والقياس فقال: فإن كنت كاذبًا فلا أصلح [يعني لكذبه]، وإن كنت صادقًا فقد أخبرتكم أني لا أصلح، وعندها غضب أبو جعفر المنصور بشدة وأقسم بأغلظ الأيمان ليولي الإمام منصب القضاء.
فما كان من أبي حنيفة إلا أن يرد على الخليفة المنصور وقسمه بقسم أغلظ ويمين أقسى، ويقسم أبو حنيفة ألا يلي هذا المنصب الخطير، ومع قوة رد الإمام لم يستطع الخليفة المنصور أن يرد، وعندها يتدخل الربيع حاجب الخليفة المنصور في الحوار لعله أن يستطيع إثناء أبي حنيفة عن رأيه، ويقول للإمام أبي حنيفة مهددًا : ترى أمير المؤمنين يحلف وأنت تحلف؟ فرد أبو حنيفة بهدوئه ووقاره وفطنته المعهودة : أمير المؤمنين على كفارة يمينه أقدر مني، وهو بذلك يؤكد على إصراره ورفضه لمنصب القضاء، وأنه مهما كانت الضغوط ومهما كانت شخصية صاحب هذه الضغوط وسطوته فلن يرضخ الإمام.
عندها قرر الخليفة المنصور أن يصعد ضغوطه على الإمام فخيره بين قبول القضاء أو السجن، وكأنا بالخليفة المنصور قد تأكدت عنده الشائعات التي راجت حول دعم أبي حنيفة لثورة النفس الزكية، وأراد أن ينكل بالإمام ويؤدبه بشدة كما حدث مع الإمام مالك، فأصر أبو حنيفة على الرفض ولسان حاله يقول: "رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه "، فأمر المنصور بضربه أولاً ثم حملوه في القيود إلى سجن بغداد.
وفي السجن المظلم عانى الإمام أبو حنيفة من التضييق والتشديد وأيضًا من التهديد بالقتل يومًا بعد يوم، وتوفي في السجن في رجب عام 150 هجرية ويقال بأن المنصور قد دس على الإمام أبي حنيفة من وضع له السم في السجن.
والله من وراء القصد.
الدكتور عبدالإله الراوي
دكتور في القانون محام عراقي سابق وكاتب وصحافي مقيم في فرنسا
Abdulilah.alrawi@club-internet.fr
تجدون كافة مقالاتنا التي نشرت بعد الغزو على
http://iraqrawi.blogspot.com
شبكة البصرة
الثلاثاء 10 جماد الاول 1435 / 11 آذار 2014
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire