samedi 1 décembre 2007

قرار 1701 ووزراء الخيانة والتطبيع

شبكة البصرة

الدكتور عبدالإله الراوي

كان المفروض أن ينشر هذا المقال قبل عدة أسابيع ولكن سفرنا خارج فرنسا وعدم وجود حاسوب نقال لدينا حال دون ذلك ولكن رغم ذلك فإن ما ذكر فيه لا يؤثر فيه – حسب تقديرنا – الوقت.

كما نود أن نوضح للقارئ الكريم بأننا سنضع بين قوسين أي كلمة ترد وتذكر (إسرائيل) أو مرادفات هذه الكلمة حسبما أوضحنا في مقالنا (قادة العراق الجديد !! وعملية التطبيع مع الكيان الصهيوني. شبكة البصرة : 25/8/2005)

سنقوم بعرض موضوع قرار مجلس المن المذكور ثم مناقشة ما تمخضت عنه اجتماعات وزراء خارجية الأنظمة العربية.



أولا: قرار مجلس الأمن :-

بعد أن سمحت الولايات المتحدة الأمريكية للكيان الصهيوني بتدمير كافة البنى التحتية اللبنانية، تم إصدار قرار مجلس الأمن 1701.



ودون القيام بدراسة مفصلة لقرار مجلس الأمن المذكور، الذي صدر بالإجماع ليلة السبت 12/8/2006، سوف نقوم بعرض بعض فقراته وحسب مواضيعها.



السجناء والأسرى المخطوفين:

لقد نصت الفقرتين التمهيديتين 3،4 على ما يلي :

" الحاجة إلى المعالجة الفورية للأسباب التي أدت إلى نشوب الأزمة الحالية، بما في ذلك الإفراج غير المشروط عن الجنديين (الإسرائيليين) المخطوفين. "

نعم إن هذا المجلس الموقر والعادل جدا !! يطالب بالإفراج غير المشروط عن هذين الجنديين، ولكن عفوا علينا أن لا نظلم هذا المجلس الذي لم ينس السجناء اللبنانيين في الكيان الصهيوني.

ولكن الموقف يختلف طبعا لأن هذا المجلس لا يمكن أن يغضب الكيان الصهيوني. ولذا تضمن النص " إذ يأخذ بالاعتبار حساسية مسألة السجناء، ويشجع الجهود الهادفة إلى تسوية مسألة السجناء اللبنانيين المعتقلين في (إسرائيل) ".

إذا إن المجلس لم يلزم الكيان الصهيوني باتخاذ أي إجراء فيما يخص السجناء اللبنانيين ولم يكلف نفسه، ليس بالمطالبة بإطلاق سراح جميع السجناء والمعتقلين اللبنانيين، ولكن على الأقل تشكيل لجنة قضائية دولية لدراسة هذا الموضوع.



هذا من جانب، ومن جانب آخر لماذا لم تتم مناقشة قضية السجناء والمعتقلين العرب الآخرين وبالأخص الفلسطينيين والأردنيين والسوريين والمطالبة بتشكيل محكمة دولية للبت بقضية كل منهم وبالأخص أولئك الذين تم اعتقالهم بدون سبب كما تم بالنسبة لنواب حماس والوزراء في الحكومة الفلسطينية الشرعية. وكذلك بالنسبة لآلاف الفلسطينيين المعتقلين في سجون الكيان الصهيوني منذ مدة طويلة بدون محاكمة أو بمحاكمات صورية؟

قد يقال بأن القرار يخص لبنان فقط.نقول هذا صحيح ولكن نفس القرار يتكلم في الفقرة التنفيذية 11 " على الأهمية والحاجة للتوصل إلى سلام عادل ودائم في الشرق الوسط على أساس قراراته السابقة رقم 242 (1967) المؤرخ في 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 1967 ورقم 338 (1973) المؤرخ في 22 تشرين الأول (أكتوبر) 1973 "

إذا كان المفروض أن يحاول هذا المجلس، على الأقل، حل مشكلة السجناء والمعتقلين، ولكن هل يستطيع المجلس الأمريكي - الصهيوني أن يغضب الكيان المسخ!!؟



موضوع سلاح حزب الله والسلاح الفلسطيني في المخيمات في لبنان.

قبل أن نتعرض لقضية نزع السلاح علينا أن نشير إلى أن القرار المذكور يحمل مسؤولية كل ما تم على حزب الله حيث نصت الفقرة التمهيدية 2 على " إذ يعرب عن قلقه الشديد من التصعيد المستمر للمعارك في لبنان و(إسرائيل) في 12 تموز (يوليو) 2006 الذي أدى حتى الآن إلى سقوط مئات القتلى والجرحى لدى الطرفين، وسبب أضرارا فادحة في البنى التحتية المدنية، وأدى إلى نزوح مئات الآلاف من الأشخاص في الداخل."



طبعا إن القرار لا يدين الكيان الصهيوني الذي قام بكل هذه الأعمال وبالأخص قتل وجرح آلاف المدنيين اللبنانيين وتدمير مدن وقرى لبنانية بالكامل إضافة إلى تدمير البنى التحتية اللبنانية.



أما بالنسبة إلى نزع السلاح فإن الفقرات التي تكلمت عن هذا الموضوع كثيرة جدا نذكر منها :

نصت الفقرة التمهيدية 5 على أن المجلس " إذ يرحب بجهود رئيس الوزراء اللبناني وبالتزام الحكومة اللبنانية بخطة النقاط السبع التي تقتضي فرض سيطرة الحكومة اللبنانية على أراضيها من خلال قواتها المسلحة الشرعية، في شكل لا يترك أي مجال لأسلحة أو سلطة غير سلطة الدولة اللبنانية..."



الفقرة التنفيذية 3 نصت على أن المجلس:" يشدد على أهمية سيطرة الحكومة اللبنانية على كل الأراضي اللبنانية، عملا بأحكام القرار 1559 (2004) والأحكام المرتبطة والواردة في اتفاق الطائف حول ممارسة كامل سيادتها وسيطرتها، في شكل لا يترك أي مجال لأسلحة أو سلطة غير سلطة الدولة اللبنانية. "

الفقرة التنفيذية 8 أعادت ما ذكر بالفقرة 3 بالتأكيد على " التطبيق الكامل لمقررات اتفاق الطائف ذات الصلة، والقرارات 1559 (2004) و 1680 (2006)، التي تتضمن نزع أسلحة كل الجماعات المسلحة في لبنان، من أجل – ووفقا لقرار مجلس الوزراء في 27 تموز (يوليو) 2006- عدم وجود أسلحة أو سلطة في لبنان عدا تلك التابعة للدولة اللبنانية... " ويتم تكرار ذلك في الفقرة التنفيذية 10 أيضا.

نصت الفقرة التنفيذية 15 على أن المجلس " يقرر أيضا أن كل الدول يجب أن تتخذ الخطوات الضرورية لمنع، عبر أراضيها أو موانئها أو طائراتها....

أ) بيع أو تزويد أي مجموعة أو أفراد في لبنان بالأسلحة والمعدات المتصلة بها من كافة الأنواع، بما فيها الأسلحة والذخيرة والآليات، والمعدات العسكرية، التجهيزات التي لها صفة عسكرية وقطع غيار ما ذكر سابقا، بغض النظر إذا كانت (هذه الدول) هي مصدرها أم لا.

ب) تزويد أي مجموعة أو أفراد في لبنان بأي تدريبات تقنية أو مساعدة تتعلق بالتزويد، التصنيع، الصيانة أو استخدام المعدات المذكورة في الفقرة السابقة.. "



وهكذا نرى أن موضوع نزع الأسلحة احتل مكان الصدارة في قرار مجلس الأمن المذكور، وفي الوقت الذي نؤيد فيه ضرورة سيطرة الحكومة اللبنانية على الجانب الأمني وقناعتنا بأن وجود قوات تابعة لأي جماعة في أي بلد يعتبر خارج عن المألوف، ولكن هل تم حل كافة المشاكل المتعلقة بلبنان للتركيز على هذا الموضوع فقط ؟

وهل توجد فعلا سلطة حقيقية في لبنان ؟ نقول لو وجدت هذه السلطة لما تجرأ مجلس الأمن على دس انفه في شؤون لبنان الداخلية ومنها بشكل خاص قضية التحقيق بمقتل الحريري.

بل كان على هذه السلطة، لو كانت ذات سيادة فعلا، لرفضت هذا التدخل ولوجهت لذلك المجلس انتقادا لا يقبل الجدل بتدخله هذا وعدم قيامه بالتحقيق في الانتهاكات الصهيونية بحق الفلسطينيين وكذلك تلك التي تمت ولا زالت مستمرة بحق العراقيين سواء من قبل قوات الاحتلال وفي سجونها أو في سجون ما يطلق عليه وزارة الداخلية، إضافة لما تقوم به الكتائب الصفوية من جرائم بحق العراقيين الشرفاء.



قضية مزارع شبعا.

إن قرار مجلس الأمن المذكور مبهم في هذا المجال، وطبعا هو لا يلزم الكيان الصهيوني بالانسحاب من هذه المزارع. ولذا تنص الفقرات المتعلقة بهذا الموضوع على :

أن المجلس " يأخذ علما بالمقترحات المقدمة في خطة النقاط السبعة فيما يتعلق بمنطقة مزارع شبعا " فقرة تمهيدية 7

كما تنص الفقرة تنفيذية 10 على " ترسيم حدود لبنان الدولية، خصوصا في تلك المناطق، حيث هناك نزاع أو التباس ن بما في ذلك معالجة مسألة مزارع شبعا، وتقديم تلك الاقتراحات إلى مجلس الأمن في غضون 30 يوما."

ولكن فقرات أخرى تؤكد على أن مزارع شبعا لا تدخل ضمن حدود لبنان الدولية.

- فالفقرة التنفيذية 5 تنص على " سلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي ضمن حدوده المعترف بها دوليا، كما هو منصوص عليه في اتفاق الهدنة العام بين لبنان و (إسرائيل) في 23 مارس 1949. كما أن الفقرة التنفيذية 8 تؤكد على " الاحترام الكامل للخط الأزرق من كلا الطرفين..."



مطالبة لبنان بالتطبيع مع الكيان الصهيوني.

إن الفرار يفرض، بشكل غير مباشر، على لبنان للقيام بعملية التطبيع الكامل مع الكيان الصهيوني، أسوة بمصر والأردن. وفق الفقرات التالية :

فقرة تنفيذية 8 نصت على أن المجلس " يدعو (إسرائيل) ولبنان إلى وقف إطلاق نار دائم وحل طويل الأمد.. "

نصت الفقرة 9 تنفيذية على " يدعو الأمين العام إلى دعم الجهود لتأمين في أسرع وقت ممكن اتفاقات مبدئية بين حكومة لبنان وحكومة (إسرائيل) على قاعدة وعناصر حل طويل الأمد كما ورد رابعا في الفقرة 8، ويعبر عن نيته في أن يكون معنيا بشكل فاعل."



المساعدات الإنسانية إلى لبنان.

بدلا من قيام ما يطلق عليه مجلس الأمن بمطالبة الكيان الصهيوني بتعويض لبنان عما قام به من تدمير لهذا البلد، وتعويض القتلى والجرحى اللبنانيين، فإن هذا المجلس." يدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات فورية لتوسيع الدعم المالي والإنساني إلى الشعب اللبناني، من ضمنها تسهيل العودة الآمنة للأشخاص النازحين، وتحث سلطة حكومة لبنان إعادة فتح المطارات والمرافئ، اعتمادا على الفقرتين 14 و 15، ويدعوها أيضا إلى درس مساعدة أكبر في المستقبل للمساهمة في إعادة إعمار وتنمية لبنان. "



ثانيا : اجتماعات وزراء الخيانة والتطبيع.

لقد تم حضور كافة وزراء الخارجية إلى بيروت بعد أخذ موافقة سلطات الكيان الصهيوني كما أشار بذلك الشيخ حمد بن خليفة أمير قطر الذي قال : " إن كل طائرة تدخل لبنان تضطر إلى أخذ أذن من (إسرائيل)." (دنيا الوطن.غزة : 26/8/2006) كما أكد أحد ركاب الطائرات الثلاث التي أقلت الوزراء العرب من عمان إلى بيروت : " إن (إسرائيل) كانت قد حذرت من خطورة الوصول إلى بيروت عن الطريق التقليدي (عبر دمشق) بدعوى أن سماء لبنان من هذه الناحية غير آمنة وإنها، أي (إسرائيل)، لا تتحمل أي مسؤولية عن إصابة هذه الطائرات بالصواريخ المتطايرة في المنطقة، وفي الوقت نفسه، فإنها تقترح على الوزراء العرب أن يطيروا في مسار آمن عبر الأجواء (الإسرائيلية). (دنيا الوطن. غزة : 12/8/2006 و قاسيون. اورغ : 14/8/2006)

لا تعليق على هذا.. ولكن نقول يكفي حكومات الخيانة العربية فخرا توسلها بالكيان الصهيوني لتأمين وصول الوزراء المذكورين إلى بيروت.



تضمن اجتماع بيروت، رغم الخلافات الكثيرة، على المطالبة بإجراء تعديلات على مشروع القرار الأمريكي – الفرنسي لغرض مراعاة النقاط السبع التي قدمتها الحكومة اللبنانية.

وهذه النقاط ركزت على : وقف فوري لإطلاق النار وتبادل الأسرى اللبنانيين و (الإسرائيليين) وانسحاب الجيش (الإسرائيلي) إلى ما وراء الخط الأزرق وعودة المهجرين إلى قراهم والتزام مجلس الأمن بوضع مزارع شبعا تحت وصاية الأمم المتحدة. (الحرية : مجلة التقدميين العرب على الانترنت.7/8/2006)



كما تضمن الاجتماع إرسال وفد مكون من كل من : وزير خارجية الإمارات العربية بصفته رئيس مجلس الجامعة و نائب رئيس وزراء قطر الذي هو في نفس الوقت وزير خارجيتها بصفته ممثل الدول العربية في عضوية مجلس الأمن بالإضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية، للسفر إلى نيويورك للاجتماع بمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة لغرض عرض وجهة النظر العربية بشأن الموقف في لبنان. (صحيفة المنار : 7/8/2006)



ودون الدخول في تفاصيل الاجتماعات في بيروت والقاهرة سنتكلم بشكل موجز عن أهم ما تم اتخاذه من قرارات أو توصيات من قبل المجتمعين.

ولكن قبل القيام بذلك سنعرض بشكل موجز موقف اجتماعات الوزراء المذكورين من قضيتين سبق وتم مناقشتها عند عرضنا لقرار مجلس الأمن المذكور وهما :

قضية نزع سلاح المقومة في لبنان : إن البيان الختامي لمؤتمر وزراء الأنظمة العربية قد أكد على نزع سلاح هذه المقاومة حسب الفقرة رابعا التي نصت على " الترحيب بقرار الحكومة اللبنانية إرسال الجيش اللبناني إلى الجنوب، ودعم مهمة هذا الجيش كما قررها مجلس الوزراء اللبناني بحيث لا يكون إلا سلاح الشرعية في هذه المنطقة.."



قضية إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين :

إن وزراء خارجية الأنظمة العربية لم يتطرقوا إلى قضية إطلاق سراح السجناء والمعتقلين العرب في سجون الكيان الصهيوني، مقابل إطلاق سراح الجنود الصهاينة الثلاث.

خلافا لما قام به الكيان الصهيوني وما يطلق عليها منظمة الأمم المتحدة، حيث أن أهم أهداف زيارة كوفي عنان إلى لبنان هو محاولة إطلاق سراح الأسيرين الصهيونيين.



ولكن موقف الحكومة والمقاومة اللبنانية كان واضحا.. بعدم إمكان إطلاق سراح هذين الجنديين دون الدخول بمفاوضات لإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين. (فضائية الجزيرة : 28/8/2006)



وعند زيارة الأمين العام للأمم المتحدة إلى الكيان الصهيوني فإن مسئولي هذا الكيان أصروا على عدم رفع الحصار عن لبنان إلا بعد التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 1701، أي إطلاق سراح الجنديين المذكورين ونزع سلاح كافة القوات المسلحة في لبنان عدا الجيش اللبناني. (فضائية الجزيرة : 30/8/2006)



فأين الموقف المتصلب لهذا الكيان من الموقف المتخاذل لوزراء الأنظمة العربية ؟



والآن نطرح أهم ما قرره وزراء الخيانة :



استبعاد ذكر دور المقاومة اللبنانية.

عندما اجتمع وزراء الخارجية المذكورين لإصدار بيانهم الختامي والذي كان يتضمن عبارة (الإشادة بالشعب اللبناني ومقاومته) والتي تم إبدالها ب (الإشادة بشعب لبنان وصموده)

وكانت العملية مقصودة طبعا والغرض منها عدم توجيه أي إطراء، ولو بطريقة غير مباشرة، إلى حزب الله.



وهذا التعديل تم بناء على مقترحات من عدة جهات لبنانية ومصرية وسعودية.

وعندما تم طرح سؤال من قبل المندوبين القطري واليمني والسوري عن سبب اعتماد عبارة الإشادة بشعب لبنان وصموده بدل الإشادة بشعب لبنان ومقاومته وصمودها. أجاب المندوب السعودي قائلا : ليس هناك فرق كبير بين العبارتين. وقال وزير خارجية لبنان : أن الحكومة اللبنانية لا تعتبر أن المقاومة جزء وشعب لبنان جزء بل هما واحد ولا فرق بينهما.



وهنا تدخل ما يطلق عليه الأمين العام للجامعة، المعروف بمكره ، ليقول : أن الموظف الذي قام بطباعة البيان الختامي وقع في خطأ ونسي الإشادة بالمقاومة، لذلك فلا مشكلة بالموضوع ويمكن العودة إلى النص السابق.



وأثناء النقاش قال رئيس أحد الوفود : إنا لا يمكن أن نتجاهل مقاومة لبنان والإشادة بها، لأن المقاومة استطاعت إنجاز ما عجزت عنه الجيوش العربية. وهنا انتفض وزير خارجية النظام المصري المتصهين قائلا : نحن لا نقبل هذا الكلام، لا يجوز القول أن المقاومة استطاعت انجاز ما عجزت عنه الجيوش العربية، إن الجيش المصري عبر قناة السويس في الماضي ودخل إلى قلب سيناء، كما أن الجيش السوري اخترق جبهة الجولان وأنزل قواته على قمة جبل الشيخ، لذلك لا يجوز القول أن المقاومة استطاعت انجاز ما عجزت عنه الجيوش العربية.

بعدها طلب رئيسا الوفد اليمني والسوري الكلام وقالا : طبعا هنالك حرب تشرين 1973 ولا أحد ينكر ما فعله الجيشان السوري والمصري، والبلدان يحتفلان كل سنة بانتصارات حرب تشرين، ولكن الواقع يؤكد أن المقاومة بإمكانياتها المتواضعة استطاعت إلحاق الهزيمة بالجيش (الإسرائيلي)، واستمرت أربعة وثلاثين يوما وهي تلحق الخسائر (بإسرائيل)، في حين أنه في حرب تشرين استطاع شارون تنفيذ الدفرسوار وتطويق الجيش المصري كما أن الجيش (الإسرائيلي) عاد ليشن هجوما مضادا في الجولان بعد تلقيه إٌمدادات بواسطة جسر جوي أمريكي من ألمانيا إلى (إسرائيل) مباشرة. (صحيفة الديار : 23/8/2006)



وهكذا فإن الحرب لا تقاس بانتصار في معركة ولكن بالنتائج النهائية، وإن ما أفرزته حرب التحريك عام 1973 من نتائج تعتبر كارثة لا يوازيها إلا هزيمة 1967. وإن حرب 1973 هي التي أدت إلى الاعتراف بالكيان الصهيوني من قبل رأس الخيانة السادات ثم من قبل النظام الأردني ومنظمة التحرير الفلسطينية. (انظر مقالنا : القذافي.... ورقصة التعري.. التنازلات المتتالية... من عرفات إلى القذافي. شبكة البصرة : 30/12/2005)



إعادة اعمار ما قام بتدميره الكيان الصهيوني في لبنان.

إن وزراء خارجية الأنظمة العربية أكدوا، في ختام اجتماعاتهم، يوم الأحد 20/8/2006 بمقر الجامعة العربية في القاهرة على : " استعداد الدول الأعضاء للقيام بجهد عربي في إعادة إعمار لبنان ودعم وتطوير الاقتصاد اللبناني، وذلك بالتعاون التنسيق مع الحكومة اللبنانية، ودعوة المجلس الاقتصادي والاجتماعي لوضع تصور لتحقيق ذلك، ودعوته لعقد دورة استثنائية لهذا الغرض في بيروت في أسرع وقت ممكن." (c.n.n. 6/8/2006)

كما أن نية عقد قمة عربية كان أحد أهدافه دعم المقترح السعودي (لجمع تبرعات لإعادة بناء لبنان في مواجهة تدفق الأموال الإيرانية على حزب الله لكسب المزيد من الأعضاء عبر مشاريع إعادة اعمار لبنان) (c.n.n 23/8/2006).

وهنا علينا الإشارة إلى أن بعض الدول العربية بدأت فعلا بتقديم مساعدات للبنان منها مثلا ما قررته حكومة الكويت بتخصيص 800 مليون دولار لمساعدة الجهود اللبنانية لإعادة الاعمار. (صحيفة الشرق الأوسط : 21/8/2006)

وهذا المبلغ مقاربا لذلك الذي قدمه شيوخ الكويت إلى الولايات المتحدة بعد إعصار كاترينا. (انظر مقالنا : شيوخ الكويت.. يهود الخليج. شبكة البصرة. 7/10/2005)



وفي هذا المجال من واجبنا أن نذكر بأن فكرة التبرعات أوعزت بها الولايات المتحدة الأمريكية إلى عملائها.. حيث أنها تبرعت بمبلغ 230 مليون دولار، فقط لا غير، لاعمار لبنان، وهي تأمل بعقد مؤتمر دولي في ستوكهلم في السويد لجمع التبرعات من كافة الدول القادرة لغرض إعادة إعمار لبنان. (فضائية الجزيرة : 21/8/2006)



ورغم تأييدنا لقيام الدول العربية بتقديم المساعدات للبنان فإننا نقول أنه كان من واجب الأنظمة العربية المطالبة وبشكل ملح قيام الكيان الصهيوني بتحمل نتائج ما قام به من تدمير في لبنان مع تعويض عائلات كافة الشهداء والجرحى.

وفي هذا المجال علينا الإشارة إلى أن وزراء الخارجية لم يهملوا هذا الموضوع ولكن ما قرروه في اجتماعاتهم كان شبه توصية بسيطة ولم يطالب مثلا بعقد اجتماع لمجلس الأمن لإقرار ذلك أو التهديد بقطع كافة العلاقات مع الكيان الصهيوني في حالة عدم قيام هذا الكيان بذلك.

إن الفقرة 8 من البيان الختامي لمؤتمر وزراء الخارجية المذكور نصت على :" تحميل (إسرائيل) المسؤولية الكاملة عن هذا العدوان ونتائجه، وعن الاستهداف المتعمد للمدنيين وللبنى التحتية الذي شكل خرقا صارخا وخطيرا للقانون الدولي الإنساني ولاتفاقات جنيف لعام 1949. وتحميلها أيضا مسؤولية التعويض للجمهورية اللبنانية والمواطنين اللبنانيين عن الخسائر الفادحة التي لحقت بالاقتصاد اللبناني جراء العدوان (الإسرائيلي).



وحسب قناعتنا كان على الحكومات العربية أن تذكر، ولو شكليا، بأن المبالغ المقدمة أو التي ستقدم إلى لبنان تعتبر قرضا لحين قيام الكيان الصهيوني بتقديم التعويضات إلى لبنان. ولكنا نعلم جيدا بأن هذه الأنظمة وبناء على أوامر أمريكا لا تستطيع أن تتخذ مثل هذا الموقف بل إنها مستعدة لتقديم كل شيء لغرض عدم إحراج الكيان الصهيوني بتقديم التعويضات المذكورة.



تكملة مسيرة التطبيع مع الكيان الصهيوني.

بعد توقيع الاتفاقيات بين الحكومتين المصرية والأردنية مع الكيان الصهيوني، فإن وزراء خارجية الأنظمة العربية يطمحون إلى تكملة مسيرة الاستسلام إلى نهايتها.. وفي هذا المجال نذكر :-

إن ثلاث دول عربية تعمل على استغلال فرصة إفرازات ما تم في لبنان لغرض إحياء العملية الاستسلامية، يذكر أحد الكتاب من القاهرة : " يقود ثلاثة من حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة جهود عربية لتقديم خطة إلى مجلس الأمن الشهر المقبل لإحياء عملية السلام مع (إسرائيل) وذلك في ضوء المخاوف التي أفرزتها حرب لبنان من تعزيز لدور إيران والمليشيات المسلحة في الشرق الأوسط.. وتسعى حكومات الدول الثلاث لانتهاز سانحة رماد الحرب لاستئناف مفاوضات سلام مع (إسرائيل) على ثلاث محاور : الفلسطينية والسورية فضلا عن اللبنانية، وعلى صعيد مواز قال وزير الدفاع (الإسرائيلي) عمير بيرتس الأسبوع الماضي أن استئناف الحوار مع سوريا والفلسطينيين ممكن وقوله : (كل حرب تخلف فرصة عملية سياسية جديدة). " (c.n.n 23/8/2006 )

وهذا يؤكد أن الدول الثلاث حصلت على الضوء الأخضر من الكيان الصهيوني.



وهنا يجب أن نذكر بأن زيارة الشيخ حمد بن خليفة أمير قطر إلى سوريا كان أحد أهدافها الرئيسة إيجاد صفقة بين (إسرائيل) والنظام السوري متزامنا مع ما أطلقه وزير الدفاع الصهيوني حول تشكيل مجموعة عمل لمعاودة التفاوض مع سوريا. (وكالة الأنباء الفرنسية : 21/8/2006)

كما أن الأمير المذكور أكد بأن " فرص السلام في الشرق الأوسط الآن أكبر من أي وقت مضى. " (صحيفة الوقت : 22/8/2006)



ودون الدخول في تفاصيل أكثر، نقول من الواضح أن الحكومات العربية التي طبعت بالكامل مع الكيان المسخ، مصر والأردن، وبشكل جزئي : الغالبية العظمى من الحكومات العربية، كلها تأمل أن تقوم كل من سوريا ولبنان والفلسطينيون بتوقيع اتفاقات مع الكيان الصهيوني. لغرض إتاحة الفرصة للدول المطبعة بشكل جزئي بالتطبيع الكامل مع الكيان المذكور.



ومن جهة أخرى فإن حلم كل من النظامين المصري والأردني، هو أن تقوم بقية دول الطوق، سوريا ولبنان إضافة إلى الفلسطينيون، بالتطبيع لتحقيق ما يطالب به سادتهم في البيت الأبيض وتل أبيب بإيجاد حدود آمنة للكيان الصهيوني. وبالنتيجة إرغام، وبشكل مباشر أو غير مباشر، بقية الأنظمة العربية للتطبيع الكامل مع هذا الكيان. وبالأخص بعد أن أصبح العراق، الذي كان يشكل تهديدا قويا لأي نظام يريد التطبيع، تسيطر عليه القوات الأمريكية والصهيونية.



وهذا الوضع يذكرنا بقصة طريفة ولكنها معبرة، وهي قصة الأسد والثعلب :



يقال أنه في أحد الأيام قفز الأسد على ثعلب ليقتله، ولكن الأسد أمسك فقط بذنب الثعلب، واستطاع الثعلب الهروب بعد أن ترك ذنبه بفم الأسد. فقال له الأسد : أنت لا تستطيع التخلص من عقابي لأني أعرفك فأنت الثعلب الوحيد مقطوع الذنب.



بعد هروبه، التقى الثعلب المذكور بقطيع من الثعالب فقالوا له : ما الذي حدث لك وأصبحت بدون ذنب ؟ فقال لهم : تعلمت لعبة جميلة جدا حيث يقوم الثعالب بربط أذنابهم الواحد بالآخر ويقومون بتقديم رقصات جميلة جدا.. هيا لأربط أذنابكم ولأعلمكم الرقصات التي تستطيعون تأديتها.



وافق الثعالب على اقتراح الثعلب الماكر الذي أسرع بربط أذنابهم،و وأخذ يرقص أمامهم وهم يرقصون خلفه إلى أن قادهم إلى أطراف إحدى القرى. وأخذ يصرخ بقوة ن فجاءت جميع كلاب القرية، فهرب هو ببساطة تاركا الثعالب المربوطة تحاول الهروب، وطبعا لم تستطع الهرب إلا بعد أن تقطعت أذنابها جميعا.



فأخذ الثعلب الماكر يضحك قائلا : نجوت ورب الكعبة.. لأن الأسد سوف لا يستطيع معرفتي ومعاقبتي لأن جميع ثعالب الغابة أصبحت بلا ذنب.



وهذا بالضبط ما يحلم به النظامين المصري والأردني.



ولكن هل أن الكيان الصهيوني سيوافق على توقيع اتفاقية مع سوريا؟

طبعا لا.. لأن النظام السوري لا يستطيع التنازل عن أي شبر من أراضي الجولان ولا عن أي قطرة من مياهها حتى لو رغب بذلك. لأننا واثقون بأن الشعب السوري سوف يرفض أي نوع من التنازلات في هذا المجال.

هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الكيان الصهيوني لا يمكن أن يوافق على الانسحاب الكامل من الجولان.. إذا سوف تصل أي مفاوضات إلى طريق مغلق.



أما بالنسبة إلى لبنان، فلنفترض جدلا، بأن الكيان الصهيوني سيتنازل عن مزارع شبعا.. فهل أن النظام اللبناني قادرا على توقيع اتفاقية تطبيع كامل مع هذا الكيان ؟ نقول كلا.. إلا إذا تم تصفية كافة عناصر المقاومة اللبنانية والفلسطينية في لبنان، وهذه عملية شبه مستحيلة ضمن الوضع الراهن.



أما عملية الحصول على اعتراف الحكومة الفلسطينية بالكيان الصهيوني.. فهي عملية معقدة وصعبة جدا وبالأخص في ظل حكومة حماس التي ترفض أي نوع من الاعتراف إلا بعد الانسحاب الصهيوني من كافة الأراضي المحتلة عام 1967 وبعد عودة المهجرين الفلسطينيين.. وكل عاقل بل وحتى المجنون مضطر على الاعتراف بأن الكيان الصهيوني لا يمكن أن يوافق على ذلك.



إذا ما يحلم به قادة التطبيع من خونة الأمة في مصر والأردن والسعودية بعيد المنال. وثقتنا عالية بأن الشعب العربي وبالأخص في فلسطين والعراق وسوريا ولبنان سيقوم بتحطيم هذا الحلم على صخرة صموده.

وسوف لا يحصد حكام العرب المطبعين من مشاريعهم إلا الخيبة والخذلان.



الدكتور عبدالإله الراوي

دكتور في القانون وصحافي عراقي سابق مقيم في فرنسا

hamadalrawi@maktoob.com

شبكة البصرة

الثلاثاء 11 رمضان 1427 / 3 تشرين الاول 2006

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس

Aucun commentaire: