في بغداد، سجين وكالة المخابرات الأمريكية (سي.ي.ا)
مقابلة مع الأستاذ عبدالجبار الكبيسي
شبكة البصرة
ترجمة : الدكتور عبدالاله الراوي
هذه ترجمة لمقال نشر في صحيفة الأحد الفرنسية (lejournal de dimanche ) بتاريخ 15/1/2006 ، وهو يتضمن مقابلة مع الأستاذ عبدالجبار الكبيسي مع تعليقات الصحافي الفرنسي كاتب المقال .
ونظرا لما يحتويه من معلومات مهمة حول موقف الأخ الكبيسي خلال فترة توقيفه ، وكذلك اعترافات المسئولين الأمريكيين بالأزمة التي يعانوها في العراق، رأينا ترجمته ليطلع عليه القراء الكرام باللغة العربية.
ألقي القبض عليه، وتم اعتقاله في مكان سري من قبل الأمريكان. القومي العراقي عبدالجبار الكبيسي يتحدث عن زنزانته التي لا يتجاوز طول كل حائط منها على 170 سم، وعن الاستجوابات التي تقوم بها ال (سي .ي. ا) وعن قلق المعتقلين معه الذين جميعهم من قدماء كوادر (الدكتاتور)
هذه الشهادة توضح الوضع المأساوي في العراق بعد مرور ثلاث سنوات على سقوط النظام السابق.
ترجمة المقال
"إننا قمنا بارتكاب خطا كبير عندما جئنا إلى العراق، لا يمكننا أن نربح هذه الحرب نهائيا، الآن نحن في الحفرة وبوش لا يعلم أي شيء. إن ما نريده هو ترك البلد بيد أمينة ثم نذهب."
بهذه العبارات، في أحد الأيام وأثناء التحقيق، قام ضابط ال (سي.ي ا) بالبوح لسجينه عما يعانونه، قال ذلك بين سؤالين موجهة للسجين.
ولكن عبدالجبار الكبيسي، الذي كان مقيد اليدين والرجلين، قكر بأن هذه الأقوال ما هي إلا محاولة لخداعه، رد على الضابط قائلا : "رغبتكم هذه جاءت متأخرة جدا، نحن نرفض أن نترككم تغادرون باحترام، بعد تدميركم للعراق، سوف نلقيكم خارجا كما حدث لكم في فيتنام، وسوف نلاحقكم أين ما تذهبون في منطقة الشرق الأوسط ."
تم إطلاق سراحه منذ خمسة عشر يوما، يدخن لفافة التبغ واحدة اثر أخرى، في شقته ذات الثلاث غرف الواقعة في مدينة أنماس (محافظة سفوا العليا)، في فرنسا .
هذا العراقي يروي قصة اعتقاله التي دامت لمدة 15 شهرا، من أيلول (سبتمبر) 2004 إلى كانون الأول (ديسمبر) 2005 .أن هذا الشخص، حقيقة، هو معارض بشكل مستمر، بوجهه المتجعد والحازم لقومي عربي لا يتراجع وثابت ومتمسك بمواقفه بحسم، لمناضل متمرس على الاستجوابات.
مع ذلك فهو لا يشكو ويدخر قابليته للنقد في سبيل نضاله.
صلب، أصبح نحيفا بعد فقده 12 كغم، عمره 63 عاما منها 15 عاما قضاها في المعتقلات.
ينتمي إلى إحدى العائلات السنية الكبيرة، وهو من الفلوجة؛ معقل المقاومة.
هذا المهندس البعثي الذي كان معارضا لصدام حسين، وضع في السجن منذ نهاية الستينات ولاقى التعذيب، وفقد اثنين من إخوانه حيث تم اغتيالهما .
بعدها لجأ إلى سورية حيث أصبح، في دمشق، على رأس قيادة حزب البعث المناوئ للنظام العراقي، وأصبح معروفا على مستوى العالم العربي. ولكنه أعتقل من قبل مضيفيه .
ولذا ترك سورية مهاجرا إلى فرنسا عام 1997 وحصل على اللجوء السياسي وأقام في مدينة أنماس التي تبعد 15 كم عن الحدود السويسرية.
رئيس الإتحاد الوطني العراقي ورئيس تحرير صحيفة نداء الوطن، كان يناضل ضد الحصار الذي فرضته الأمم المتحدة على العراق. رفض الالتحاق بالمعارضة لصدام التي قام الأمريكان بدعمها وتوحيدها .
بعد سقوط (الدكتاتور)، في نيسان (ابريل) 2003 ، عاد إلى الوطن وبسرعة أعلن رفضه للاحتلال الأمريكي ونادى، بشكل خاص، لنسف أنابيب النفط .
في ليلة 3-4 أيلول (سبتمبر) 2004، قامت ثلاث مروحيات أمريكية بالتحليق فوق منزله، تم نسف باب بيته بالديناميت، وأصبح شظايا. وقامت اثنا عشر عربة من نوع (هومفي) وثلاث دبابات بتطويق الحي الذي يقطنه. تم وضع الكيس الذي يغطي رأسه ووجهه كما تم تقييد يديه ورجليه، بعدها تم وضعه في إحدى المروحيات، من قبل 30 عسكري من القوات الخاصة الأمريكية، ونقل إلى قاعدة أمريكية سرية .
هناك تم إلقائه في (علبة سوداء) التي هي عبارة عن زنزانة من القرميد بطول 170 سم لكل ضلع منها، وهو الذي طوله 180 سم كان مضطرا على الاضطجاع أو الانحناء عند الوقوف (كديك البندقية ).
كان دائما مقيدا بالسلاسل، وكما يقول : " لم أكن أعلم أين أنا ولا أستطيع التفريق بين الليل والنهار."
بدأ الاستجواب؛ " عشرون ساعة في اليوم، أي ثلاث ساعات مدة كل استجواب يتبعها استراحة لمدة نصف ساعة ."
يسأل مستجوبيه : " لماذا تم توقيفي؟ " يجيبونه : "سوف تعلم فيما بعد." في الحقيقة لا يوجد إلا سبب واحد ، حسب قوله : كونه "سياسي خطر."
يسأله أحد المحققين الأمريكان : ماذا تعرف عن المقاومة ؟ يجيب : لا شيء .
وبغرابة يسألونه عن عملية اختطاف الصحافيين الفرنسيين كريستيان شينو وجورج مالبرونو، التي تمت قبل عدة أسابيع من اعتقاله، علما بأنه كان قد وعد بالتوسط لهما.
وحول هذا الموضوع يقول الكبيسي : "سألوني فيما إذا كنت أعمل لصالح المخابرات الفرنسية، ثم قدموا لي قائمة تتضمن أسماء فرنسيين وعراقيين يقيمون في باريس. وحتى لو كنت أعرفهم فإني كنت أنفي معرفة أي منهم.
قال له رئيس المحققين : "إنك تكذب." وكان جوابه : "إن أكبر كذاب هو رئيسكم. الشيء الوحيد الذي تستطيعون عمله معي، هو قتلي."
بعدها قيل له : "انتبه! سنتبع معك وسئل أخرى."
مجرد تهديد، الكبيسي يؤكد بأنه لم يخضع لآي عملية تعذيب أو ضرب .
يروي الكبيسي : أنه بعد انتهاء عشرة أو اثنا عشر يوما " لا أستطيع أن أعرف بشكل مؤكد ." وضعوني بمروحية التي حطت بعد حوالي ساعة من إقلاعها. كان دائما مقيد ومعصوب العينين، ولكنه استطاع أن يعرف، من خلال هدير الطائرات، بأنه في مطار بغداد، في سجن كروبر الشهير؛ المعسكر الأمريكي الذي يعتقل فيه كافة قادة نظام صدام .
وهنا يشرح الكبيسي شعوره عندما وصل إلى هذا المعتقل بقوله : "إنه فندق بخمسة نجوم – أي راق جدا – بالمقارنة مع الصندوق الأسود الذي كنت محبوس فيه."
حيث حصل هنا على غرفة طولها ثلاثة أمتار وعرضها مترين ونصف، مع سرير صغير وبطانيات وقنينة ماء وكهرباء.
الغذاء يتكون من رز مغلي بالماء وقطعة صغيرة من الدجاج .
بقي في هذه الزنزانة الصغيرة المغلفة بخشب سميك، في سجن انفرادي، من أيلول (سبتمبر) 2004 إلى شباط (فبراير) 2005.
وعن هذه الغرفة يقول الكبيسي : "الآخرون قالوا لي بأن هذه الزنزانة كان يشغلها صدام قبل نقله إلى موقع سري."
حول معصمه سلسلة وحيدة تحمل رقم – السجين – 200162 س ل .
التحقيق والاستجواب أعيد من جديد، الذي يتم في سرداق صغير (كهف) يقع خارج المعتقل . كان السجين يؤخذ إلى هذا المكان مقيد بالسلاسل وعلى رأسه الغطاء المعروف (الكيس). وهذا أحد مظاهر الماكنة الضخمة لإدارة المخابرات الأمريكية التي تضم ما لا يقل عن ثلاث أجهزة مختلفة .
التحقيق أو (المطبخ) الذي يدوم من ست إلى ثمان ساعات يوميا، وفي كل مرة يكون أمامه أربعة رجال : محقق واحد وثلاث كتاب يسجلون ملاحظات .
في أحد الأيام، قال رئيس هذه المجموعة : " نحن من ال (سي.ي . ا) ."
خلال الاستجواب، يتم طرح كافة المواضيع؛ تاريخ حياته ، اتصالاته مع العالم العربي، علاقاته مع الفلسطينيين ومع المقاومة العراقية ... إلى الحكومة العراقية التي تم تشكيلها في بغداد.
وهنا ينفعل الكبيسي، السريع الغضب ، ويقول : " هؤلاء مجموعة من السارقين ومن الجهلة الذين يعملون تحت أوامركم ولتحقيق مصالحكم ."
ولكن في كثير من الأحيان تتحول المناقشة إلى محاورة سياسية : " يسألوني عن سبب التمرد (المقاومة)، وفي هذه الحالة أشرح لهم أهداف المقاومة :
لقد جئتم لنزع هويتنا العربية وتركتم الرعاع يسرقون ويحطمون بلدنا .
ولكن لماذا نحن نناضل ضدكم؟ ولماذا تحتقرونا إلى هذه الدرجة، بكونكم أمريكيون .
أنتم غزاة، لو تركتكم تدخلون إلى منزلي فإن زوجتي ستبصق على الأرض، لا يوجد شخص يحترمكم نهائيا .
وعندما يثير أحدهم عظمة الولايات المتحدة، يجيبهم السجين بتهكم : " إذا لماذا تصعدون في مروحية عندما تتنقلون من المنطقة الخضراء إلى المعسكر الذي يتواجد فيه الأمريكان ؟ "
طبعا إنهم يحاولون الدفاع، ولكن في بعض الأحيان يحدث نوع من التفاهم أو التواطؤ مع هؤلاء السجانين، وهكذا مثلا في أحد الأيام عندما قام السجين بنقدهم قائلا : " إن الكونغرس الأمريكي يقوم حاليا بالتحقيق عن اختلاس أحد الأمريكان ل 7 مليارات دولار من أموال العراق ." كانت مفاجئة أن يجيبه أحدهم بقوله : " إن الرقم الذي ذكرته قديم يا كبيسي، إن التحقيق الآن يتم حول 9 مليارات دولار." – المقصود هنا طبعا المبلغ المتهم باختلاسه بريمر حاكم العراق السابق (المترجم) –
يوم 9 شباط (فبراير) 2005 ، انتهى السجن الانفرادي، وتم نقله إلى القاطع 7 ، وهو عمارة تتكون من 21 زنزانة مستقلة مشغولة جميعها من قبل الكادر القديم لنظام صدام حسين.
إن الخمسة والستين شخص الذين تتم محاكمتهم في بغداد حاليا – إن قسما منهم تتم محاكمتهم وليس الجميع – (المترجم) ، جميعهم معتقلين في قاعدة كروبر.
الذهاب إلى الحمام يتم على شكل مجموعات، كل مجموعة تضم سبعة أشخاص، فيتم لقاءهم هناك، وهكذا فإنه التقى بعامر رشيد وزير النفط السابق، ومحمد مهدي صالح وزير التجارة السابق المصاب بفقد البصر. وحسب تصوره " إن هؤلاء يحملون معنويات عالية ، ولكن التكارتة (أفراد عائلة – الدكتاتور- كانوا مكتئبين ويحملون الضغينة ضد صدام."
علما بأن ما لا يقل عن خمسة من هؤلاء المعتقلين توفوا في السجن بسبب المرض، من بين هؤلاء؛ محمد حمزة الزبيدي رئيس الوزراء السابق، وعادل الدوري أحد قادة البعث، وكذلك محام كانت زنزانته مجاورة لزنزانة الكبيسي، وكانت وفاة الأخير قبل شهر من إطلاق سراحه.
كما أنه شاهد، خلال النزهة الخارجية، طارق عزيز وزير الخارجية السابق، وكان على مرمى حجر منه. وكذلك برزان، الأخ غير الشقيق لصدام وآخرين.
المعلومات التي يحصل عليها السجناء نادرة، جريدة واحدة فقط كل ثلاثة أسابيع، وهذه الجريدة تصلهم قديمة أي بعد صدورها بمدة سبعة أيام، وغالبا ما تحذف منها عدة صفحات .
في أحد الأيام وصل إلى المعسكر 19 شابا من المقاومة الإسلامية، تمكن ملاحظتهم من خلال فتحة السقف، كانوا يهتفون " الله أكبر".
خلال الزيارات النادرة لممثلي الصليب الأحمر، الكبيسي يعترض على وجودهم بقوله لهم :"أنتم لا تعملون إلا كغطاء لغرض خدمة الأمريكان، عليكم مغادرة العراق."
الرسائل النادرة التي يستلمها تتم مراقبتها، وحتى رسوم طفليه تمت مصادرتها، لأنهم يعتقدون بأنها تحمل رموز سرية .
بالنسبة للعلاقة مع عائلته، طوال فترة اعتقاله لم يحصل إلا على اتصال هاتفي واحد مع عائلته وذلك يوم 15 حزيران ( يونيو) 2005 ، وزيارة أخيه يوم 25 من نفس الشهر.
بقي آخر مناقشة مع ال (سي. ي . ا) وكانت مثالية، تدل على الورطة الكبيرة التي وقع فيها الأمريكان في العراق، الضابط يعترف له بأن نتائج الانتخابات ليست مشجعة " وإن الإيرانيين أو القريبين من الإيرانيين، لأنه لا يقول نهائيا الشيعة، فازوا، البلد يتجه نحو الحرب الأهلية ."
وفي نفس الوقت فإن الأمريكان تأكدوا بأن الكبيسي لديه دعم من الخارج، من قبل الشيعي الراديكالي مقتدى الصدر، وكذلك من قبل نقابة المحامين العراقيين، وأيضا من قبل البرلمان الأوربي، وجميع هؤلاء يطالبون بإطلاق سراحه.
في هذا الوقت كانت ال (سي. ي . ا) تحاول جذب القادة السنة في سبيل أن يقفوا ضد الثقل الشيعي، ولغرض تجنب سيطرة إيران على البلد.
وهنا تمت المحاورة التالية بين أحد مسئولي المخابرات الأمريكية والكبيسي :
" أنت معروف في العالم العربي، وأنت نظيف، نحن نحتاج إلى أشخاص مثلك لنترك لهم الحكومة، نحن الآن في حفرة هنا ، يجب أن يتم تغيير."
ولكن من أنت ؟ أنا لا أدخل، نهائيا، في لعبة سياسية عندما تحددون أنتم منهجها.
نحن نعلم بأنك لا تحبنا، ولكن من واجبنا أن نضع السلطة بيد أناس شرفاء. ستكون قريبا مطلق السراح، إذا كنت مستعد للتعاون، ستكون أفضل مرشح لرئاسة الوزراء، سأرى رئيسي يوم 5 كانون الثاني (يناير) في واشنطن ، وهذا الأمر لا يعود إلا لك .
أنا أعرف أفلامكم السينمائية، لا أحد يستطيع شرائي ."
في الأيام التالية لهذه المحاورة، فإن وجباته الغذائية تحسنت، وبدأ يستعيد من وزنه. ثم جاءت ساعة إطلاق سراحه.
أحد الضباط، برتبة عقيد، يقدم له وثيقة موقعة، ولكنها تتضمن عدة شروط ، وبالأخص؛ عدم مساعدة المقاومة وعدم التحدث إلى وسائل الإعلام. وكان جوابه : "ضعوني في السجن لمدة عشر سنوات، أنا لا أوقع نهائيا على هذه الوثيقة."
في النهاية اكتفى الضابط بأن كتب على الوثيقة : "بأن الشخص المقصود اطلع على الالتزامات."
بعد عدة دقائق قام أخوه باصطحابه إلى إحدى الفلك، ثم إلى المنزل وتم ذبح 20 خروفا احتفالا بعودته سالما .
يلخص عبدالجبار الكبيسي : "الشيء الوحيد الذي علموني إياه خلال أيام إقامتي في الحبس، هو حقيقة الديمقراطية الأمريكية!!."
ويقسم برغبته بالعودة إلى بغداد : "لغرض أن أكتب وأتكلم، وهذا ما قمت به دائما، في عمر 63 سنة سوف لا أقوم، حتما، بالنضال المسلح ."
نص المقال المترجم
A Bagdad , prisonnier de la cia
Le Journal du Dimanche
Dimanche 15 janvier 2006
Gilles Delafon
« ON A FAIT une grosse erreur en
venant en Irak, on ne gagnera jamais
cette guerre. Maintenant on est dans
le fossé et Bush n’en sait rien. Ce
qu’on veut, c’est laisser ce pays en de
bonnes mains et filer ! »
Ce jour-là, l’officier de la CIA se
confie à son prisonnier,entre deux interrogatoires.
«Manipulation », pense
aussitôt Abdul Jabbar Al-Kubaysi
menotté aux mains et aux pieds, il rétorque:
«Trop tard, on ne vous laissera
pas partir avec respect, vous avez
détruit l’Irak, on va vous virer comme
au Vietnam et on vous poursuivra
à travers tout le Moyen-Orient. »
Relâché il y a quinze jours, grillant cigarette sur cigarette
dans son trois-pièces d’Annemasse (Haute-Savoie),
cet Irakien raconte ses quinze mois de détention.
De septembre 2004 à décembre 2005. Sa vérité. Celle
d’un éternel opposant, au visage buriné et fermé.D’un
nationaliste arabe déterminé, intransigeant et péremptoire.
D’un militant rompu aux interrogatoires.
D’ailleurs,Abdul Jabbar ne se plaint pas et garde ses
diatribes pour son combat.Un dur.Amaigri de douze
kilos, à 63 ans, il compte déjà quinze années de prison à
son actif. Issu d’une des plus grandes familles sunnites,
originaire de Faloudja, le bastion de la guérilla, cet ingénieur
baasiste opposé à Saddam Hussein est mis derrière
les barreaux dès la fin des années 1960. Et torturé.
Deux de ses frères sont assassinés.
Exilé alors en Syrie, il s’y retrouve propulsé à la tête
du parti Baas rival, celui de Damas. Et se fait connaître
dans le monde arabe.Au bout de quelques années, décidément
dérangeant, il est emprisonné par ses hôtes.
Exilé une nouvelle fois, il finit par atterrir en France en
1997. Réfugié politique à cinq kilomètres de la frontière
suisse.
Président de l’Alliance patriotique irakienne et rédacteur
en chef du quotidien Nida al-Watan, il se bat
alors contre l’embargo imposé par l’ONU à l’Irak, et
refuse de rejoindre l’opposition à Saddam fédérée par
les américains. A la chute du dictateur en avril 2003, il
rentre au pays. Où très vite, il vitupère « l’occupant »
américain et appelle notamment à « faire sauter les pipelines
».
Dans la nuit du 3 au 4 septembre 2004, trois hélicoptères
américains se stabilisent en vol stationnaire audessus
de sa maison.Les portes, attaquées à la dynamite,
volent en éclats. Une douzaine de Humvee et trois
chars bouclent le quartier. Recouvert d’une cagoule,
menotté aux mains et aux pieds, il est traîné dans un hélico
par une trentaine de militaires des Forces spéciales.
Une heure de vol vers une base secrète américaine.
Là, on le jette dans une « boîte noire »,une cellule en
béton de 170 cm de côté. Lui qui fait un mètre quatrevingts
dort en chien de fusil, toujours entravé par une
chaîne. « Je ne savais ni où j’étais, ni si c’était le jour ou
la nuit. »
Les interrogatoires commencent. «Vingt heures par
jour, à raison de sessions de trois heures, entrecoupées
de pauses d’une demi-heure. » Pourquoi a-t-il été arrêté?
«Vous le saurez plus tard ! » En fait, seules ses déclarations
seront retenues contre lui, celle d’un « dangereux
politicien ».
« Que savez-vous de la guérilla? » lui demande un
Américain. « Rien! » Curieusement, on l’interroge
alors sur le rapt, survenu quelques semaines plus tôt,
des journalistes français Christian Chesnot et George
Malbrunot, pour lesquels il avait promis d’intercéder.
« Ils m’ont demandé si je travaillais pour les services de
renseignement français… et m’ont soumis des listes de
noms de Français et d’Irakiens vivant à Paris. Même
quand je les connaissais je répondais non ! »
«Vous êtes un menteur ! lui lance le chef des enquêteurs.
– Le plus grand menteur, c’est votre président. La
seule chose que vous pouvez me faire, c’est me tuer !
– Attention, on va utiliser d’autres méthodes avec
vous. »
Simple menace, Al-Kubaysi affirme n’avoir jamais
été torturé ou battu.Au bout de dix ou douze jours –
« je n’arrivais plus à savoir » –, retour dans l’hélico pour
une heure de trajet.A l’atterrissage, toujours enchaîné
et les yeux bandés, il comprend au bruit des avions qu’il
est à l’aéroport de Bagdad.Au célèbre Camp Cropper,
la prison américaine où sont incarcérés les ex-dignitaires
du régime de Saddam.
« Un hôtel cinq étoiles après ma boîte noire », dit-il,
décrivant une chambre de 3m par 2,5m,un petit lit,des
couvertures, des bouteilles d’eau et le Coran.Nourri de
boulettes de riz et de maigres morceaux de poulet,dans
cette cellule à part et recouverte d’un épais coffrage en
bois, il reste à l’isolement de septembre 2004 à février
2005. « Les autres m’ont dit après que c’était l’endroit
où Saddam avait été détenu avant d’être transféré
vers un lieu secret. »
A son poignet, un bracelet indique
son matricule : 200162 CI. Les interrogatoires
reprennent,dans une petite
caravane située à l’extérieur vers
laquelle on le traîne attaché et cagoulé.
Signe révélateur de l’immense
machine administrative du renseignement
américain, pas moins de
trois différents services le « cuisinent
» six à huit heures par jour.
Avec, à chaque fois, face à lui, quatre
hommes : un enquêteur et trois preneurs
de notes.
« Nous sommes de la CIA! »,affirme
un jour le chef du premier groupe.
Au cours des interrogatoires, tout
y passe: son passé, ses connexions
dans le monde arabe, les Palestiniens,
la guérilla irakienne… et jusqu’à l’actuel
gouvernement mis en place à Bagdad. « Ce sont
des voleurs, des ignorants à votre solde », tempête
l’irascible Kubaysi.
Mais souvent, la discussion tourne au dialogue politique.
« Ils m’ont demandé les raisons de l’insurrection.
Alors je leur ai expliqué la résistance :
– Vous venez nous dépouiller de notre identité arabe
et vous laissez des voyous piller et détruire notre pays.
– Mais pourquoi nous combattez-vous, alors qu’on
essaie de vous faire une vie meilleure? Pourquoi vous
nous haïssez en tant qu’Américains?
– Vous êtes des envahisseurs, si je vous laissais entrer
chez moi, ma femme cracherait par terre.Plus personne
ne vous respectera, jamais. »
Et quand son interlocuteur évoque la puissance des
Etats-Unis, le prisonnier se gausse: « Alors pourquoi
vous prenez l’hélico pour faire les dix kilomètres qui
nous sépare de la zone verte (le lieu où logent les Américains.)?
» Bien qu’il s’en défende, une certaine complicité
se noue parfois avec ses geôliers.Ainsi un jour, lorsqu’il
assène à l’un d’eux : « Votre Congrès enquête actuellement
sur des détournements en Irak portant sur
7 milliards de dollars », quelle n’est pas sa surprise de
s’entendre répondre: « Vos chiffres ne sont pas à jour
Kubaysi, l’enquête porte désormais sur 9 milliards de
dollars! »
Le 9 février 2005, fin de l’isolement. Il est transféré
vers le secteur 7. Un bâtiment où s’alignent 21 cellules
individuelles, occupées par d’anciens cadres du régime
de Saddam Hussein. Les soixante-cinq actuellement
en procès à Bagdad sont d’ailleurs tous détenus au
Camp Cropper. Lors des passages à
la douche, par groupe de sept, il croise
ainsi Amer Rachid, l’ancien ministre
du Pétrole, et Mohamed Mehdi
Al-Saleh, ancien ministre du Commerce,
atteint de cécité. « Eux
avaient plutôt le moral, mais les Tikritis
(membres de la famille du dictateur)
étaient déprimés et pestaient
contre Saddam. »
D’autant que pas moins de cinq
détenus sont morts de maladie lors
de son séjour. Parmi eux,Mohamed
Hamza Zoubeidi, un ex-Premier ministre,
Adel al-Douri, un leader du
Baas, et cet avocat décédé dans la
cellule voisine de la sienne, un mois
avant sa libération.
Lors des promenades à l’extérieur,
Kubaysi aperçoit, à un jet de pierre,
Tarek Aziz, l’ancien ministre des Affaires
étrangères ou Barzan, le demifrère
de Saddam, et d’autres. Les informations
sont rares: un journal
toutes les trois semaines, un exemplaire
vieux de sept jours dont certaines
pages ont été arrachées.Aussi,
l’arrivée surprise, un jour, de dixneuf
jeunes résistants islamistes,
aperçus à travers les trappes des cellules,
déclenche de bruyants «Allah
Akbar! » (Dieu est grand).
Au cours des rares visites des délégués
de la Croix-Rouge, Kubaysi
proteste: «Vous ne faites que servir
de maquillage aux Américains.Quittez
l’Irak! » Les rares lettres qu’il reçoit
sont partiellement censurées, et les dessins de ses
deux jeunes enfants biffés : « Ils croyaient que c’était
des codes secrets. » Côté contacts, il n’a eu qu’une fois
sa famille au téléphone, le 15 juin, et une visite de son
frère, le 25.
Restent alors ses dernières conversations avec la
CIA, édifiantes tant elles témoignent de l’enlisement
américain.Sans détour, l’officier lui confie que le résultat
des élections irakiennes n’est pas bon : « Les Iraniens
ou les pro-Iraniens, car il ne disait jamais les
chiites, ont gagné. Le pays va vers la guerre civile. »
Au même moment, les Américains réalisent que Kubaysi
a du soutien à l’extérieur, celui du chef radical
chiite Moqtada Sadr, mais aussi du syndicat des avocats
irakiens, et même du Parlement européen qui, tous, demandent
sa libération. C’est le moment où la CIA tente
alors de rallier des leaders sunnites pour faire contrepoids
aux chiites. Et éviter une mainmise de l’Iran sur le
pays.
« Vous êtes connu dans le monde arabe, vous êtes
propre, on a besoin de gens comme vous à qui laisser le
gouvernement. On est dans les tranchées ici, il faut un
changement.
– Mais qui vous êtes? Jamais je n’entrerai dans un jeu
politique dont vous avez fixé les règles !
– On sait que vous ne nous aimez pas,mais on doit remettre
le pouvoir à des gens honnêtes.Vous allez être
bientôt libéré, alors, si vous coopérez, vous êtes le
meilleur candidat pour devenir Premier ministre. Je
vais voir mon chef le 5 janvier à Washington, ça ne dépend
que de vous.
– Je le connais votre cinéma… On ne m’achète pas! »
Dans les jours qui suivent, son quotidien alimentaire
s’améliore. Il reprend du poids.Vient l’heure de la libération.
Un colonel lui tend un document à signer portant
plusieurs engagements,notamment de ne pas aider
la résistance ou de ne pas parler aux médias. « Remettez-
moi en prison pour dix ans, je ne signerai jamais
ça! » Finalement, l’officier se contentera d’un paraphe
au bas d’un: « L’intéressé a pris connaissance des engagements.
»
Quelques minutes plus tard, son frère le récupère à
un carrefour. Et, à la maison, fait tuer vingt moutons
pour son retour. Se reposant aujourd’hui à Annemasse,
Abdul Jabbar Al-Kubaysi conclut : « La seule chose
que m’a apprise ce séjour en prison, c’est la vraie nature
de la démocratie américaine. » Il jure alors vouloir
repartir à Bagdad. « Pour écrire et parler, ce que j’ai
toujours fait, à 63 ans je ne vais quand même pas combattre.
»
الدكتور عبدالاله الراوي
دكتور في القانون وصحافي عراقي سابق مقيم في فرنسا
hamadalrawi@maktoob.com
شبكة البصرة
الجمعة 20 ذو الحجة 1426 / 20 كانون الثاني 2006
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire